هي الجبلةُ اليهوديةُ الخبيثةُ، والطبيعةُ الصهيونيةُ العنصريةُ، والفطرةُ الإسرائيليةُ العدوانيةُ، التي لم تتبدل قديماً ولم تتغير يوماً، ولم تتراجع كياناً أو تختفِ شتاتاً، بل تتأصل دولةً وتتجدد حديثاً وتتنوع أساليباً، وتتوارثها أجيالاً وتتواصى عليها عهوداً، وينشأ عليها أبناؤهم ويموت مؤمناً بها آباؤهم، ويحرص عليها شيوخهم وتحرض عليها نساؤهم، إذ تغذيها عقيدتهم المنحرفة، وترويها أساطيرهم الخرافية، وتحافظ عليها تعاليمهم التلمودية الحديثة ووصاياهم التوراتية القديمة.
إنهم خلقٌ ساديون أنانيون، ضالون منحرفون، شاذون غريبو الأطوار، يرون أنفسهم أرفع قدراً من غيرهم، وأسمى مكانةً من سواهم، ويعتقدون أنهم أسيادٌ نبلاءٌ وغيرهم عبيدٌ وأجراءٌ، وأن الخلق جميعاً كالحيوانات قد خلقوا لخدمتهم، وسخروا لقضاء حوائجهم، فلا ضير في استخدامهم واستعبادهم، ولا عيب في سلخ جلودهم أو كي ظهورهم، أو تعذيبهم وقتلهم، فهم كما يقول حاخاماتهم ليسوا إلا صراصير ضارة أو أفاعي سامة، ينبغي قتلهم أو حبسهم في قنينةٍ حتى يأمنوا شرهم ويسلموا من أضرارهم، ويموتوا فيها جوعاً أو خنقاً.
إنهم لا يرون جريمةً في قتل غيرهم، ولا يحاسبون أنفسهم إن قتلوا سواهم أو عذبوا أحداً من غير دينهم، ولهذا فهم لا يرون قتل الفلسطيني جريمة، أو الاعتداء عليه عدواناً، أو طرده من بيته والاستيلاء على أرضه ظلماً، ويعيبون على كل يهودي يستطيع قتل عربيٍ ويتأخر، ويجبن عن إلحاق الأذى به ويتردد، وقد كانت أمهاتهم قديماً يتفقدن نصل سيوف أولادهن عند عودتهم، فيفرحن إن كان به آثار دماءٍ وبقايا قتلٍ، ويحزن إن عادوا بلا قتلٍ أو ظفرٍ.
لا سبب عندهم للقتل سوى القتل والإفساد في الأرض، وترهيب الفلسطينيين وترويعهم، أو تخويفهم والتضييق عليهم، وأكثر من ذلك وأدهى، وأشد منه فحشاً وأسوأ فعلاً، ما اعترف به جنودهم ووثقه بالشهادة ضباطهم، أنهم يتسلون بقتل الفلسطينيين وإطلاق النار عليهم، ويتراهنون فيما بينهم على دقة الإصابة وعدد الأهداف، ويتسابقون في تسجيل النقاط وتحقيق الإصابات، ويوثقون جرائمهم بالصورة والصوت، ويتبادلون الصور ويرسلونها بفرحٍ إلى أسرهم وعائلاتهم، ويتباهون بها أمام زوجاتهم وعشيقاتهم.
فقد كشفت بعض الجهات المعنية بفضح هذه الخروقات وكشفها، وتوثيقها وتسليط الضوء عليها، صوراً معيبة ومشاهد مهينة، لجنودٍ يلتقطون صوراً لأنفسهم إلى جانب فلسطينيين مقيدين بالأصفاد ومعصوبي الأعين، وهم يتهكمون عليهم ويهزأون بهم، أو يضربونهم ويركلونهم، أو يطفئون أعقاب السجائر في أجسادهم، وأصواتهم واضحة وهم يتضاحكون ويتبادلون النكات والتعليقات العنصرية الساخرة ضدهم، ويبدو إلى جانبهم أحياناً ضباطٌ برتبٍ عالية، لا يعترضون على أفعالهم، ولا يوبخونهم على ارتكابها، بما يعني موافقتهم عليها ومباركتهم لها.
ويعترف بعض الجنود أنهم يقومون بهذه الأعمال وغيرها تبديداً للصمت، وتزجيةً للوقت، وترويحاً عن النفس، وإشباعاً للرغبات، وتحدياً لبعضهم، فتراهم يطلقون كلابهم الضارية على المارة من النساء والرجال، ويتركونهم ينهشون أجسادهم ويمزقون ثيابهم دون أن يحركوا ساكناً لجرهم ومنعهم، والأدهى من ذلك أنهم يطلقون كلابهم أحياناً على الفلسطينيين المقيدين على الحواجز، والمعصوبي الأعين في مراكز الاعتقال أو على البوابات والمعابر، في الوقت الذي تتعالى فيه ضحكاتهم، وتعلو فيها أصواتهم فرحاً وسعادةً.
وآخرون يطلقون النار على الفلسطينيين عمداً، لا لسبب إلا ليروهم وهم يسقطون على الأرض، بدعوى أنهم يثيرون شبهةً أو يحملون أدواتٍ حادةٍ، فيطلق بعض جنودهم النار على أطراف الفلسطينيين، ويضحكون عليهم وهم يترنحون، أو تنزف دماؤهم ويتوجعون، أو يطلقون بقصد التسلية والتجربة قذائف مدفعية وطلقاتٍ ناريةٍ كثيفةٍ على الفلسطينيين في مزارعهم، أو المقيمين قريباً من الأسلاك الشائكة والأسوار الفاصلة بينهم، وقد اعترف بعض الجنود أنهم لا يبلغون عن هذه الحوادث، ولا يخبرون قيادتهم عنها، كونها أحداثاً للتسلية وأفعالاً للترويح عن النفس، حتى ولو كانت سبباً في إزهاق أرواحٍ بريئة، أو حرق وتخريب محاصيل زراعية.
واعترف العديد من فتية التلال وأفراد العصابات الصهيونية ومجموعات المستوطنين الهمجية، أنهم يتنادون فيما بينهم، ويجمعون أنفسهم في ليالي الصيف الحارة، وغيرها من ليالي الشتاء الباردة المظلمة، ويغيرون على البيوت الفلسطينية فيشعلون النار فيها، أو يكتبون عباراتٍ عنصريةٍ على جدرانها، أو يضعون علاماتٍ مستفزة على أبوابها، وغيرهم يلجأ إلى تكسير زجاج نوافذ البيوت، أو تحطيم السيارات وطعن دواليبها وبقرها، أو حرق أشجار الزيتون وخلعها، قبل أن يعودوا إلى بيوتهم ومستوطناتهم، وهم يشعرون بالفرح والزهو أنهم خربوا بيوت الفلسطينيين ودمروا ممتلكاتهم، وعاثوا فساداً في حقولهم وبساتينهم.
يكذب الإسرائيليون عندما يقولون أنهم يدافعون عن أنفسهم، أو يحبطون أعمالاً تشكل خطراً عليهم، أو يصدون الفلسطينيين ويمنعونهم من الاعتداء عليهم، بل هم يمارسون بكل فئاتهم، جنوداً ومستوطنين وطلاباً ومتدينين، هواية القتل ومتعة إيذاء الفلسطينيين والتلذذ بعذاباتهم، ولا يخفون حقيقة دوافعهم، ولا يترددون في تعميم صورهم ونشر مشاهدهم، التي تعبر عن حقيقة إجرامهم ومرض نفوسهم، وخبث ضمائرهم وعفن طباعهم، التي يسكت عنها قانونهم، وتغض الطرف عنها شرطتهم، ويعفو عنها قضاؤهم، رغم أنها سادية مفرطة، وعنصرية مقيتة، وعدوانية متوحشة.