السعودية تستعيد حصتها في لبنان
تصاعدت أسئلة داخل الشارع السياسي اللبناني عما إذا كانت المملكة العربية السعودية قد قررت العودة إلى ممارسة دور في لبنان، فضلا عن طبيعة هذا الدور.
وذكرت أنباء عن توجه رئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري إلى الرياض تلبية لدعوة رسمية نقلها إليه المبعوث السعودي نزار العلولا الذي يزور لبنان حاليا، الأمر الذي يعني فتح صفحة جديدة بين رئيس مجلس الوزراء اللبناني والرياض.
وترافقت زيارة الحريري للسعودية، مع وجود قطيعة بين الرياض والزعيم الدرزي وليد جنبلاط. وتلي هذه الصفحة الجديدة الملابسات التي أحاطت الرحلة الأخيرة للرياض واضطراره إلى تقديم استقالته من موقع رئيس الوزراء من هناك.
وإضافة إلى إعادة مدّ الجسور مع سعد الحريري، تميّزت زيارة المبعوث السعودي للبنان بعشاء أقامه على شرفه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في مقرّ إقامته في معراب مساء الاثنين.
وكشف العشاء وجود علاقات وطيدة ومتينة بين القيادة السعودية وجعجع الذي تربطه في هذه المرحلة علاقات تتسم بالفتور مع سعد الحريري الذي قرّر مسايرة رئيس الجمهورية ميشال عون إلى أبعد حدود.
وكان ملفتا أمس زيارة العلولا لرئيس مجلس النوّاب ورئيس حركة أمل نبيه برّي، الذي يشكّل مع حزب الله الثنائي الشيعي في لبنان.
محمد قواص: السعودية تفتح صفحة جديدة مع لبنان آخذة بعين الاعتبار اللبس الذي رافق مسألة استقالة الحريري
محمد قواص: السعودية تفتح صفحة جديدة مع لبنان
ويخوض هذا الثنائي الانتخابات النيابية في لوائح مشتركة. وعلى الرغم من العلاقات المتوترة بين الرياض وحزب الله، أظهرت زيارة المبعوث السعودي لبرّي حرص المملكة على علاقاتها مع مؤسسات الدولة اللبنانية التي يمثل رئيس مجلس النواب إحداها من جهة وعلى عدم حدوث قطيعة مع الطائفة الشيعية من جهة أخرى.
وإذا كان الطابع البروتوكولي ورمزية برّي، كرئيس لحركة أمل الشيعية، يبرران زيارة رئيس مجلس النواب، فإن تفادي طلب العلولا موعدا للقاء مع الزعيم الدرزي وليد جنبلاط كشف قطيعة سعودية مع الرجل. واعتبر مصدر سياسي لبناني أن هناك أزمة ذات طابع شخصي في العلاقة السعودية مع وليد جنبلاط.
وعزا المصدر نفسه ذلك إلى تغريدات لجنبلاط في مناسبات عدّة مثل طرح وليّ العهد محمد بن سلمان لـ”رؤية 2030″ لم يوفّر فيها مسؤولي المملكة في انتقاداته وسخريته. إضافة إلى ذلك، كان ملفتا قول جنبلاط مرات عدة إنّه لن يطلب زيارة السعودية لترطيب الأجواء معها.
وذكر المصدر السياسي اللبناني أنّ نتائج الزيارة، التي قام بها العلولا للبنان ولقاءاته مع شخصيات كثيرة، لم تحسم بعد هل قررت السعودية معاودة الاستثمار سياسيا في لبنان.
وتوقع أن يأتي الجواب عن هذا السؤال في خلال أيام أو أسابيع، أي قبل موعد الانتخابات النيابية في السادس من مايو المقبل.
وقال إن دعم الرياض لحلفائها قبل حلول موعد الانتخابات يمكن أن يكون مؤشرا إلى أن السعودية ستسعى إلى تطبيع علاقاتها، وإن ضمن حدود معيّنة، مع الواقع اللبناني بدل الابتعاد عنه من منطلق أن البلد ساقط عسكريا وسياسيا تحت سلطة حزب الله أي إيران.
واعتبر الكاتب السياسي اللبناني محمد قواص أن زيارة المبعوث السعودي يجب ألا تُقرأ من زاوية الانتخابات التشريعية لأن تواصل العلولا مع القيادات اللبنانية لن يؤثر على حركة الكتل الناخبة في البلاد.
ورأى أن السعودية تفتح صفحة جديدة مع لبنان آخذة بعين الاعتبار اللبس الذي رافق مسألة استقالة الحريري من الرياض وأن إرسال الموفد الجديد يعني أن ملف العلاقة مع لبنان قد سحب من الوزير ثامر السبهان.
ولفت إلى أن زيارة العلولا لضريح رفيق الحريري إشارة واضحة عن استمرار المملكة في التحالف أساسا مع رئيس الحكومة دون أن يمنع ذلك تواصلها مع قيادات لبنانية أخرى.
وأضاف قواص في تصريح لـ”العرب” أن الأنباء التي تحدثت عن توجه الحريري ليلة الأمس إلى الرياض صحبة وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي وقف في أزمة استقالة الحريري داعما لرئيس الحكومة اللبنانية، تؤكد السعي لترميم علاقة الرجل الشخصية مع القيادة في السعودية. وخلص إلى أن “عودة” السعودية إلى لبنان تندرج ضمن استراتيجية تلاقي اهتمام المجتمع الدولي باستقرار البلد.
وينتظر أن يلتقي رئيس الوزراء اللبناني الأربعاء العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، على أن يلتقي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الخميس.