على غرار تنظيمات الدول و سياساتها في قارة أوروبا وآسيا وجنوب أمريكا و أفريقيا مقارنة بما تطمح إليه دول الشرق الأوسط تحت شعار توحيد الأمة العربية و التمسك بنفس المنهاج التنظيمي الساري زيادة على ما تمليه الساحة الدولية من تغيرات على كل الأصعدة. يكون مِنَ الصعب حل معادلة مشتركة أو مقاربة في ظرف وجيز و يَتَحَتم أن يجعل لها (أي المعادلة) متسع من الوقت حتى و لو كان الظرف مواتي و ثمين لتجسيد هذا المطلب. لكن البحث على هذه المقاربة في وقت مشحون بعوامل مفقودة من ضمانات الأمن و الضبابية اتجاه ميزان القوة المجهول أو ربما ممزوج بالخوف من ما يكون في المستقبل، يتطلب نوع من التَرَيُث و في حالة المبادرة يعتبر تحدي و ربما مغامرة إذا كانت خالية من عدم الدراسة الوافية و الثقة المتبادلة.
حقيقةً هو طموح مشروع مفيد للأمة العربية في هذا الظرف بالذات من لَمِّ الشمل و توحيد الكلمة العربية في سياق سياسي و اقتصادي و ثقافي و أمني و حتى استراتيجي لتبلور كتلة إقليمية لها وزنها في الساحة الدولية، لكن هل نستطيع إيجاد معادلة تسمح بتخليصنا من الإرث الغربي المسلط علينا بإحكام منذ ساسي بيكو في عشية و ضحاها و اتفاقية إبراهيم ليست ببعيدة ؟ أعتقد أن حل هذه المعادلة يتطلب الأخذ في الحسبان الكثير من العوامل التي تفيد التقارب بين الأنظمة. منها ضمان الاستقرار الداخلي التام و درجة الوعي بالموضوع عند الشعوب بتبنيه و بالتجنيد لكل محاولة من شأنها أن تخل بالدولة داخليا و خارجيا و هذا من بين بعض الشروط الأساسية.
إن تمني هذا المسعى عند الحاكم العربي موجود أو هو مشروع في التنفيذ للبعض و التطلعات بالتفتح نحو الحرية عند الشعوب متوفرة بكثرة و مواتية. تبقي المعاملة بالحكمة بين الحاكم و المحكوم و التعاون بين الدول على أساس معطياتها المحلية و ظروفها بصفة عامة. ليس النظام الجمهوري أو الملكي هو الأفضل فها هو الإتحاد الأوروبي كنموذج استطاع توحيد رؤية تخدمه و جعلت له مكانة مرموقة في المعمورة رغم تنوع أنظمته و عقيدته. عكس ما يوُجد في الدول العربية من عوامل مشتركة توحدها أكثر مما تفرقها (الدين - اللغة – العادات - إلخ...) يبقى التخلص من نقص الثقة بالنفس الذي نتجت عنه عدم المبادرات و الإبداعات رغم أن الإمكانيات موجودة ماديا و بشريا و هي مستغلة من الغير و ندرك أننا بإمكانياتنا المتوفرة أن نعمل ما نريد دون التسول عند الغير و أن نسخر أو نقتني ما نشاء بكل كرامة و بكل اعتزاز. من هنا تظهر المعجزة من خلال الثقة بالنفس و التوكل على القادر.
إذا كانت الجزائر أخذت على عاتقها هذا المسعى المقدس بشكل رسالة مفتوحة للعام و الخاص لشعوب القطر العربي من خلال مخرجات جدول أعمال قمة الجامعة العربية الواحد و الثلاثين و التي نقرأ :
احترام سيادة الدول و تثمين جهودها في التقدم
العمل على محاربة إزالة التوترات و النزاعات
تثمين كل عمل جماعي بين الدول و المساعدة في تطويره
فتح قنوات الاتصال للمواطن في جميع الدول العربية
الاستعداد بالتزام بنود الاتفاقيات و القوانين الموصولة بها