منذ تولّى مصطفى الكاظمي قيادة الحكومة العراقية في 7 مايو (أيار) الماضي، وهو يكشف شيئاً فشيئاً عن نمط جديد، ومبشّر، حتى الآن، في القيادة الوطنية «المستقلة» للمصالح العراقية. كل محب للعراق يأمل في نجاح مثل هذه السياسات، لعراق يبعث الأمل لأهله وجيرانه، عراق لا مكان فيه لسلاح خارج يد الدولة، لا موضع فيه لمافيات تعتصر ضروع النفط لآخر قطرة، للأجانب عن العراق.
نريد عراقاً يستثمر ثرواته النادرة، وعطايا السماء له، من أنهار وأهوار وجبال وسهول، وحضارات وسمت تاريخ كل البشرية من أيام سومر وبابل إلى أيام الجواهري والرصافي والكرملي، مروراً بالجاحظ والمتنبي والتوحيدي وغيرهم.
الأنباء تتحدث عن اعتزام الكاظمي القيام بثلاث زيارات خارجية حالياً تشمل طهران والرياض وواشنطن، حاملاً رسائل عراقية ضرورية في مستهل العهد الكاظمي، للعواصم الثلاث. معلوم أن الدول التي لها علاقة مباشرة بالعراق، مع اختلاف صورة وهدف كل علاقة، هي إيران وتركيا وأميركا والسعودية.
علاقة إيران بالعراق ملتهبة وهجومية، وتركيا لها علاقة انتهازية ولديها أطماع قديمة في شمال العراق، خاصة نينوى والموصل، سنذكر الموصل بعد قليل. ومع الولايات المتحدة العلاقة معقدة، فهي التي أسقطت سلطة البعث الصدامي وجلبت الأحزاب الشيعية الأصولية للحكم، في سياق معقد، وهي اليوم هدف هذه الجماعات. وقبل أيام هاجمت ميليشيا عراقية إيرانية السفارة الأميركية.
وأخيراً الدولة السعودية، الجارة الكبيرة للعراق، بحدود برية جاوزت الألف كيلومتر، وتشابك اجتماعي وتاريخي واقتصادي حالي.
مقاربة الكاظمي لإيران ستكون: نحن نريد علاقة مميزة معكم، لن نكون مصدر تآمر عليكم، سنحافظ على علاقة خاصة بكم، لكننا لسنا أتباعاً لكم، وسنقول هذا لواشنطن والرياض. هكذا يقال في بعض التقارير الإعلامية، وفي المقابل فإن علاقة العراق بالرياض ستقوم على حماية الحدود المشتركة، وتبادل المنافع في الكهرباء والزراعة والبتروكيماويات خاصة.
في واشنطن، سيترأس الكاظمي وفد العراق لاستكمال المرحلة الثانية من الحوار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، بعد المرحلة الأولى في 11 من الشهر الجاري.
وأفصح الكاظمي عن تمايز واضح عن سلفه عبد المهدي، فقد وصف الكاظمي استهداف السفارة الأميركية بالعمل الإرهابي، كما يزعم التفاهم مع الإيرانيين بوجوب لجم «الدعشنة» الشيعية التي صارت سمة لجماعة مثل «حزب الله العراقي».
كما كان لافتاً، حسبما لاحظت الكاتبة العراقية الموصلية مينا العريبي في هذه الجريدة، كلمات الكاظمي ورسائله الشفهية المهمة، ذات الوقع الإيجابي لدى أهالي الموصل ونينوى.
تخبر العريبي عن الكاظمي: «تعهده بأنه لن يسمح بحدوث ما حدث في الموصل قبل 6 سنوات». وتعلق الصحافية العراقية اللامعة: «تعهد مهم، لكنه مرهون بنجاح محاربة الفساد، ودعم مؤسسات الدولة، وحماية حقوق جميع أبناء العراق».
هل ينجح الكاظمي، في تسيير سفينة العراق نحو برّ الأمان، مستهدياً بنجمة الاستقلال في حنادس الظلمات وأهوال البحار؟!