مصر والجزائر في ليبيا.. الصوت والصدى

الأحد 21 يونيو 2020 6:33 م

بلغت الأزمة الليبية ذروتها، الأمر الذي يشي بانفراج بات وشيكاً عبر عمل عسكري مدمَّر يُفْضي إلى حل سياسي، ليس لأن الأطراف الليبية المتقاتلة تنطق اليوم بلغة البارود، وإنما لدخول مصر ـ الحلقة الأخيرة في استهداف العالم العربي، وهي الأقوى عسكرياً ـ على خط تحديد مسار مستقبل ليبيا بشكل مباشر، وبذلك يتم إشغالها بحروب على عدة جبهات (دينية، مائية، أمنية، اقتصادية، جغرافية، وجيو ـ استراتيجية).

القاهرة تعتبر نفسها اليوم صاحبة الشرعية في الدفاع عن أمنها القومي، وهي محقة في رؤيتها وموقفها، ولكن كيف سيتم لها ذلك، ومن بين الأهداف الأساسية للوجود العسكري التركي: استنزاف مصر في حرب داخل ليبيا، حتى لو اكتفت مصر بدعم مجموعات ليبية لحماية أرضها من الاستعمار الجديد؟

غير أن التدخل العسكري التركي يُشكل خطراً مستقبلياً ــ مهما بدا اليوم مُختفياً ـ لدول الجوار الليبي، وخاصة الجزائر، وقد سبق أن ذكرت ـ في نوفمبر 2015 ـ أنه من أسباب الخلاف المصري ـ الجزائري حول ليبيا « تمصير» الأزمة و«جزأرتها»، وأظن أن هذا لا يزال قائماً، وقد أدى ذلك إلى تواجد قوى خارجية في ليبيا، منها: المشاركة بقوة مثل تركيا، ومنها: المنتظرة لمعرفة المنتصر والمهزوم حتى إذا وضعت الحرب أوزارها ـ ولو بشكل جزئي ـ أخذت نصيبها من غنيمة التواجد، مثل: فرنسا وإيطاليا، وألمانيا، ناهيك عن مصالح أخرى لحلف الناتو، ومنها: المتفرجة والمؤيدة لحرب بالوكالة، على النحو الذي تظهره أو تُبديه روسيا والولايات المتحدة الأمريكية.

على خلفية ذلك، يفرض حل الأزمة الليبية من جهة، وحماية البعد الأمني الوطني وحتى القومي على مصر والجزائر التنسيق بينهما، وإلا فستكونان في المستقبل ـ الذي أراه قريبا جداً ـ في مأزق داخلي ـ محلي، حتى لو تدخلت مصر عسكرياً ـ وهذا ما يراد لها من قوى الشر المختلفة، خاصة إسرائيل ـ وأيضاً حتى لو ظلت الجزائر جانحة لسلم يفرضه بالقوة الجار الليبي ـ التركي الجديد.

لذلك كله، على القاهرة والجزائر إدراك حقيقة مهمة، مفادها: أن ليبيا ليست جسراً للعبور بينهما لكي تصلا إلى تحقيق مصالحهما الوطنية، وإنما كانت وستبقى حضناً دافئاً يجمع بينهما، ولا يقبل ـ مهما كانت الدوافع والأسباب ـ أن يشاركهما أحد فيه، ولذلك عليهما أن تدركا أنهما الأحق بإطلاق الصوت وترديد الصدى، بغض النظر عن أيهما تكون في الموقع الأول، وأيهما في الثاني.

التعليقات

الأكثر قراءة

كاريكاتير

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر