إن مرحلة ما بعد السابع من سبتمبر من هذا العام أصبحت تكتسي الضرورة الحتمية في إبراز الأحداث التي لها صلة بمرحلة تنمية عقول المجتمع الجزائري، حتى وإن لم يشاطرني البعض في هذه النظرة. فعبارة "العصابة" المتداولة لم يكن وصفها حقيقيًا ودقيقًا لما وصلت إليه البلاد وما كان يراد بالمجتمع الجزائري. فاليوم علينا أن ندرك أننا كنا نتشبع بالكلمات الرنانة والامتيازات المزيفة، وهم ينهبون ويرسلون إلى خارج الوطن قوت عيشنا، ويلعبون أمام أعيننا الغميضة، ويدّعون التسيير الجيد للبلاد.
فإذا كانت رؤية الجزائر الجديدة في فترة وجيزة قد نجحت في تحويل تسيير البلاد من اتجاه إلى اتجاه آخر محمود، وأصبحت معترفًا بها من طرف المجتمع الجزائري ومن غيره، ومُقتنعًا بها، بات على كل واعٍ بهذا السبيل أن يشارك ويدعم دفع العجلة بفعالية لإنجاز المرحلة القادمة التي تكمل سابقاتها حسب تقديري. وكدليل قاطع لا ريب فيه ما أملته النتائج المنبثقة من الرئاسيات المسبقة للسابع من سبتمبر الحالي، حيث يجب حسن قراءتها من أهل الدراية من الخارج قبل المواطن في الداخل، واليوم تعطيه أكثر توضيح وتفصيل في قراءتها الصحيحة من خلال النضج الانتخابي كما يسميه البعض، أو السياسي، أو قناعة الميدان، أو إخلاص صاحب المشروع.
أما بخصوص النائم والمرفوع عنه القلم سياسيًا، وهذه الفئة كثيرة وتقلل من نسبة المشاركة. أما بخصوص الأوراق الملغاة، فهي لم تتغير كثيرًا بالنسبة لما سبق، وهي خصوصية عندنا بقيت من السوسة المدسوسة التي لم تهضم سير القطار، وتتعلق بنمط التسيير المستورد الذي بدأ تنفيذه رويدًا رويدًا بعد وفاة الرئيس الراحل هواري بومدين. مخطط للسيطرة على الثروات وإنشاء الفتنة في داخل المجتمع، جعل له مقاسًا حسب تركيبة كل دولة من الدول النامية ومجتمعاتها، ولم تفلت منه واحدة. وما نراه في الدول الضعيفة والفقيرة يكفي كدليل لها، فهي تتسول رغم الثروات الطائلة واليد العاملة الوافرة.
يا عهد بلفور، سايس بيكو، جاءت صحوة تفكك برنامجكم، فهل استيقظت هذه المجتمعات؟ أم ما زالت تحتاج دلائل أخرى؟ إنها آتية وقريبًا.