رغم حالة الصمت فإن الواقع من الأحداث الجارية في الشرق الأوسط، وحرب الإبادة الجماعية لشعب أعزل في غزة،، فإن الواقع يتوارى ليس عن معارضيه فحسب بل عن الذين يؤيدونه.، عندما تشعر بحالة الخذلان والصمت العربي تشعر أنك أمام أمة تنهار، وعندما تختلف مع مثقفي هذه الأنظمة أو الأحزاب الممثلة لهم، يبدأ الهجوم عليك مثل كلاب القرية لو دست كلْبًا في الظلام، تنبح كل كلاب القرية دون معرفة السبب ،،؟
إن أطروحة موت الواقع الحقيقي محجوبة دَائِمًا ولا يظهر منها غير السطح، ومن واجب المثقف والكاتب والمفكر الكشف عن الواقع المتواري وأن يكون مثل طائر البطريق الذي يطلق صرخات قبل هبوب العاصفة فيترك الصيادون البحر، فهبوب الرياح بدأت من جنوب البحر الأحمر لتشعل حالة السكون من هجوم( التتار الجدد في الشمال) لتخرج "جماعة الحوثيين" من جنوب الأمة خاضت حرب/ 9 سنوات رغم ذلك، تتحدين لأكبر جيوش العالم في مطلب عادل {أوقفوا الحرب} لقد استطاعت أن تفعل ما لم تستطع جميع الدول العربية أن تفعلة بمنع السفن الإسرائيلية من الوصول الي ميناء [إيلات ] في حالة سكون وصمت من الدول المطلة علي البحر الأحمر.
وأما الذين يعيشون على الأمل الزائف والخداع الذاتي، أو على \"التفاؤل الساذج\" في دول الخليج فهؤلاء تكون الصدمة هي الأعنف عليهم لرفع سقف التوقعات.
الخداع الذاتي هو تقنية بشرية قديمة وأخطر لحظات التاريخ عندما يلوح الواقع ساكنا في المجتمعات العربية المشحونة بالتناقضات وهذا السكون يسبق العاصفة التي تهب وتعصف بالجميع.، هكذا لاح بالواقع قبل أحداث غزة سَاكِنًا مُسْتَقِرًّا لكن خلف ذلك السكون الخادع تختفي تناقضات كارثية انفجرت بعد يوم (7من اكتوبر )عن الواقع والخوف من تلك التناقضات الخفية لم تغب عنا وكانت "محور مقالتنا " عن واقع سينفجر يَوْمًا...،،
ما جدوى وصف الخراب كما يحدث اليوم في الخطاب السياسي...؟ في قبول
الظواهر المرضية المشوهة والمنحرفة في النظام العالمي الجديد ، بلامبالاة ولا مسؤولية أمام محن ومصائب الآخرين. التي قد يكون هو شَرِيكًا وَمُسَاهِمًا في صنعها،
ويعاني من عجز عن قبول رد الفعل في منع[ السفن الإسرائيلية] من دخول البحر الأحمر وتفهم الواقع،،، أن هذا الواقع مقلق ومخيف لقد اثر بالفعل علي نسبة {15 % من حركة التجارة العالمية} بتحويلها بالدوران حول 《رأس الرجاء الصالح》، ويتوقع بعض المحلليين ان تأثر الأوضاع في اتساع العمليات في "مضيق هرمز" واتساع الحرب في دول اقليمية، والفظاعات السلوكية والضحالة الاخلاقية والاحتيال والتمتع بألم الشعب الفلسطيني ،،، على انها مكاسب وانتصارات عكس كل عقل سوي وطبيعي، ويمتلك منظومة مرضية كاملة تبرر وتفسر الوقائع بطريقة مشوهة ورغبية،
لتهدئة المخاوف ولا يشعر بانعكاس أفعاله على الآخرين،
لأنه مفرغ من المشاعر والأحاسيس السوية ومن الضمير لانعدام \"المنطقة من قوة ردع للهيمنة الأمريكية وحلفائها التي انقلبت الموازين لتصبح إسرائيل المهيمنة علي امريكا والغرب، ،،،هذة رسالة لزعماء الصمت العربي، في عام 1965 واثناء إنعقاد الجمعية العامة للامم المتحدة، وبعد انتهاء كلمة/ الزعيم جمال عبد الناصر، جاء الدور علي مندوب "إسرائيل" للالقاء كلمتة خرج (الزعيم ناصر )وخلفة 37 رئيس من دول العالم من قاعة الجلسة تضامنا مع عبد الناصر، فقال سكرتير الأمم المتحدة أظن ان عبد الناصر يحكم العالم،، الحقيقة أبعد ما تكون عن دول تقول شيء وتفعل نقيضة...،
الاستعراض والغطرسة الأمريكية والتباهي ليس دليل ثقة بالنفس بل انهيار هذه الثقة التي لحقتها في شرق اوروبا ويكون الاستعراض تَعْوِيضًا مَسْرَحِيًّا عن غيابها،،
في حين لا يحتاج الواثق بنفسه لاستعراض ولا تبجح ولا تغطرس لان هذه الافعال مكلفة وثقيلة نَفْسِيًّا ومرهقة وتطيح بالبشرية،،
صرخة في منعطف حاسم وتاريخي عندما تنقلب المعايير العامة التي تضبط الايقاع، في النظام الدولي وَالسَّلْمُ الاجتماعي وتنظم سير الدول ويصبح كل شعب له معاييره الخاصة،
يحلل ويحرم، يفعل ويبرر، خارج المعايير العامة حتى تصبح الفوضى سائدة. إن هذه الحالة هي التي تسبق الإنهيار الكلي الذي لا مهرب منه.. وفي لحظة غير متوقعة لأن الأسس متداعية ومنخورة وحدث صغير يفجر كل البناء الهش الذي ينتظر دفعة واحدة لكي يتداعى والناس مطمئنة للسكون والرتابة، بل الأخطر يعتبر هذا العمى بداية انقراض الأمة العربية، لا أحد يرى الظواهر الشاذة والمنحطة لأنها مكررة ويومية وهناك قبول للاسف من دول عربية ومساندة ودعم بعد فقدان المصدات والحواجز الرادعة وكمثال:
لا أحد مع الوقت يسمع هدير محركات السفن الحربية في البحارالعربية أو مرور فرقاطة، في اعتقادي الشخصي الامة العربية اصيبت بالعمى الإجتماعي والثقافي، وحده يكفي لانهيار مجتمع، فكيف إذا إجتمع مع العمى العقلي ،،
السؤال ليس هل يحدث الإرتطام النهائي أم لا..؟
بل السؤال هو متى..؟
هذا النوع من التداعي والانهيار قد يحدث في لحظة سكون يظهر سطح الواقع فيه هَادِئًا وَآمِنًا وَعَادِيًّا ،، وهو السطح المموه والخادع كما حدث في كل مراحل تاريخنا الحديث ثم جاءت العواصف السياسية والحربية،
وهو ما لا يستطيع الخطاب السياسي الانشائي الفارغ توقعه ورؤيته،،،هذه وظيفة،،الكاتب واصحاب الفكر والأدب والفن: هي أخطر لحظة لأن ما بعدها الطوفان، هي اللحظة التي لا أحد يسمع (صراخ البطريق )وهو يحذر من قدوم العاصفة، إذا كان الصيادون سكارى والساحل سَاكِنًا والبحرُ صَامِتًا لقد\" ولد الذئب \"من الجهل والصمت والرتابة والطمأنينة الزائفة وسيلتهم الجميع يَوْمًا كما حدث مرات في تاريخنا البعيد والقريب.،،،،!!
محمد سعد عبد اللطيف
،كاتب وباحث مصري في الجغرافيا السياسية ،