الإخوان يغيرون اتجاه الرصاص
كشفت مصادر مطلعة في مدينة تعز اليمنية عن سعي جماعة الإخوان لاستكمال سيطرتها على المدينة الاستراتيجية متذرعة بتوجيهات صدرت من محافظ تعز أمين أحمد محمود تقضي بإخلاء المقرات الحكومية من كافة المسلحين وتسليمها للسلطة المحلية.
ووفقا للمصادر فقد عملت قيادة محور تعز واللواء 22 مدرع، اللذين يسيطر عليهما حزب الإصلاح، على حرف مسار توجيهات المحافظ من خلال استهداف قوات أخرى في الجيش اليمني تتبع اللواء 35 مدرع وتتكون في معظمها من مقاتلين سلفيين بقيادة أبوالعباس.
ولفتت المصادر في تصريح لـ”العرب” إلى محاولة حزب الإصلاح فرض سياسة الأمر الواقع بالقوة وتغيير موازين القوى على الأرض داخل المدينة من خلال رفض التوجيهات اللاحقة لمحافظ تعز التي قضت بتشكيل لجنة تهدئة من كافة الفصائل التي تتبع الجيش الوطني بما فيها كتائب أبوالعباس والوحدات الأخرى الخاضعة لسيطرة الإخوان، وتشكيل لجنة محايدة برئاسة وكيل محافظة تعز عارف جامل وبإشراف التحالف العربي لتسليم المقرات والمؤسسات الحكومية من قبل كل الأطراف بعيدا عن أي انتقائية أو تصفية حسابات داخلية.
وقال رضوان الحاشدي المسؤول الإعلامي لكتائب أبوالعباس إن التوتر والاشتباكات عادا إلى تعز، الخميس، إثر قيام وحدات من اللواء 22 مدرع المحسوبة على حزب الإصلاح باستهداف أحياء المدينة بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة من أعلى قمة جبل صبر المطل على تعز.
وأضاف الحاشدي في تصريح لـ”العرب”، “إن التصعيد جاء عقب اجتماع عقده محافظ تعز أمين محمود مع العقيد عادل عبده فارع المعروف بـ’أبوالعباس’، وتم فيه الاتفاق على آلية تسليم المقرات الحكومية لقوات الأمن الخاصة وهو الأمر الذي أزعج الإخوان، وبدلا من أن يلتزموا بقرارات المحافظ في التوقف عن إطلاق النار، قاموا بقصف المدينة القديمة من مقر اللواء 22 ميكا، إضافة إلى نشر حزب الإصلاح لعدد من القناصة أعلى مكتب التربية والتعليم بشارع جمال في محاولة لتنفيذ خطة معدة سلفا لحصار المدينة القديمة”.
وبحسب الحاشدي فقد طال القصف المكثف مقر القيادة التابع لكتائب أبوالعباس أثناء تواجد لجنة التهدئة برئاسة وكيل المحافظة عارف جامل وأعضاء اللجنة.
وشهد عدد من أحياء مدينة تعز مواجهات عسكرية خلال اليومين الماضيين إثر إفشال كتائب أبوالعباس لما قالت إنه محاولة انقلاب عسكري قادها الإخوان لإحكام قبضتهم على جميع مناطق المدينة ومؤسساتها في الوقت الذي رفضوا فيه إخلاء المقرات الحكومية التي في قبضتهم وفقا لبيان صادر عن كتائب أبوالعباس.
وقالت الكتائب في بيانها إنها وافقت على تسليم المقرات الحكومية التي تسيطر عليها لطرف حكومي ثالث وليس للقوات الخاضعة لسلطة حزب الإصلاح.
وفي تعليق على المواجهات التي تشهدها تعز وتسببت في سقوط العشرات ما بين قتيل وجريح، أشار المحلل السياسي اليمني عبدالله إسماعيل إلى أن ما يحدث في المدينة يثير القلق نتيجة إصرار حزب الإصلاح على تكريس حالة التناقض الكبيرة بين مطالبته بأن يكون هناك اختفاء للميليشيات والسلاح بشكل عام وبين التصرفات التي يقوم بها الفصيل الإخواني.
ولفت إسماعيل في تصريح لـ”العرب” إلى أن جميع المراقبين يدركون أن تعز اليوم مختطفة تماما من قبل حزب الإصلاح، وبالتالي كل ما يحدث يصب في صالح الحوثيين بالدرجة الأولى ويشوش على معركة اليمنيين ضد هذه الجماعة، لافتا إلى أن الإخوان بالرغم من ذلك يصرون على المضي قدما نحو تحقيق أهداف آنية يسعون من خلالها لاختطاف مكاسب سياسية في المستقبل بالرغم من كون هذه الرؤية القاصرة وفي هذا التوقيت الحساس، الذي لا يجب أن يتم التفكير فيه بالتمكين الحزبي والإقصاء وتقاسم الوطن الذي يعاني من التشظي، بينما لا تزال ميليشيات الحوثي تتربص على أطراف مدينة تعز.
وأكد إسماعيل أن الوضع المثالي لفرض الاستقرار في تعز يجب أن ينطلق من أنه لا بد من إنهاء كل المظاهر الميلشياوية، إذا أراد الإصلاح أن يقدم نموذجا حقيقيا وليس تكريس الواقع فقط.
وربط مراقبون بين توقيت هذا التصعيد من قبل جماعة الإخوان والمعارك التي تخوضها كتائب أبوالعباس واللواء 35 مدرع في عدد من جبهات تعز القريبة من الساحل الغربي، وهو ما اعتبره البعض محاولة لإرباك هذه القوات وتخفيف الضغط على الحوثيين في محافظة الحديدة وإتاحة الوقت أمامهم لتجميع قواتهم التي تستعد لخوض معركة الحديدة في مواجهة قوات المقاومة الوطنية بقيادة العميد طارق صالح.
وشرعت جماعة الإخوان منذ وقت مبكر في اتّباع سياسة منظمة لفرض سيطرتها على أهم المفاصل العسكرية والأمنية والإدارية في تعز، بالتزامن مع إطلاق حملة إعلامية استهدفت شيطنة كافة الأطراف الأخرى التي تتمتع بثقل شعبي في المحافظة مثل السلفيين والقوميين واليساريين وأنصار حزب المؤتمر. كما عادت الجماعة إلى التلويح بورقة الشارع من خلال تسيير مظاهرات لأنصارها للتنديد بالمكونات الأخرى وصولا إلى التحالف العربي لدعم الشرعية.