بين «وارسو» و«سوتشي»... يكرم المرء أو يهان

السبت 16 فبراير 2019 4:41 م

في الوقت الذي افتتح فيه مؤتمر وارسو بدعوة أميركية لحشد السياسات والصفوف ضد المخاطر الأمنية، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، كان مؤتمر آخر يختم أعماله في سوتشي الروسية، جمع روسيا وإيران وتركيا.
مؤتمر وارسو، ولا تخفى دلالة الاسم الذي كان علماً على المعسكر الشرقي ضد المعسكر الغربي، أيام الحرب الباردة، كانت إيران الخمينية فيه هدفاً عاجلاً لبناء سياسات جديدة وحازمة.
في مؤتمر وارسو عاصمة بولندا بحضور 60 بلداً، الذي انطلق أمس الخميس، أكد نائب الرئيس الأميركي مايك بنس، أنه يجب العمل على مواجهة النظام الإيراني ودعم شعبه، وذلك لأن «النظام الإيراني نشر الفوضى ويقوم بترويع شعبه»، وأضاف «على الأوروبيين التعاون معنا ومع الشعب الإيراني ضد خطر النظام».
أما في مؤتمر سوتشي الروسية الذي انتهى أمس الخميس، فقد هاجم رئيس جمهورية إيران حسن روحاني، أمام الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، بضيافة الرئيس الروسي، بوتين، أميركا لأنها «تدعم الإرهاب».
مؤتمران متناقضان في الوقت نفسه، والاختيار أصبح واضحاً بين الطريق الأميركي، مع سند عربي ودولي، أو الطريق الروسي الإيراني التركي.
سياسات حسن روحاني وقاسم سليماني التي حضَّ وزير الخارجية الأميركي، من وارسو، العالمَ على مكافحتها في الشرق الأوسط، ليست ضارة فقط من وجهة نظر واشنطن الترمبية، بل هي كذلك مدمّرة ومرة قبل وصول، بل ترشح دونالد ترمب للرئاسة الأميركية.
نبع البلاء الأسود، أمنياً وسلماً أهلياً، منذ أربعة عقود على ديار العرب، الخليج والعراق وسوريا ولبنان واليمن، هو من قادة النظام الخميني. هذه تجربتنا الخاصة، وليس إملاءات الغرب وواشنطن خاصة، كما يهذي بعض مثقفي العرب 
«الممانعين» من ديناصورات التاريخ.
عطفاً على كل ما سبق، وغيره، فمصلحة العرب - وليس عرب إيران الخمينية - هي في إنجاح مسار «وارسو» ضد مسار «سوتشي» وغير «سوتشي» من مدن روسيا أو إيران أو تركيا... هكذا الأمر بوضوح تام.
ويا للتاريخ، هل يعيد نفسه اليوم بين معسكرين، لكن هذه المرة ليس بشعارات يسارية شيوعية نقيض يمينية رأسمالية، بل بين كتلة تضم نظامين يرعيان الإسلام السياسي، الشيعي والسني، إيران وتركيا، مع روسيا القومية هذه المرة، ضد كتلة تضم دولاً باحثةً عن السلم والتنمية الاقتصادية البحتة؟
يا للتاريخ وعجائبه حقاً.

التعليقات