لا تراجع عن المشاركة ضمن قوات التحالف العربي
عكس الاتصال الهاتفي بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس السوداني عمر البشير أن الرياض تفاعلت بإيجابية مع إشارات العتب السودانية الأخيرة في الوقت الذي تعيش فيه الخرطوم وضعا اقتصاديا صعبا واحتجاجات على ارتفاع الأسعار.
وقال متابعون للشأن السوداني إن البرود المؤقت الذي طبع العلاقة مع السعودية يعود إلى التباس موقف الخرطوم من الأزمة الخليجية، فضلا عن الشكوك التي تحوم حول صفقة سواكن وفتح المجال أمام تركيا للتأثير في البحر الأحمر ذي الأهمية الاستراتيجية لدول المنطقة ككل بدءا من السودان ومصر وصولا إلى السعودية وبقية دول الخليج.
وتلقى الرئيس السوداني مساء الخميس، اتصالا هاتفيا من ولي العهد السعودي من مقر إقامته في إسبانيا.
وأفادت وكالة الأنباء السودانية أن البشير والأمير محمد بن سلمان اتفقا خلال الاتصال على عقد اجتماع مشترك، على هامش القمة العربية الـ29 التي تنطلق غدا الأحد بالعاصمة السعودية الرياض، و”ذلك لبحث سبل تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك”.
وأعلنت الرئاسة السودانية الخميس أن البشير يتوجه اليوم السبت إلى السعودية، مترئسا وفد بلاده المشارك في القمة العربية.
وكان البشير تلقى دعوتين من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، لحضور القمة العربية بالرياض، وأخرى للمشاركة في التمرين البحري لدول التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن.
ومنذ مارس 2015، يشارك السودان في التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن لدعم الحكومة الشرعية ضد مسلحي جماعة أنصار الله (الحوثيين).
وأعلن السودان، الثلاثاء، موقفه الثابت حيال الاستمرار في المشاركة ضمن قوات التحالف العربي، والوقوف على دعم الجهود الرامية إلى إعادة الاستقرار في اليمن، وذلك بالرغم من الضغوط الداخلية التي تطالب بسحب القوات السودانية المشاركة في المعارك بعد تقارير عن مقتل أعداد منها في كمين نصبه لهم الحوثيون منذ أيام في معارك شمال اليمن.
وجاء قرار إرسال القوات السودانية إلى اليمن بعد تحول رئيسي في سياسة الخرطوم الخارجية تجلى في قطع صلات امتدت لعقود مع إيران والانضمام إلى التحالف الذي تقوده السعودية ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران والذين يسيطرون على شمال اليمن وضمنه العاصمة صنعاء.
ويرى مراقبون للشأن السوداني أن الخرطوم في حاجة إلى دعم سعودي لمساعدتها في التخفيف من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة، فضلا عن إسكات الأصوات التي تضغط على البشير لدفعه إلى سحب القوات من اليمن واعتماد سياسة النأي بالنفس.
وأشار المراقبون إلى أن اتصال الأمير محمد بن سلمان بالبشير مؤشر على أن السعودية تهتم بأوضاع السودان وتقدر مشاركته في تحالف دعم الشرعية في اليمن، وأن القمة العربية التي تبدأ غدا في الرياض ستكون فرصة لتأكيد هذا التوجه.
ويعتقد هؤلاء أن السودان لا يبحث من خلال تنويع علاقاته عن الانتماء لأي حلف، وأن هدفه جذب الاستثمارات للمساعدة في حل أزمته الاقتصادية، مشيرين إلى نجاح الرئيس السوداني في إذابة الجليد مع مصر بالرغم من المؤاخذات التي سبقت زيارته الأخيرة إلى القاهرة والاتهامات التي وجهت إليه بخصوص تماهي السودان مع الموقف الإثيوبي أو أن التقارب مع الدوحة وأنقرة سيكون على حساب الأمن القومي المصري.
وتقول أوساط سودانية مقيمة في العاصمة المصرية إن الخرطوم تبني علاقاتها إقليميا ودوليا على قاعدة المصلحة، وإنها لن تكون معنية بأي تحالف سواء مع تركيا أو قطر أو إثيوبيا، في وجود دعم سعودي أو خليجي أوسع.
وكان الرئيس السوداني بحث، الاثنين، خلال استقبال وزير الطاقة الإماراتي، سهيل المزروعي وعدد من مرافقيه، العلاقات الثنائية مع الإمارات، وإمكانية تطوير المشروعات التنموية.
وقال المزروعي إن “اللقاء مع الرئيس البشير أكد متانة العلاقات السودانية الإماراتية في كافة المجالات”، وإن “الإمارات مهتمة بتطوير البنى التحتية والطاقة الشمسية في السودان”.
وحصل السودان في 20 يناير 2017 على وديعة إماراتية بقيمة 500 مليون دولار.
ولا يخفي السودان امتنانه للدور الذي لعبته السعودية في رفع اسمه من قائمة العقوبات الأميركية، وهي المعركة التي فشل في إدارتها لوحده طيلة سنوات.
وكان سفير السعودية في الخرطوم، علي بن حسن أحمد جعفر، قد تحدث في وقت سابق عن أن بلاده تتطلع إلى تطوير استثماراتها في السودان، كاشفا عن دخول شركات ومستثمرين سعوديين جدد للاستثمار في السودان، بعد رفع الحصار الأميركي عن الخرطوم في أكتوبر من العام الماضي.