عينه على ما بعد عفرين
رد أكراد سوريا على “التهدئة” الأميركية التركية التي رافقت زيارة وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون إلى أنقرة، وما قد تحمله من تغير في الدعم الأميركي بتسريع خطوات التفاهم مع الرئيس السوري بشار الأسد للعب دور مهم في الدفاع عن عفرين مقابل تنازلات كردية عن إدارة المدينة.
وكشفت مصادر إعلامية مقربة من القوات السورية عن التوصل إلى اتفاق بين دمشق ووحدات حماية الشعب الكردية لدخول مقاتلين من القوات الشعبية الداعمة للقوات الحكومية إلى منطقة عفرين لمساندة الأكراد في معاركهم ضد مسلحي المعارضة المدعومين من الجيش التركي.
وأكدت المصادر أن التوصل إلى الاتفاق الذي تم بعد مفاوضات شاقة جرت في دمشق بوساطة روسية، يقضي بدخول مقاتلين من القوات الشعبية، وليس من الجيش السوري إلى عفرين خلال الساعات القليلة القادمة.
وتحدثت المصادر عن أن القوات المقرر دخولها أصبحت جاهزة لتكون في عفرين فور تلقيها الأوامر، مرجحة أن يتم ذلك خلال الساعات القليلة القادمة.
وقال متابعون للشأن السوري إن الخطوة الكردية الذكية يمكن أن تجعل القوات التركية بمواجهة قوات الدفاع الشعبي في مرحلة أولى، لكن قد يتطور الأمر إلى مواجهة مفتوحة مع دخول الميليشيات الحليفة لإيران والقوات السورية في مرحلة لاحقة إلى المدينة.
واعتبر المتابعون أن الوحدات الكردية يمكن أن تقدم تنازلا تكتيكيا للحكومة من خلال عرض الاستعداد لتقاسم إدارة المدينة، لكنهم حذروا من أن الخطوة قد تثير غضب واشنطن التي تبحث عن تثبيت وجودها شرق سوريا من بوابة الإقليم الكردي.
وكان مسؤولون أكراد قد أشاروا إلى أن الوحدات تشترط انتشار قوات الأسد خارج المدينة وعلى حدودها، وهو ما رفضه النظام الذي يطالب باستلام كافة المؤسسات في المدينة وفرض سيطرته عليها بشكل كامل.
ويعترف المراقبون بقدرة الأكراد على المناورة، والبحث عن تنويع الأصدقاء، حيث سبق أن فتحوا قنوات التواصل مع روسيا ومع الحكومة السورية، فضلا عن علاقتهم الوثيقة بواشنطن.
وقال رئيس قسم العلاقات الدولية في كلية العلوم الاقتصادية والإدارية بجامعة “يلدز″ التقنية بإسطنبول، محمد عاكف أوكور، إن “التنظيم (الكردي) يقيم علاقات مع جميع القوى تقريبا في سوريا، بعضها بشكل كثيف، والبعض الآخر أقل كثافة، وعندما تتغير الظروف والتوازنات يبحث التنظيم عن رعاة وأسياد جدد لهم”.
وأضاف “في حال اقتنع التنظيم بفكرة إمكانية توصل تركيا وأميركا إلى اتفاق في نقطة ما، عندها سيبدأ في البحث عن راع آخر له”.
وتتفوق الوحدات الكردية على تركيا في إدارة المعركة الإعلامية، ووجدت الأخيرة نفسها مجبرة على الرد بشكل مستمر على ما تسميه “الدعاية السوداء” للأكراد، وآخرها اتهامها باستعمال الكيمياوي في الهجوم على المدينة، ما يورط أنقرة في معارك مع المنظمات الدولية المتخصصة في هذا المجال ومع الأمم المتحدة.
وقالت الوحدات الكردية والمرصد السوري لحقوق الإنسان إن الجيش التركي شن ما يشتبه بأنه هجوم بالغاز أدى إلى إصابة ستة أشخاص في منطقة عفرين السورية الجمعة.
وأشار متحدث باسم وحدات حماية الشعب الكردية إلى أن القصف التركي استهدف قرية في شمال غرب المنطقة قرب الحدود التركية. وأضاف أن القصف أدى إلى إصابة ستة أشخاص بمشكلات في التنفس وبأعراض أخرى تشير إلى أنه كان هجوما بالغاز.
وشنت تركيا هجوما جويا وبريا الشهر الماضي في منطقة عفرين لتفتح بذلك جبهة جديدة في الحرب السورية التي تشارك فيها عدة أطراف لاستهداف المقاتلين الأكراد في شمال سوريا.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن القوات التركية وفصائل متحالفة معها من المعارضة المسلحة السورية أصابت القرية، الجمعة، بقذائف. ونقل المرصد، ومقره في بريطانيا، عن مصادر طبية في عفرين قولها إن ستة أشخاص أصيبوا في الهجوم بصعوبة في التنفس واتساع في حدقة العين مما يشير إلى أنه كان هجوما بالغاز.
ونقلت الوكالة العربية السورية للأنباء عن طبيب في مستشفى بعفرين قوله إن القصف التركي للقرية تسبب في إصابة ستة أشخاص باختناق.
وأكد مصدر دبلوماسي تركي السبت أن أنقرة “لم تستخدم مطلقا” الأسلحة الكيمياوية في سوريا معتبرا أن الاتهامات التي تشير إلى قيامها بذلك خلال عملياتها ضد مقاتلين أكراد في سوريا “لا أساس لها”.
ومنذ بدء الصراع في 2011 أقامت وحدات حماية الشعب وحلفاؤها ثلاث مناطق تتمتع بحكم ذاتي في الشمال من بينها عفرين. وزاد مجال نفوذ الأكراد بعد استرجاعهم لأراض كانت تحت سيطرة تنظيم داعش بمساعدة الولايات المتحدة على الرغم من اعتراض واشنطن على خططهم للاستقلال وكذلك الحكومة السورية.