سخر الكاتب والصحافي الإيراني الخبير، أمير طاهري، في مقالته الأخيرة بهذه الصحيفة مما وصفه بـ«أحلام الأفيون» التي تجثم على «أمخاخ» المسيّرين للنظام السياسي العجيب في إيران.
برهن على ذلك بهذا النص، ففي وقت سابق من الشهر الحالي، أصدر المرشد الإيراني علي خامنئي بياناً يدعو فيه إلى إنشاء «الحضارة الإسلامية العالمية الجديدة» لتحل محل الحضارة الإسلامية القديمة التي يعتقد أنها غير قادرة على غزو العالم، والاستعداد لعودة «الإمام الغائب».
هذا كان تفكير رأس النظام الإيراني «الحضاري العالمي المهدوي»، لكن السخرية السوداء تصل نهايتها الحالكة مع هذا النص الكوميدي - ولكنه ضحك كالبكا - الذي استشهد به الأستاذ طاهري، نقلاً عمّن وصفه بـ«كيسنجر الإسلام»!
لدى د. حسن عباسي، المنظّر البارز لدى «الحرس الثوري» الإيراني، فإن المسألة الوحيدة التي سوف تجري بشأنها المفاوضات، بالنسبة للنظام في إيران، ليس سقوط أميركا - هذه محسومة! - بل المسألة هي: هل البيت الأبيض في واشنطن سوف يتحول لمسجد بسيط أو مجرد حسينية.
هذه الأوهام، أو الأحلام الأفيونية، ليست حكراً على مخرفي النظام الخميني، بل هي شيمة ثابتة، وعادة راسخة لدى سدنة جماعات الإسلام السياسي، بداية من حسن البنا نفسه، الذي بشّر أتباع الجماعة بقرب النصر، وحلول عصر «أستاذية العالم»، هذه الأستاذية التي جهر بها المرشد الثامن، الطبيب البيطري، محمد بديع، تلميذ سيد قطب المباشر. ولدينا أوهام حزب الفلسطيني تقي الدين النبهاني، حزب التحرير، ومن أتباعه السعودي محمد المسعري، الذي كان يضع كل حين ميعاداً جديداً لولادة «الخلافة الإسلامية»، منذ الخمسينات حتى اليوم.
ينقل لنا د. عمار علي حسن في مقالة له بجريدة الاتحاد هذا النص اللافت عن (وحيد عثمان) أحد قيادات تنظيم «التكفير والهجرة» في حوار أجري معه عام 1993: «إن إمام جماعة المسلمين - يقصد شكري مصطفى - قد قال إننا سنظل مستضعفين في الأرض إلى أن نرثها ومن عليها، وها قد ظهرت البشائر بنهاية إمبراطورية الشيوعية الظالمة، وننتظر أن تقضي أميركا وأوروبا على بعضهم بعضاً، ونخرج نحن على الفرس والرمح لنصرة الإسلام، ونشره في أنحاء الأرض».
ومن يقرأ رسائل «جهيمان» الذي احتل مع جماعته الحرم المكي لأسبوعين عام 1979. سيجد الكثير من الخرافات والأوهام عن قرب النصر وتطويع الأحاديث النبوية لجعلها مبشرات تنصر جماعته حصراً.
يعني السيد علي خامنئي وكيسنجره د. عباسي، لا يختلفون عن المرشد القطبي بديع ولا شكري مصطفى ولا جهيمان... الفرق أن خامنئي عنده دولة... ودولة كبيرة... فقط!