منتشون بقعقعة السلاح
تدهورت الأوضاع الأمنية في جنوب ليبيا بشكل لافت وسط خشية متصاعدة من بوادر حرب قبلية بدأت مفاعيلها تتراكم على وقع تزايد الأصوات المُحذرة من أجندات خفيّة، تُريد الزج بقبائل الجنوب الليبي في صراعات من شأنها تهديد وحدة البلاد.
تجددت الثلاثاء، الاشتباكات المُسلحة بين قبيلتي التبو وأولاد سليمان في سبها بجنوب ليبيا، فيما تعرضت مواقع اللواء السادس التابع للجيش الليبي لهجمات متواترة شنتها ميليشيات مُسلحة مدعومة بقوات من المعارضة التشادية، بحسب قيادة الجيش الليبي.
وذكرت تقارير إعلامية ليبية أن عربات وآليات اللواء السادس المدرعة انتشرت صباح الثلاثاء، عند كافة مداخل مدينة سبها للرد على أيّ محاولة لاقتحامها، ونقلت عن مصدر عسكري قوله، إن اللواء السادس قصف المطار العسكري بسبها ما أدى إلى تراجع الميليشيات المُهاجمة إلى بوابة سبها الجنوبية.
وأشارت إلى أن القيادة العامة للجيش بقيادة المشير خليفة حفتر دفعت بتعزيزات عسكرية نحو مدينة سبها بعد إعلان بلديتها عن تعرضها “لغزو من قوات مرتزقة تشادية وسودانية احتلت عدة مواقع بالمدينة”.
رئاسة الأركان التابعة لحكومة الوفاق برئاسة فايز السراج تطلق عملية {بشائر الأمان} لحماية الجنوب الليبي
وكشفت أن المشير خليفة حفتر، كلف قوة مساندة بقيادة آمر اللواء السادس مشاة بحرالدين ميدون الريفي، لدعم اللواء في معركته ضد ميليشيات المرتزقة التشادية والسودانية في مدينة سبها.
وبالتوازي مع ذلك، أعلنت رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي التابعة لحكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج، مساء الاثنين، إطلاق عملية “بشائر الأمان” لحماية الجنوب.
وينذر هذا التحرك بتصعيد مُحتمل قد يُعيد إشعال القتال في الجنوب الليبي الذي عرف اشتباكات بين القوات العسكرية التابعة لحفتر، والقوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني، وتحديدا القوة الثالثة التابعة للمجلس العسكري في مصراتة.
وبحسب أحمد قليوان رئيس اللجنة التسييرية لشبكة منظمات المجتمع المدني بسبها، فإن القوات التي ستُشارك في هذه العملية “تتجهز حاليا في مدينتي طرابلس وسرت للتحرك نحو مدينة سبها”.
واعتبر في تصريحات نشرتها منابر إعلامية ليبية، أن تلك القوات مهمتها “دعم ومساندة القوات المسلحة في مدينة سبها في ردع القوات الغازية”.
ويخشى المتابعون لتطورات المشهد الليبي من اتساع رقعة الاشتباكات المُسلحة لتتحول إلى حرب جديدة قد تؤثر على مجمل مناحي الحياة في الجنوب الليبي، وعلى وحدة الأراضي الليبية.
وأعرب علي السعيدي، عضو مجلس النواب (البرلمان) عن منطقة وادي الشاطئ بالجنوب الليبي، عن هذه الخشية عندما قال في تصريحات نُشرت الثلاثاء، إن جنوب ليبيا أصبح على صفيح ساخن بسبب الاشتباكات الليلية المتقطعة بين قبيلتي التبو وأولاد سليمان.
واتهم القوة الثالثة بافتعال الأزمات في الجنوب بعد إجبارها على الخروج منه في العام 2017، حيث “تحالف مع المعارضة التشادية والسودانية كي لا يهدأ الجنوب”.
وترافقت هذه الخشية مع تحذير أطلقه أيوب الشرع رئيس الأمانة العامة لمجلس شيوخ ليبيا من “الأجندات” التي تسعى إلى إحداث تغيير ديموغرافي في الجنوب الليبي، والزج بقبائله في صراعات قد تؤدي إلى المساس بوحدة البلاد.
مواقع اللواء السادس التابع للجيش تتعرض لهجمات متواترة تشنها ميليشيات مدعومة بقوات من المعارضة التشادية
وشدد على أن ما تشهده مدن جنوب ليبيا من صراعات مستمرة يتطلب التدخل الفوري لتنفيذ بنود كافة الاتفاقيات الموقعة في السابق بين القبائل في هذه المنطقة ووقف الصراعات بينها. وكان ممثلون عن قبيلة أولاد سليمان والتبو وقعوا في منتصف العام الماضي اتفاق مصالحة في العاصمة الإيطالية بحضور عبدالسلام كاجمان نائب رئيس المجلس الرئاسي ووزير الداخلية الإيطالي ماركو ميننيتي إضافة إلى ممثلين عن قبيلة التوارق.
ونص الاتفاق على الصلح الشامل والدائم بين الطرفين، على أن تتولى الدولة الإيطالية “دفع القيمة المالية لجبر الأضرار بين الطرفين وعلاج الحالات المستعصية”، وتعهدا بـ”إخلاء الأماكن العامة والبوابات من كل التشكيلات المسلحة وتسليمها إلى الشرطة من جميع أطياف الجنوب”.
وأمام هذه التطورات الخطيرة، حذر علي التكبالي عضو مجلس النواب الليبي، من تدهور الأوضاع في بلاده التي أصبحت “على شفا هاوية سحيقة” لافتا إلى أنه “لا وقت للمجاملة والتعنت والمصلحة الشخصية”.
وفيما دعا التكبالي إلى تغليب المصلحة الوطنية على المصالح الشخصية، أكد خليفة الدغاري رئيس كتلة السيادة الوطنية بالبرلمان الليبي، أن الصراع بين القبائل في جنوب ليبيا، والقتال الدائر بين الفصائل المُدججة بالسلاح، يُشكلان تهديدا مباشرا للأمن والاستقرار في كافة ربوع البلاد.
وحذر من أن حدود ليبيا “أصبحت مُنتهكة من الفصائل التشادية، والسودانية المُسلحة، إلى جانب دخول المتطرفين في ظل الانقسام والتشظي الذي تعاني منه البلاد”.
ودعا إلى ضرورة العمل من أجل عودة الهدوء إلى مدينة سبها التي قال إنها “تمثل جوهرة الجنوب الليبي وما حولها عمقا استراتيجيا للأمن، وهي مصدر هام من مصادر الاقتصاد الوطني لما فيها من ثروات طبيعية هائلة ما يجعلها محطّ أنظار الدول الاستعمارية والفقيرة على حد سواء”.