نواب العزاءات .. ونواب العزومات

الأحد 21 نوفمبر 2021 4:06 م

حضرة نائب الدائرة المُوقر .. في عزاء فلان إبن فلان ، لا لا إنه مدعو في وليمة غداء لدي سيد من السادات ، نود الإتصال بمعالي النائب لأمر هام ، ولكن كالعادة نجد تليفون نائبنا البشوش ، مُغلق معظم الوقت ، ثم إن سعادة النائب يترفع عن إستقبال مكالمات الأرقام الغريبة أو التي مصدرها فقير أو ضرير أو أجير ، إضطر أن يستنجد به من كرب أو فاجعة ألمت به !
وأحياناً يضطر سيادة النائب أن يرد علي هاتفه لثواني معدودة ، كاظماً غيظه مُطفئاً غضبه ، مُعتذراً لذلك البائس الفقير الذي ألحَ في الإتصال به ، مُتعللاً له بإنشغاله إما في عزاء أو في حفل غداء أو إفطار رمضاني لدي أحد الشخصيات الهامة بالدائرة !
 كان الله في عون معالي النائب ، الذي يزعم أنه أبو الواجب ، وإن كان يؤدي الواجب لدي أشراف دائرته فقط لاغير .. أما مساكين الدائرة وفقرائها وأصحاب الشأن الهيِنْ بها ، فلربما أن نائبهم لا يتذكرهم إلا مع إقتراب كل دورة إنتخابية لكي يساندوه بأصواتهم ، رغم تهميشه لشأنهم لسنوات وسنوات ! 
النائب شغوف بالشُهرة .. لديه ولعْ بالظهور وسط الجموع والجماعات ، ماسكاً لمسبحته ، مرتدياً بدلته الكاملة أو جلبابه البلدي ومن تحته الصديري ، كأمارة ودليل للبسطاء أنه واحد منهم ، يحاول إقناع المساكين أنه فلاح إبن فلاح ، وأنه منهم ، وأنه بينهم وُلِدَ وترعرع ، وبفضلهم أصبح السياسي والبرلماني .. النائب يناضل بلسان النفاق مؤكداً أنه لم يتغير بعدما أصبح عظيم الشأن ، مؤكداً لأهل دائرته أنهم سبب الخير الذي هو فيه ، رغم أنه لايسعي لجلب الخير لهم !!
الإبتسامه لا تفارق وجه نائب الوعود الكاذبة ، الذي يزعم بأن حديثه يخرج من قلبه قاصداً قلوب الجماهير الغفيرة !
ومن الطبيعي أن حضور نواب البرلمان لعزاءات وعزومات أصحاب الجاه ، هو حضور مصلحة فقط لاغير ، كي يضمن النواب مساندة أهل النفوذ لهم في كل دورة إنتخابية ، ربما بالمال أو بالتأثيرعلي الضعفاء بالخروج لتأييدهم !
 فكيف تُهمَل مصالح الخلائق من قِبَلْ نائبهم، المُنشغل بإطعام بطنه من كافة الأطعمة الفاخرة المتراصة علي موائد النبلاء ، أو صار منشغلاً بجمع حاشيته والتجول في العزاءات والأفراح وعقائق المواليد وغيرها من المناسبات ، كي يُبرهن النائب للجميع أنه موجود بينهم !
إن ممثل الدائرة لو حرص علي مواساة المُصاب الذي نفقت جاموسته أو حُرِقَ بيته أو فقد فلذة كبده ، أو أنه سعي لخلق فرصة عمل لشاب تخطي الثلاثين عاماً ويزال جالساً علي مصطبة البطالة ،لكان أنفع للناس من الظهور بأفخم الثياب في عزاءات الأثرياء ، بل إن نائب المستضعفين لو سعي بنفسه أو كلَف غيره بمؤازرة المرضي وتوفير سبل العلاج لهم ، لما اُسيئ إستقباله ، ولما تعرض لمواقف محرجة أو حاول البعض أن يحطَوا من كرامته ، فليت أن نواب مصر يدركون أن السعي لتطوير خدمات دوائرهم  أعظم أجراً من السعي وراء العزومات والعزاءات !!

التعليقات

الأكثر قراءة

كاريكاتير

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر