تمكين المشمولين بالعفو من الاندماج في منظومة إنتاج قانونية.
أصدر العاهل المغربي الملك محمد السادس عفوا عن 4831 شخصا من المدانين أو المتابعين أو المبحوث عنهم في قضايا متعلقة بزراعة القنب الهندي، في خطوة تتنزل ضمن إستراتيجية الدولة لتنظيم هذه الزراعة وتحويلها إلى نشاط قانوني يساهم في تنمية المناطق المنتجة بها.
وفضلا عن الجوانب الإنسانية لهذه الالتفاتة، سيتمكن المشمولون بالعفو الملكي من الاندماج في الإستراتيجية الجديدة التي انخرطت فيها الأقاليم المعنية عقب تأسيس الوكالة المغربية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي والأثر الذي سيحدثه نشاطها على المستويين الاقتصادي والاجتماعي بتصنيع وتحويل وتصدير القنب الهندي واستيراد منتجاته لأغراض طبية وصيدلية وصناعية، وكذلك المساهمة في تطوير الزراعات البديلة.
وأكد محمد بوسلال، المدير الإقليمي للوكالة بمدينة الحسيمة، في تصريح لـ”العرب” أن “العفو الملكي التفاتة إنسانية تمكن من إعادة تأهيل الفئة المستفيدة من مزارعي القنب الهندي، الذين كانوا موضوع متابعة قضائية، وإدماجهم داخل محيطهم الاجتماعي بشكل قانوني وتشجيعهم على الانخراط في مشروع الدولة، بما يضمن لهم حياة كريمة ومستقرة من خلال مورد عيش يحظى بالمشروعية القانونية”.
والثلاثاء أعلن المغرب عن منح 3029 ترخيصا للاستعمالات الطبية والصناعية للقنب الهندي منذ مطلع العام الجاري، مقابل 721 ترخيصا العام الماضي. ويبلغ عدد التراخيص لفائدة الفاعلين 192، وهي: 60 ترخيصا لنشاط التحويل، و49 ترخيصا لنشاط التسويق، و39 ترخيصا لنشاط التصدير، و24 ترخيصا لنشاط استيراد البذور، و18 ترخيصا لنشاط النقل، وترخيص لنشاط تصدير البذور وترخيص لنشاط إنشاء واستغلال المشاتل. وأكدت الوكالة أن الفاعلين المستفيدين من هذه التراخيص يتوزعون، من جهتهم، على 23 تعاونية و51 شركة و24 شخصا ذاتيا.
ولفت بوسلال، في تصريح لـ”العرب”، إلى أن هناك أنشطة غير قانونية عرفت بها هذه المنطقة سيتم القطع معها من خلال مشروع تقنين القنب الهندي وسيستفيد منها المزارع البسيط ضحية استغلال وهيمنة تجار المخدرات، وذلك عبر مساعدته على توفير دخل مادي قار وقانوني، وهو وضع سيعزز فرص التنمية المحلية الحقيقية.
ووصفت الجمعية المغربية الاستشارية لاستعمالات القنب الهندي العفو الملكي بأنه يأتي “استكمالا لمسلسل المصالحة، ومنح فرصة لمن كانت لهم خصومة مع القانون للإصلاح والاندماج مجددا داخل المجتمع”.
ويدعم العفو الملكي القانون المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي الرامي إلى استيعاب وإدماج مزارعي المناطق المعنية في أنشطة مدرة للدخل، وتحقيق طفرة اقتصادية ستكون لها انعكاسات جلية على الأوضاع الاجتماعية للسكان، وقطع الطريق أمام المهربين مع التشديد على استمرار المغرب في التضييق على أباطرة المخدرات والمتاجرين الدوليين بالممنوعات، الذين يستغلون خوف المزارعين البسطاء وهشاشة وضعيتهم المعيشية.
واعتبر إحسان صدقي، المدير الإقليمي للوكالة المغربية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي في مدينة تاونات، أن العفو الملكي سيمكن المفرج عنهم من الاندماج داخل المجتمع نفسيا واجتماعيا واقتصاديا، ويؤمّن لهم العمل ضمن حدود القانون لتنمية هذه الزراعة التي توارثوها عن أجدادهم.
وترافع المغرب على مستوى هيئة الأمم المتحدة لإخراج القنب الهندي من الجدول الرابع الملحق باتفاقية 1961 حول المخدرات؛ وهو ما يسمح باستخدامه لأغراض طبية وصيدلانية وصناعية، ولهذا صدر القانون المتعلق بزراعة القنب الهندي واستعمالاته المشروعة، والذي يهدف إلى تنظيم هذه الزراعة وتحويلها إلى نشاط قانوني ومنظم يساهم في تنمية المناطق المعنية.
وأكد المدير الإقليمي للوكالة المغربية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي في مدينة الحسيمة أن الإقبال والانخراط الشامل سيزدادان بين المزارعين الذين لم يلتحقوا بعد بالمشروع، وأن خلق وكالة وطنية ومديريات إقليمية بكل من الحسيمة والشاون وتاونات دليل قاطع على تقريب الإدارة من المزارعين لتشجيعهم على الانخراط في هذا المشروع والقطع مع الأنشطة السابقة التي كانت بممارساتها غير القانونية تضر بالدولة بصفة عامة ولا تخدم أحدا.
وأشار صدقي إلى أن مجموعة من المزارعين الذين اكتسبوا الخبرة على مر السنين في هذه الزراعة كانوا مقصيين من الاستفادة من الاندماج في مشروع تقنين هذه الزراعة، لأسباب إدارية منها عدم توفرهم على البطاقة الوطنية التي ستمكنهم من الانخراط في المشروع، لأنهم كانوا يخشون القبض عليهم إن قرروا تجديد البطاقة بوصفهم مبحوثا عنهم.
وأضاف أنه إثر العفو الملكي صار بوسع هؤلاء المزارعين تقديم ملفاتهم من أجل الحصول على التراخيص اللازمة لممارسة هذه الزراعة وتكوين تعاونيات وإبرام عقود مع شركات الاستثمار لبيع منتوجهم.
ومن ضمن شروط دعم المزارع البسيط التزامه ببيع مجموع المحصول السنوي للتعاونية المنخرط فيها والمرخص لها من طرف وكالة تقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي.
ولهذا اعتبر صدقي أن العفو الملكي بمثابة قوة دافعة لتنمية المنطقة وأيضا لمحاصرة كل أشكال الاتجار غير المشروع بالمخدرات من المهد، على اعتبار أن المزارع كان هو الحلقة الأضعف في سلسلة القنب الهندي غير المرخص سابقا.