الاحتياطي الأجنبي في الهند يتنامى
لا تزال هناك أسباب تدعو للتفاؤل في خضم جائحة وباء «كورونا» الراهنة في الهند، إذ يواصل احتياطي العملات الأجنبية فيها الارتفاع؛ حيث ينتظر أن يبلغ 500 مليار دولار في وقت قريب، في وقت يعود فيه الفضل في ذلك لما آلت إليه محفظة أسهم الشركات الهندية الناجحة من فرص استثمارية مالية مغرية للتدفقات النقدية الأجنبية.
وفي شهر مايو (أيار) الماضي، حقق احتياطي العملات الأجنبية في الهند وثبة بمقدار 12.4 مليار دولار، ليبلغ أعلى مستوياته على الإطلاق، وصولاً إلى مبلغ 493.4 مليار دولار في نهاية مايو الماضي.
واحتياطي العملات الأجنبية عبارة عن الأصول الخارجية في صورة الذهب، وحقوق السحب الخاصة لدى صندوق النقد الدولي، وأصول العملات الأجنبية (أي تدفقات رؤوس الأموال إلى الأسواق الاستثمارية، والاستثمار الأجنبي المباشر، والقروض التجارية الخارجية) والتي قد تراكمت لدى الحكومة الهندية، وتخضع لسيطرة البنك المركزي الهندي.
ويرجع السبب الرئيسي في احتياطي العملات الأجنبية لدى الهند إلى ارتفاع الاستثمارات في المحافظ الاستثمارية الأجنبية في الأسهم الهندية، فضلاً عن الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وكانت الجهات الاستثمارية الخارجية قد استحوذت على حصص معتبرة في عديد من الشركات الهندية خلال الشهرين الماضيين، بقيم تزيد على 2.75 مليار دولار أميركي خلال الأسبوع الأول فقط من يونيو (حزيران) الجاري.
ويزيد من قوة الاحتياطي الأجنبي في الهند، ما أسفر عنه الانخفاض العالمي في أسعار النفط من انخفاض فاتورة استيراد النفط لدى الحكومة الهندية، الأمر الذي أدى إلى وفورات كبيرة في العملات الأجنبية الثمينة.
وعلى نحو مماثل، شهدت التحويلات الخارجية والسفريات الأجنبية تراجعاً كبيراً خلال الفترة الماضية، إذ سجلت هبوطاً بنسبة 61 في المائة في أبريل (نيسان) الماضي من واقع 12.87 مليار دولار. وأشاع ارتفاع احتياطي العملات الأجنبية كثيراً من مشاعر الارتياح في الأوساط الحكومية ولدى البنك المركزي الهندي؛ لا سيما من زاوية إدارة القضايا المالية الداخلية والخارجية لدى الهند، وهو قدر كبير من الارتياح في حالة وقوع أي أزمة على الصعيد الاقتصادي، وبما يكفي لتغطية فاتورة الاستيراد في البلاد لمدة عام كامل.
وفي تلك الأثناء، قالت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني في توقعات الائتمان السيادي لمنطقة آسيا والمحيط الهادي: «أسفرت جائحة وباء (كورونا) عن إضعاف توقعات النمو الاقتصادي لدى الهند بصورة كبيرة، مع الكشف عن التحديات الجمة القائمة والناجمة عن أعباء الدين العام المرتفع في البلاد».
وفي أعقاب الأزمة العالمية الراهنة، من المرجح أن يرجع نمو الناتج المحلي الإجمالي في الهند إلى المستويات المرتفعة من فئة «ب ب ب»، شريطة أن يتفادى مزيداً من التدهور والهبوط في صحة القطاع المالي الناجمة عن الوباء الراهن. وقالت مؤسسة التصنيف الائتماني إنها تتوقع للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في الهند إحراز النمو بنسبة 9.5 نقطة مئوية خلال العام المقبل.
وسجل الناتج المحلي الإجمالي في الهند أدنى انخفاض له منذ 11 عاماً، إذ بلغ 4.2 نقطة مئوية عن عامي 2019 و2020، مع مزيد من التراجع والانكماش يتوقعه خبراء الاقتصاد الهنود خلال العام الجاري.
وكانت الحكومة الهندية، بُغية تحفيز النمو الاقتصادي، قد أعلنت عن حزمة مالية هائلة بقيمة تبلغ 266 مليار دولار لمحاربة تداعيات انتشار الوباء؛ حيث تركزت على الأرض، والعمالة، والسيولة، والقانون، ومعاونة الشركات الصغيرة، والمهاجرين الداخليين، والمزارعين.