تداخلت الخطوط وأشكلت الصورة
أعلنت حكومة قطر، الإثنين، عزمها رفع دعوى ضد دولة الإمارات العربية المتحدة أمام محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة بسبب ما وصفته بـ“انتهاكات لحقوق الإنسان”.
وكثيرا ما يُرجع مراقبون مثل هذه الخطوات القطرية، رغم أنها شكلية وغير مؤثرة في الواقع، ضمن ما يعتبرونه محاولة للفت الأنظار إلى أزمتها الناجمة عن مقاطعة أربع دول عربية لها بسبب دعمها للإرهاب، والتي بدأت تطول بدخولها عامها الثاني دون أفق لحلّها.
وتخدم الدعوى التي تعتزم قطر رفعها ضدّ الإمارات بشكل مباشر خطاب المظلومية الذي تروّجه الدوحة وتعتمد عليه في محاولة جلب التعاطف الدولي معها.
وخاضت قطر على مـدار السنة الأولى من مقاطعة كلّ من السعـودية والإمارات ومصر والبحرين لها، حملـة إعـلامية ودبلوماسية كثيفة، وتحرّكت صوب عواصم دول كبرى وتقرّبت من لوبيات مؤثرة في قرار تلك العواصم، بهـدف خلـق رأي عـام مساند لها وضاغط على الـدول الأربع لحلّ الأزمة، دون جدوى، حيث تمسّكت تلك الدول كشرط لإنهاء المقاطعـة، بوجوب أن تحـدث الدوحة تغييرا جذريا في سياساتها المهدّدة للاستقرار وتتراجع عن دعم التشدّد والإرهـاب وتلتزم بتعهدات مكتوبة سبق أن أمضت عليها قيادتها في نطاق اتفاق الرياض لسنة 2013 واتفاق الرياض التكميلي لسنة 2014، اللذين يدور مضمونهما حول تخلي قطر عن السياسات المهددة للاستقرار.
وقالت الحكومة القطرية في بيان إن الدعوى المقدمة لمحكمة العدل الدولية تنص على أن دولة الإمارات قادت إجراءات المقاطعة التي أدت وفق الادعاء القطري لـ“تـأثير مـدمر على حقـوق الإنسان بالنسبة للقطريين والمقيمين في قطر”.
كما اتهمت الإمارات بتطبيق “سلسلة إجراءات تمييزية ضد القطريين، شملت طردهم من الإمارات ومنعهم من دخولها أو المرور بها وإصدار أوامر لمواطني الإمارات بمغادرة قطر وإغلاق المجال الجوي والموانئ البحرية الإماراتية أمام الدوحة”.
وقال خبراء قانونيون إنّ قطر تبذل جهودا غير مضمونة النتائج لتصنيف إجراءات مقاطعتها ضمن قضايا التمييز العنصري، بهدف استغلال توقيع دولة الإمارات للاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز، بما في ذلك التمييز على أساس الجنسية، فيما السعودية ومصر والبحرين ليست من الدول الموقّعة عليها.
وطلبت قطر من المحكمة أن تأمر الإمارات باتخاذ خطوات لتنفيذ التزاماتها بموجب الاتفاقية، وذلك بوقف العمل بهذه الإجراءات وإلغائها. كما طلبت أيضا أن تصلح الإمارات الأضرار بما يشمل دفع تعويضات.
ويرى مراقبون أنّ ما أقدمت عليه الإمارات إلى جانب السعودية ومصر والبحرين، من مقاطعة لقطر، هو عمل من أعمال السيادة هادف لتأمين المنطقة من سياسات قطرية مزعزعة للاستقرار، وأنّ تصنيف ذلك الإجراء ضمن قضايا التمييز “مجرّد تشويش هدفه إعلامي دعائي صرف”.
ويكشف الخطاب القطري التصعيدي ضدّ الدول المقاطعة لها، وما تُقدم عليه الدوحة من خطوات مثل نقل الأزمة إلى أروقة القضاء الدولي، عن حالة من اليأس من حلّ الأزمة والخروج من طوق العزلة، ما يجعلها تمارس سياسة الهروب إلى الأمام.