تعديلات ضرورية
تزايدت المؤشرات على أن منظمة أوبك تدرس تغيير سياساتها للتأقلم مع التغيرات المتسارعة في أسواق الطاقة العالمية.
وتشير اقتراحات السعودية بوضع مقاييس جديدة لتحديد موعد تحقيق التوازن في سوق النفط إلى تغير في أهداف أوبك بشأن اتفاق تخفيضات الإنتاج الذي حقق تقريبا هدفه المبدئي المتمثل في تقليص المخزونات المتضخمة.
وخفضت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وروسيا وتسعة منتجين آخرين إنتاج النفط اعتبارا من مطلع العام الماضي بمقدار 1.8 مليون برميل يوميا، بهدف خفض المخزونات في الدول الصناعية الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى متوسط خمس سنوات.
ونزولا من مستوى قياسي بلغ 3.1 مليار برميل في شهر يوليو 2016 انخفضت مخزونات دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى 2.851 مليار برميل في ديسمبر الماضي، مسجلة تراجعا بنحو 216 مليون برميل خلال عام 2017، وهي الآن تزيد على متوسط خمس سنوات بمقدار 52 مليون برميل فقط وفقا لبيانات وكالة الطاقة الدولية.
ولعل ما ساعد أوبك وحلفاءها هو أن متوسط الخمس سنوات هدف متحرك، وقد ارتفع هذا المتوسط حتى منذ تطبيق قيود الإنتاج. وقفز المتوسط إلى نحو 2.86 مليار برميل في سبتمبر 2017 من نحو 2.73 مليار برميل عندما جرى توقيع اتفاق خفض الإمدادات في أواخر عام 2016.
ويرى بول هورسنل مدير أبحاث السلع الأولية في بنك ستاندرد تشارترد البريطاني أن “الهدف يزداد سهولة بمرور الوقت بعد فترة من الفائض، نظرا لدخول المزيد من سنوات الفائض” في حسابات متوسط المخزونات.
لكن مع تغير هدف مخزونات دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، تغيرت كذلك طريقة تفكير السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم والتي عملت مع روسيا على صياغة الاتفاق العالمي لخفض الإمدادات.
ويؤكد وزير الطاقة السعودي خالد الفالح على ضرورة أن تدرس منظمة أوبك وشركاؤها معايير مثل مخزونات الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والنفط المخزن في وحدات التخزين العائمة والخام المنقول، في إطار بحثهم في مستقبل الاتفاق الذي ينتهي سريانه في نهاية العام الحالي. غير أن هذه المعايير يصعب مراقبتها.
على أوبك وحلفائها تذكير السوق باستمرار أن تحالفهم ليس مجرد زواج مصلحة وأنهم لا يفكرون في الطلاق
ويفوق الطلب على النفط في الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الاستهلاك في دول المنظمة منذ عام 2014. لكن المخزونات في الدول غير الأعضاء عادة ما تكون أصولا استراتيجية لا تجارية مما يجعلها أقل وضوحا ويضعف فرص تغيرها مع حدوث تغيرات في العرض والطلب.
ويرى الفالح أن من الأفضل أن تتجاوز السوق التوازن بما يعني السماح لمخزونات دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بالانخفاض إلى ما دون متوسط خمسة أعوام بدلا من إنهاء اتفاق تخفيضات الإنتاج في وقت مبكر جدا، في إشارة جديدة إلى احتمال تمديد أجل الاتفاق.
ولتقييم ما إذا كان العرض والطلب حققا توازنا مستداما، يمكن لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية قياس كمية النفط المخزنة بعدد أيام الطلب التي تغطيها. فذلك سيظهر ما إن كان الاستهلاك كافيا لعدم إعادة بناء المخزونات.
ويعادل حجم مخزون النفط في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الآن ما يكفي لتغطية 61 يوما من الطلب المستقبلي وهو أدنى مستوى منذ فبراير 2015.
وفي عامين حتى منتصف 2014 عندما سجل سعر النفط نحو 115 دولارا للبرميل، ظل عدد الأيام التي تغطيها مخزونات المنظمة دون 60 يوما.
وعندما وقعت منظمة أوبك وشركاؤها اتفاق خفض الإمدادات في أواخر نوفمبر 2016 عقب انهيار أسعار النفط، كانت مخزونات المنظمة تغطي نحو 64 يوما من الطلب.
لكن قياس التغطية المستقبلية ربما لا يساعد منظمة أوبك كثيرا في تحديد الوقت المناسب لإعادة فتح صنابير النفط في ظل ارتفاع إنتاج الولايات المتحدة ومنتجين آخرين خارج أوبك.
وقد كبح ذلك أسعار النفط عند نحو 65 دولارا للبرميل في الوقت الراهن، بعدما صعدت من مستوى دون 30 دولارا للبرميل في بداية عام 2016.
وتقول وكالة الطاقة الدولية إن منتجي النفط غير المشاركين في اتفاق خفض الإنتـاج رفعوا إنتاجهم بنحو 700 ألف برميل يوميا في 12 شهرا حتى يناير الماضي. ومع أخذ ليبيا ونيجيريا عضوي أوبك المعفيين من قيود الإنتاج في الحسبان، ستصل الزيادة الإجمالية في الإنتاج إلى نحو 1.4 مليون برميل يوميا.
وفي المقـابل، نما الطلب العالمي بنحو 1.6 مليون برميل يوميا في 2017. وتتوقع أوبـك أن ينمو الطلب العالمي بمقدار 1.59 مليون برميل يوميا في عام 2018 مقارنة مع توقعات وكالة الطاقة الدولية لزيادة قدرها 1.4 مليون برميل يوميا. وتتوقع أوبك أيضا نمو الإمدادات خارجها بمقدار 1.4 مليون برميل يوميا في 2019 مقارنة مع توقعات وكالة الطـاقة لزيادة قدرها 1.7 مليون برميل يوميا.
ويعتقد تاماس فارغاس المحلل لدى بي.في.أم أويل أسوشيتس أن على أوبك وشركائها “تذكير السوق باستمرار بأن التحالف الذي جرى تشكيله في نهاية عام 2016 هو أكثر من مجرد زواج مصلحة وأنهم لا يفكرون في الطلاق حتى بعد تحقيق الاستقرار”.