في السنوات الأخيرة أصبح رقص العروسة ليلة زفافها ، شيء طبيعي ،أمام جمهور المدعوين إلى حفلة الزفاف.، دون حياء كما كان معتادا من قبل وأصبحت عادة منتشرة.،
يقول المفكر والفيلسوف المصري والمثير للجدل في الأوساط الثقافية ، والتاريخية ، والدينية عن هذه الظاهرة...،
(العروس) تعكس بهز أردافها علانية وسط الجمع، التردي الذي لحق بمفهوم الأنوثة.
ليس من قبيل الصدفة، أن فجر الحضارات الإنسانية على اختلاف، أماكنها، شهد اشتراكا بين البشر في عبادة آلهة مؤنثة وارتباط بين النساء والقداسة والكهانة. فكانت "الربة هي المعبودة في مصر القديمة" باسم إيزيس، وفي العراق القديم باسم "عشتار وإنانا"، وفي سهول الشام والأناضول باسم "الأم العظيمة"، وفي اليونان باسم "أرتميس" وأثينا.
وفي هذه الفترة المبكرة \"التأسيسية\" للحضارة، كانت النساء صورة أرضية للمعبودة العلوية، والفارق بين المرأة والربة الإلهة هو أن الأولى تحتاج رجلا كي تنجب، أما الإلهة فيمكنها ذلك من دون التماس مع الذكر على النحو الذي رأيناه في قصة إنجاب إيزيس (است) لحورس (حور) بعد موت زوجها أوزيريس (أوزير) وفقدان عضوه الذكرى.
وفي إنجاب الإلهة السومرية القديمة ننخر ساجيا \"لابسو ونمو (الماء العذب والماء المالح وتعامت (الأرض) حسبما ورد في الإنوما إيليش أسطورة الخلق السومرية البابلية... وكلمة أسطورة لا تعنى الأوهام والخرافات وإنما المسطور المكتوب.
وأدت هذه التصورات الأولى، إلى النظر نحو المرأة بشيء من التبجيل الذي ظهر أثره فيما لا له من أمثلة، أشهرها ليلة زفاف الرجل.. حصر الزوج إلى المرأة، حيث ترتدى العروس الثوب الأبيض وتضع على رأسها التاج وتجلس بوقار مقدس باعتبارها في تلك الليلة، هي الصورة الأقرب للمعبودة العليا...،
ولهذا فإنه من الخزي الجهول المعاصر، أن العرائس اليوم في بلادنا صرن يرقصن بأردافهن أمام الحاضرين في حفل الزفاف، بعد ألوف السنين من جلسة الوقار المرتبطة بمفهوم الأنوثة المقدسة الواهبة المؤلهة...،
فإذا بالأنثى العروس) في أيامنا الحالية تعكس بهز أردافها علانية وسط الجمع، التردي الذي لحق بمفهوم الأنوثة. إذ صارت قرينة الإثارة الغريزية فقط، فإذا بالعروس تعبر عن فرحها بالرقص، جهلا منها وعمى عن رؤية طبيعتها البهية ليلة العرس...،،
ويستعرض الدكتور /زيدان في رؤيتة التاريخية ..عن
"الأنوثة الواهبة"
حيث يقول :-
ظهر مفهوم "الأنوثة الواهبة" وتشكل فى أذهان البشر منذ زمن مبكر، وانعكس في رسوم الكهوف، ويعود تاريخ هذه الرسوم إلى خمسين ألف سنة، وقد استمرت هذه الرسومات الأولى قرابة عشرة آلاف سنة، وهي الفترة التي سكن فيها الإنسان الكهوف قبل تجواله فى مواضع الخضرة والكلأ للرعى وقبل استقراره على ضفاف الأنهار للزراعة....،
حيث رسم إنسان الكهوف صور الحيوانات التي كان يسعى لاصطيادها، ورسم ايضا صورًا متقاربة الشكل، على الرغم من تباعد أماكنها، لامرأة بدينة عظيمة الصدر والأرداف. وهو ما يعكس رؤيته للأنوثة، ليس بوصفها موضعا لإطفاء شهوته الجسدية، وإنما باعتبارها الفياضة بحليب الرضاعة، والواهبة للأطفال. وقال :-
لن نجد في رسوم الكهوف صورًا لامرأة" لعوب" يتناوب عليها الرجال، ولا صورًا تمثل العملية الجنسية. بل لا نجد في رسوم الكهوف المبكرة أصلا، صورًا للرجال . "
وبعد صورة الأنثى الواهبة المرسومة على جدران الكهوف المتباعدة جغرافيا، بالمواصفات ذاتها، ظهرت فى أزمنة الاستقرار الأولى تماثيل بدائية الصنع لامرأة بالغة البدانة، ولم تصلنا من هذه الفترة المبكرة تماثيل للرجال. فما السر في ذلك...؟
حين تعقل الإنسان الأول ما حوله، وحين اجتمع البشر وتعاونوا على الصيد وعلى الزراعة، أدرك الرجل أن المرأة كائن فيه" سحرية وغموض." فهى تريحه من شدة الاشتهاء والإلحاح الحسي، كمكافأة، وتتولى بالفطرة تربية الأطفال، ويتبدل شكل الجسم مع الحبل فيتخذ هيئة الدائرة أكمل الأشكال الهندسية ومع الإرضاع. ثم يعود سيرته الأولى، فيسيل من باطنه كل شهر السائل المقدس الذى هو سر الحياة "الدم"
لماذا تجنب يوسف زيدان طرح الموضوع من الناحية الدينية.. رغم انة من أسرة صوفية...؟!
وهنأ أطرح سؤالا على الدكتور يوسف زيدان
من وجهة نظر هيجل...؟؟
هل يتفق الدكتور يوسف مع رؤية هيجل...؟
يعد الدين في نظر هيجل جانبا أساسيا من الثقافة الإنسانية وعاملا حاسما في تطور المجتمعات والدول الإنسانية...!! ويرى أن الدين ليس مجرد شأن خاص للفرد، بل هو ظاهرة عامة واجتماعية تلعب دورا هاما في حياة المجتمع والدولة...، الدين، بالنسبة لهيجل، هو شكل من أشكال الوعي يكتسب الناس من خلاله فهم للروح المطلقة أو الإلهية...،
ومن المعروف ترتبط فلسفة هيجل الدينية ارتباطا وثيقا بفلسفته في التاريخ. كان يعتقد أن تقدم التاريخ البشري هو مظهر من مظاهر مشيئة الله وانكشاف الروح المطلق في العالم، وينظر إلى الدين، في هذا السياق، على أنه مرحلة محددة في تطور الروح المطلق. ومن خلال الدين تصبح الروح واعية بذاتها. لكن هذا الوعي يتطور مع مرور الوقت...!!
هل أصبح رقص العروس ليلة زفافها تطور مع مرور الوقت...؟!
محمد سعد عبد اللطيف
كاتب وباحث مصري في الجغرافيا السياسية