الحدود التركية السورية : مراقبة تستثني المتسللين
فند موقع باز فيد في تحقيق نشره حول وجهة مسلحي تنظيم داعش بعد فرارهم من سوريا والعراق، كل الأخبار المتواترة من سوريا والقائلة بأن الآلاف من عناصر التنظيم قد قتلوا.
وجاء في التحقيق أن الأخبار الواردة من سوريا تزعم مقتل الآلاف من العناصر الإرهابية، لكن حقيقة الأمر تظهر أن معظم هؤلاء ينتقلون إلى تركيا، حيث يجدون مقرات آمنة استعدادا للعودة إلى القتال أو نشر أفكار التنظيم في أوروبا وفي مناطق أخرى حول العالم. وكشف المحققون أن بعض شبكات التهريب تجري إدارتها من مناطق مختلفة في تركيا، كإسطنبول، وأن هذه الشبكات تقوم بتهريب بعض الأشخاص لاحقا إلى أوروبا عبر البر أو البحر، أو عبر عمليات معقدة تجري داخل الأراضي التركية.
وجمعت معلومات التحقيق، الذي نشره الموقع، من خلال مقابلات أجراها مراسلو الموقع مع مهربين في أكثر من مكان على الحدود التركية السورية.
تركيا وجهة المئات من الدواعش البريطانيين
ذكرت صحيفة “ذا تايمز”، أن المئات من البريطانيين الذين التحقوا بتنظيم داعش المتطرف، مختبئون في تركيا، وسط مخاوف غربية من عودتهم إلى أوروبا وشنهم هجمات إرهابية.
وهرب الآلاف من المتشددين، بينهم 300 بريطاني، من مدينتي الموصل في العراق والرقة في سوريا، عقب انهيار التنظيم هناك.
وأكدت سيوان شاليل، وهي ضابطة مخابرات كردية سورية تتعاون مع أجهزة غربية، هروب مقاتلي داعش من سوريا، بعد تراجع التنظيم على الأرض، مشيرة إلى أن عددا من المقاتلين الفرنسيين يتواجدون اليوم في السجن، فيما تمكن أغلب البريطانيين من الهروب.
وحذرت مصادر أمنية بريطانية، مؤخرا، من احتمال تسلل متشددين إلى البلاد وشنهم هجمات إرهابية، ولا سيما أن العراق وسوريا اللذين كانا بلدي استقطاب، لم يعودا بؤرة استقرار بالنسبة إليهم.
وسافر قرابة 850 بريطانيا لأجل الالتحاق بداعش، وقد عاد نحو نصفهم إلى البلاد، فيما تأكد مقتل 130 في كل من سوريا والعراق.
وقالت “ذا تايمز” إن العلاقات بين أنقرة والمخابرات الغربية شهدت تحسنا خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وهو ما يتيح تعاونا أفضل في محاربة الإرهاب، ولا سيما أن أغلب البريطانيين التحقوا بتنظيم داعش عن طريق الحدود التركية.
وجاء في التحقيق أنه، خلال الصيف الماضي، ترك مقاتل ينتمي إلى داعش “دولته المزعومة”، وعبر الحدود باتجاه تركيا، مرفوقا بطبيب سوري كان يشرف على منشآت طبية في محافظة الرقة السورية.
وبنفس الطريقة، عبر مقاتلون من دول العراق وبلجيكا وفرنسا الحدود مع مجموعات من المهربين، واتجهوا إلى تركيا، التي “تشكل بوابة المجموعة الإرهابية إلى أنحاء العالم”.
وكان المسؤولون الأميركيون قد قالوا إن الغالبية الساحقة من مقاتلي التنظيم ماتوا في المعارك داخل كل من سوريا والعراق، لكن المهربين الذين يعملون في شبكات تجارة البشر على جانبي الحدود أظهروا عكس ذلك.
وقال أحد هؤلاء إن مقاتلي داعش خرجوا من سوريا بوتيرة مستمرة خلال السنة الأخيرة، وتسللوا إلى تركيا. ومن خلالها، يمكن لهؤلاء أن يتوجهوا إلى طرق المهاجرين وأن ينتقلوا إلى أوروبا، أو آسيا، أو إلى أماكن أخرى.
ووصف أحد سكان المنطقة الحدودية، التي كانت تعتبر نقاط استراحة وتوقف للقادمين الجدد، كيف استضاف، على مدار أشهر عديدة، مقاتلين من داعش برتب مختلفة، اختار معظمهم البقاء في تركيا، فيما فضلت نسبة أخرى التوجه إلى اليونان عبر البحر.
وقال رجل آخر كان قد ساعد في تهريب مجموعة من عناصر داعش مع عائلاتهم من نقاط التهريب الساخنة على طول الحدود التركية، إنه قام بتهريب مجموعة من الأشخاص من العراق وسوريا، وأشخاص آخرين لا يتحدثون العربية.
وأضاف “أخبروني أنهم قدموا إلى هنا لمساندة المسلمين في سوريا، وكان عليّ أن أساعد الذين أتوا لدعمنا ومساندتنا”.
ويقول ضباط المخابرات الأميركية إن هذا النوع من التهريب هو الذي يحدد طبيعة مستقبل التنظيم، وسيساهم في مساعدة التنظيم على الاستمرار في البقاء.
وأضافوا “سيظل بعض الأشخاص الذين جرى تهريبهم مخلصين لداعش، وسينتظرون حتى مرور العاصفة، فيما سيرتبط آخرون بشبكات تجنيد المقاتلين في أوروبا، وينضمون إلى قائمة شبكاتها حول العالم”.
وكشفت المقابلات، التي أجراها الموقع مع المهربين وتجار البشر في المنطقة خلال الصيف والخريف من هذا العام، لأول مرة، أن التنظيم استخدم الموارد المالية التي جمعها خلال السنوات الثلاث الماضية من أجل الهروب من ساحات المعارك، حتى حين كانوا محاصرين من حلفاء الولايات المتحدة.وقال أحد المقاتلين الذين خرجوا من الرقة خلال الصيف، إن قادته أمروه، برفقة مقاتلين آخرين، بالتوجه إلى تركيا والانتظار هناك حتى يجري استدعاؤهم من جديد، فيما سيعمل الذين وصلوا إلى أوروبا على تجنيد المقاتلين، وتأجيج الرأي العام الدولي ضد اللاجئين المسلمين.
وكشف مهربون آخرون أن عمليات تهريب عناصر داعش قد تصل تكلفتها إلى 50 ألف دولار، وبالطريقة نفسها، حيث طلب منهم ألا يسألوا عن أي تفاصيل عنهم عندما كانت تجري عمليات التهريب.