إن النسبة العالية من السكان و خاصة الشباب في الدول النامية و عدم التحكم الجيد في التسيير و هشاشة الاقتصاد أدى كله إلى التضخم و البطالة يجعلها تلجئ إلى التخلص من المطالبة بالعمل من الفئة الشبانية و ضغط الشارع. فتلجئ إلى سياسية تشغيل هذه الفئة كحل مؤقت على حساب الخبرة التي جاءت بعد ممارسة طويلة في العمل و تحكم العامل من الإدغام الجيد و الفنيات في مهنته. فيحال هذا الأخير على التقاعد المسبق بقانون يساعد على ذلك.
في حقيقة الأمر لا الدولة مستفيدة من التحكم في جودة ما ينتج بصفة عامة أو بالمردود الجيد في العمل العمومي و لا العامل نفسه الذي عندما يتربع على العمل بالخبرة يجد نفسه على التماس و هو بمقدوره إعطاء المزيد الثمين بمردود أكثر كإضافة مفيدة للدولة و لمَنْ حوله. وفي سياق آخر ترى أمامك ضرورة التكفل بأولاد البلاد قبل أن تغمرهم الهجرة لبلدان تستفيد منهم بأرخص ثمن بعمل أقل ما يقال عنه أنه من الدرجة الدنيا. و بين ذاك و ذاك، تبرز حكمة و وطنية المسير و قدرة تكفله بالموضوع باستعمال الوسائل و الطرق على حسب المحيط المعيشي و الوسائل المتوفرة ، تتصدى الدولة لظاهرة البطالة التي في الحقيقة تحكمها عوامل كثيرة لا تحل بخاتم سليمان.
من بينها في المقام الأول جهل المجتمعات و الاتكال على ما يأتي من الخارج و إن كان ما تحتاجه موجود و أجود و أرخص و التعلق بما هو مغري من الغير و إحباط ما هو موجود. زد على ذلك عدم التفتح و عدم تزويد المجتمعات بما يفيد الغير من إعلام و تشويش و جعل الفرد في هذه لبيئة لا يعمل و ينتظر ما ينفق عليه و إن أراد التخلص من الكسل يجد أمامه أسطول من العراقيل تجبره على فقدان العزيمة و الرجوع إلى الخمول.
لو نسرد بعض الأمثلة، عند ما ترى نسبة البطالة في بعض الدول كالجزائر و السودان و غيرها مقارنة بخيراتها و أرضها تتعجب و يظهر لك عامل سوء التسيير المدبر من الغير جليا و من جانب أخر شركات من دول تريد و تحرص على فك العمل الاستثماري و تريد أيضا من خلال بنود العقد إدراج اليد العاملة البسيطة لأن العامل المحلي غير متعود على العمل كعمل واجب و مصدر قوته. هذا كل ما يعمل عليه بشراسة مَنْ له موازن القوة العالمية حتى يبقى مسيطر ذهنيا و ماديا و في نفس الوقت يجلب اليه كل مغريات للفئة الشابة لهذه الدول الضعيفة لتوجيهها للخروج عن طريق الهجرة في شغل محفوف بالصعوبة و الدناءة ليكون هو الرابح على كل الأصعدة.
دائما كمثال السلطة الحالية في الجزائر عازمة على تطور البلاد في كل الأصعدة و بسط الشفافية و العدل، أما الشقيقة السودان فهي في مخاض و حتى بعض البلدان التي لم تصل الى تصفية نفسها بنفسها و تتطرق الى معالجة مثل هذه الظواهر، نطلب الله لها و لسائر الدول التي يعيش شعبها الفقر و الحرمان الأمن و الأمان.