عين على داعش وأخرى على النصرة
يحاول عناصر تنظيم داعش إحداث خرق في محافظة إدلب شمال غرب سوريا، مستغلين المعارك الجارية منذ أسابيع بين فصائل جهادية أخرى والجيش السوري. ولم يدخر التنظيم في الأيام الأخيرة وسيلة على مواقع التواصل الاجتماعي ليعلن عبرها شن هجمات وخطف جنود تابعين للجيش، ليظهر أنه اكتسب موطئ قدم في المحافظة الوحيدة الخارجة كليا عن سيطرة النظام.
ويسعى التنظيم الذي تكبد هزائم قاصمة في كل الرقة ودير الزور إلى لملمة شتاته واستعادة بريقه، معتبرا أن إدلب قد تكون الساحة المثلى لتحقيق أهدافه في ظل انغماس أعدائه في قتال لا يمكن الحسم في من ستؤول إليه الغلبة، وإن كانت الكفة ترجح النظام.
ووصل الأمر بالتنظيم في 12 يناير إلى اعتبار إدلب “ولاية”، علما بأن هذه المنطقة تقع في الواقع تحت سيطرة منافسته جبهة فتح الشام (النصرة سابقا). وأوضح أيمن جواد التميمي المتخصص بالحركات الجهادية أن عدد مقاتلي التنظيم في إدلب “قد لا يتجاوز المئات وربما ألف (مقاتل) على الأكثر”.
ولفت إلى أن هذا “الجيب” نشأ من وصول “مقاتلين من التنظيم فروا من مناطق أخرى”، الأمر الذي ينطبق أيضا على وجودهم في محافظة حماة المجاورة. وبعد صعود قوي العام 2014 وسيطرته على مساحات مترامية ابتداء من العراق وصولا إلى سوريا، أصيب التنظيم بنكسات كبيرة العام الماضي حتى بات محاصرا في جيوب متناثرة في سوريا.
وتقتصر سيطرة التنظيم في إدلب على 5 قرى جنوب شرق المحافظة، انتزعها في خضم المعارك المستمرة بين القوات الحكومية وهيئة تحرير الشام. وذكر التنظيم أنه قتل نحو 20 جنديا من القوات النظامية وأسر نحو 20 آخرين بالقرب من مطار أبوالظهور العسكري الذي يشكل الهدف الرئيسي للعمليات العسكرية القائمة.
وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أسر 31 جنديا، لكنه يرجح أن غالبية هؤلاء محتجزون لدى جماعات جهادية أخرى. وكان عناصر داعش قد شنوا في ديسمبر أول هجوم لهم في محافظة إدلب التي طردوا منها العام 2014 على أيدي جبهة تحرير الشام.
وقال الخبير في معهد سياسة الشرق الأوسط الذي مقره في واشنطن، حسن حسن، “لقد ظهروا فجأة، ولكن كان يشتبه من البداية بوجود خلايا نائمة للتنظيم في إدلب”. وأضاف “أشك في أن يكتسب داعش أهمية أكبر في هذا القطاع” مع إقرار الخبير بأن التنظيم التقط لحظة مناسبة “لتوسيع نفوذه وتنشيط خلاياه”.
وكان الجيش السوري بدعم من ميليشيات إيرانية ومن الطيران الروسي، بدأ عملية عسكرية في 25 ديسمبر لاستعادة جنوب شرق إدلب، وتمكن من السيطرة على العشرات من القرى والبلدات في المنطقة.
ويسعى الجيش إلى “تأمين” طريق يربط حلب، ثاني أكبر مدينة في البلاد، بالعاصمة دمشق والسيطرة على مطار أبوالضهور ليكون قاعدة رئيسية لاستكمال عملياته في إدلب.
وفضلا عما يوفره القتال الدائر بين النظام والفصائل في المنطقة، فإن داعش يعمل على الاستفادة أيضا من الصراعات الداخلية بين مختلف الجماعات الجهادية المنتشرة لجذب مقاتلين يشاركونه أيديولوجيته.
واعتبر المحلل تشارلي وينتر أن “من السابق لأوانه التكهن ما إذا كان بإمكان التنظيم العودة إلى سوريا، حيث أنه لم يعد يملك المقاتلين والموارد ليتمكن من شن هجمات استراتيجية” كما في السابق.