قطر ورعاية الإرهاب بأفريقيا
لم يكن ما كشفته صحيفة "سونا تايمز" الصومالية مؤخرا عن ترتيبات تركية-قطرية-إيرانية لتأسيس جماعة إرهابية جديدة في الصومال تتبع التنظيم الإخواني العالمي بالأمر المستغرب لخبراء سياسيين وأمنيين، قطعوا بأن الحلف الثلاثي الجديد لن يتوانى عن الإقدام على أي عمل يمكّنه من السيطرة العسكرية والسياسية على منقطة القرن الأفريقي بأسرها قبل الصومال.
وتوقع خبراء أمنيون مقاومة إقليمية واسعة للمخطط القطري-التركي-الإيراني باعتباره يوسع من دائرة الفتنة بالصومال، الذي بدأ يشهد استقراراً عقب انحسار دور حركة الشباب الإرهابية، فضلاً عن أن تشكيل قوى إرهابية جديدة من شأنه العصف بأمن بلدان المنطقة بأثرها، حسب توصيفهم.
وكانت الصحيفة الصومالية قد أكدت الأسبوع الماضي أن اجتماعاً سرياً عقد مؤخراً في تركيا شارك فيه ضباط استخبارات قطريون وإيرانيون وممثلون لجماعة حزب الله اللبنانية، بحضور المسؤول الرفيع بالقصر الرئاسي الصومالي فهد ياسين، لتشكيل جماعة إرهابية في الصومال تتبع فرع جماعة الإخوان الإرهابية بالبلاد، وتسير على طريق حزب الله الإرهابي في لبنان.
غير أن أجهزة استخبارات غربية، حسب الصحيفة، فضحت المخطط الذي جرى بعيدا عن الإقليم المستهدف، لتكشف عن تفاصيله لدبلوماسيين غربيين.
كما تم خلال الاجتماع تكليف فهد ياسين بالعمل على زعزعة الاستقرار السياسي للحكومات المحلية في الأقاليم الصومالية المناوئة للنظام القطري، إلى جانب دق "اسفين" بين الرئيس الصومالي محمد عبدالله فرماجو من جهة والدول التي الداعية لمكافحة الإرهاب من الناحية الأخرى.
ويهدف التشكيل الإرهابي الجديد حسب الدكتور أحمد إبراهيم -مسؤول رفيع سابق في الأمم المتحدة- إلى تغيير حكومات الأقاليم المناوئة لسياسة قطر؛ وهي منطقتا "جوبالاند" التي تتمتع بحكمٍ شبه ذاتي في جنوبي الصومال، و"جلمدج" التي تحظى بصلاحيات مماثلة في وسط البلاد، بجانب "أرض البنط" بشمال شرقي الصومال، والتي أعلنها زعماؤها دولة مستقلة من جانب واحد أواخر القرن العشرين.
فيما يرى الباحث في الشؤون الأفريقية د.أزهري بشير الحلف (الإيراني-التركي-القطري) الذي تشكل مؤخرا في ظل التحولات التي حدثت في السياسية الخارجية على المستويين الدولي والإقليمي يمكنه فعل أي شيء في سبيل سعيه للسيطرة على منطقة القرن الأفريقي الاستراتيجية، والتي تشكل محل أنظار مراكز القوى.
ويؤكد بشير أن تغلل الدول الثلاث في بلدان القرن الأفريقي خاصة الصومال ليس بالأمر الجديد، حيث بدأ التدخل التركي في الصومال منذ خروج المستعمر سنة 1991م، واستمر حتى إنشاء أنقرة قاعدة عسكرية بمقديشو في أكتوبر الماضي، بينما ظلت إيران تسيطر على عدد من الجزر الصومالية، فيما بقيت قطر عند دعم الحركات السلفية والجهادية.
وبالنسبة له فإن هذه المعطيات تدعم أي مزاعم بوجود اتجاه للدول الثلاث لبسط نفوذ عسكري في الصومال، بغض النظر عن مسماه وطبيعته، لافتا إلى أن التحولات الحادثة في المنطقة تحفز إيران-تركيا-قطر "ربما لقطع الطريق أمام مركز قوى دولية أخرى".
أما الخبير السوداني في الدراسات الاستراتيجية والأمنية أسامة عيدروس فأشار إلى أن مخطط قطر-تركيا-إيران لتشكيل حركة مقاتلة -إن صح- سينقل الصومال من دائرة الصراع والتكالب الإقليمي إلى الدولي، وأن وجود قوة عسكرية جديدة سيؤدي -من ناحية عملية- إلى إشعال الفتنة بأقاليم البلاد بعد أن شهدت اسقراراً، ما يخالف الموجهات الأممية الداعمة للوضع الفدرالي في الصومال، حسب وصفه.
وتوقع عيدروس مقاومة من الجوار والمحيط الصومالي، لأن إنشاء حركة قتالية برعاية الدول الثلاث الواقعة جغرافياً خارج البيت الأفريقي سيعصف بأمن المنطقة "وهذا ما يحفز على التصدي له".
وشدد على أن التدخلات الخارجية لها السهم الأكبر في مفاقمة الحرب الأهلية بالصومال من جهة وصراعها مع جارتها إثيوبيا حول إقليم أوقدين من ناحية أخرى، الأمر الذي يحتم ضرورة وقف التكالب على هذا البلد حتى ينعم أهله بالسلام الذي افتقدوه طويلاً.