قالت مصادر يمنية مطّلعة إن قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي باتت مقتنعة بأن حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي لا تسعى لمصالحة جدية مع الجنوبيين وأن حساباتها مرتبطة بحزب الإصلاح الإخواني، وهو وضع دفع إلى خيار الاستفتاء لمعرفة اتجاهات الجنوبيين بشأن الانفصال.
وقالت المصادرإن قيادة المجلس عملت ما في وسعها لدفع الحكومة اليمنية إلى تغيير أسلوبها في التعاطي مع الجنوبيين، لكن محاولاتها قوبلت بالصدّ في ضوء تبعية كاملة من عبدربه منصور لحزب الإصلاح، مشيرة إلى أن القيادة الجنوبية حسمت أمرها، وأن خطوة الاستفتاء صارت أمرا واقعا. بحسب "العرب".
وتعهد محافظ عدن المقال ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي في كلمة له بمناسبة ذكرى 14 أكتوبر بتوسيع دائرة التصعيد ضد الحكومة اليمنية التي تدير شؤون العاصمة المؤقتة عدن.
وأعلن الزبيدي أنه عازم على تشكيل لجنة وطنية ستكون بمثابة برلمان الجنوب وسيكون عدد أعضائها 303، وتوسيع تمثيل المجلس وتركيز فروعه في المحافظات.
وأثارت تصريحات الزبيدي، التي تضمنت عددا من الخطوات التي سيقدم عليها المجلس في المرحلة المقبلة، العديد من التساؤلات بشأن مستقبل حكومة عبدربه منصور في حال مر الجنوبيون للانفصال.
وكان الزبيدي كشف في حوار تلفزيوني النقاب عن نية المجلس الانتقالي الجنوبي إجراء استفتاء شعبي حول مصير الوحدة اليمنية، مشيرا إلى أن سفراء دول كبرى أبلغوا قيادة المجلس في لقاءات غير رسمية، أنهم يعتبرون المجلس الانتقالي ممثلا للجنوبيين.
وانتقد الزبيدي قرار إقالته من قبل عبدربه منصور هادي، معتبرا هذا القرار الصادر بحقه وبحق عدد من المحافظين قرارا خاطئا، متهما حكومة عبدربه منصور بأنها فاشلة ومتهالكة. كما توعّد بمواصلة ما وصفها بالمعركة مع حزب الإصلاح والجماعات المتطرفة والتي اتهمها بالتورط بدعم قضايا الإرهاب.
وأنحى مراقبون سياسيون يمنيون باللائمة على سياسة الحكومة اليمنية فيما آلت إليه الأوضاع في الجنوب نتيجة انصياعها لضغوطات حزب الإصلاح وعدم التعامل بمسؤولية مع حساسية الوضع في المحافظات الجنوبية ومخاوف الجنوبيين من هيمنة أطراف وقوى عانى الجنوب من ممارساتها.
وذكّر المراقبون بالموقف المسؤول للقيادات الجنوبية التي وافقت على العمل تحت مظلة الحكومة الشرعية، غير أن هذا الموقف لم يحظ بأيّ تقدير في المقابل، وهو ما ساهم في توتير الأوضاع بعد الشروع في إقصاء القيادات الجنوبية من مناصبها واستفزاز الشارع الجنوبي من خلال الرهان على الإخوان وإطلاق يدي نائب الرئيس المقرب منهم علي محسن الأحمر لتعيين قيادات أمنية معادية للجنوبيين في عدن.
وبدت الحكومة اليمنية منزعجة من خيار الاستفتاء وهي تعرف أن نتائجه ستكون لفائدة خيار الانفصال. وحذّر رئيس الوزراء اليمني أحمد عبيد بن دغر، السبت، من الاستيلاء على السلطة بالقوة في العاصمة المؤقتة عدن.
وقال بن دغر خلال كلمة أثناء عرض عسكري في عدن "حذار أن تسقط الجمهورية، أو مجرد التفكير في الاستيلاء على السلطة بالقوة في عدن، كما فعل الحوثيون في صنعاء".
وقال نزار هيثم عضو المكتب الإعلامي للمجلس الانتقالي الجنوبي في تصريح لـ"العرب" إن التحدي الأكبر الذي كان ماثلا أمام الجنوبيين كان يتعلق الدرجة الأولى بضرورة توحيد الصف الجنوبي قيادة وقواعد حول رؤية ثابتة وعدم تشتيت الجهود وبعثرة طاقة الحراك في معارك تنظيمية جانبية، وهو ما تحقق من خلال إنشاء المجلس الانتقالي الجنوبي.
وحشد المجلس الانتقالي الآلاف من أنصاره بالتزامن مع الذكرى الرابعة والخمسين لثورة الـ14 من أكتوبر 1963 والتي انتهت بإخراج بريطانيا من عدن في الـ30 من نوفمبر 1967، وهو ما اعتبره المراقبون رسائل للداخل والخارج عن الثقل الشعبي للمجلس ولخيار الانفصال.
ويرى الصحافي ورئيس تحرير صحيفة اليوم الثامن الصادرة في عدن صالح أبو عوذل أن التظاهرة التي دعا لها المجلس الانتقالي الجنوبي كانت أكبر من المتوقع رغم حملة التحريض التي مارسها إعلام الإخوان والانقلابيون في صنعاء.
ولفت الباحث السياسي والأكاديمي حسين لقور بن عيدان إلى أن احتفال الجنوبيين اليوم يأتي في مرحلة حاسمة ومفصلية تحقق فيها للجنوب الكثير في الجانب السياسي بعد أن تم تشكيل وإعلان المجلس الانتقالي الجنوبي والزخم الشعبي الذي رافقه وفرض واقعا سياسيا جديدا خرج عن حالة التشرذم التي عاشها الحراك الجنوبي في السنوات العشر الماضية.
وأضاف بن عيدان أن "لا شك في أن المتغيرات التي جرت على الأرض فرضت واقعا جديد تمثل في وضع القضية الجنوبية فوق طاولة أي محادثات تخص الوضع في اليمن، وأن هذا دفع بالعديد من الدول والمنظمات إلى أن تفتح حوارات مع الجنوبيين، لذلك ستكون هناك خطوات كثيرة ننتظرها من المجلس أهمها بدء حوارات يقودها المجلس الانتقالي مع كل القوى السياسية الجنوبية لتنظيم البيت الجنوبي".