مصالحة على المقاس
قالت أوساط خليجية إن الحملة التي تشنها قناة الجزيرة على البحرين هدفها اختبار الخطوط الحمراء مع السعودية وإفراغ قرارات قمة العلا من بعدها الشمولي الذي يلزم قطر بمصالحة مع رباعي المقاطعة، والتعامل معها كمصالحة ثنائية مع الرياض وفصل بقية مسارات المصالحة عنها مقدمة لمعارك إعلامية وسياسية جديدة.
وبثت الجزيرة على مدى الأيام الماضية تقارير حول أوضاع السجناء في سجن جو، خصوصا ما سمتها مخاطر على حياتهم بسبب الإجراءات المتبعة لاحتواء فايروس كورونا، ما اعتبرته البحرين “حملة تحريضية عدائية”.
وأشارت الأوساط الخليجية إلى أن قطر، ومنذ الأيام الأولى للمصالحة الخليجية، استمرت في الحملة على البحرين كونها الخاصرة الرّخوة في جبهة المقاطعة لاختبار موقف السعوديين بدرجة أولى، هل سيردون الفعل، أم يتحرّكون وديا لتسوية التصعيد، أم يتعاملون مع الاختراق على أنه خلاف ثنائي بين الدوحة والمنامة وعليهما حلّه معا. وفي انتظار ذلك يصبح اختراق اتفاق المصالحة أمرا معهودا وإن كان يتم بالتدرج.
وأضافت الأوساط ذاتها أن القطريين يمضون في مسار اختبار الخطوط الحمراء للمصالحة الخليجية من بوابة البحرين مستغلّين اهتمام السعودية بقضايا ومشاغل كثيرة داخليا وخارجيا بينها العلاقة مع الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة جو بايدن، وكيفية إنهاء حرب اليمن، وتسريع مراحل رؤية 2030 بالرغم من التحديات الكبرى التي تواجه اقتصاديات العالم.
ووصف بيان لـ وزارة الداخلية البحرينية تغطية قناة الجزيرة بأنها “حملة عدائية”. وقال البيان إن “هذه الحملة التحريضية التي تشعلها القناة القطرية بدعم من مالكيها، هي حملة عدائية إعلامية تحريضية ضد مملكة البحرين، ولا صلة لها مطلقا بالشعارات التي ترفعها القناة”.
ويتهم مراقبون بحرينيون قطر بأنها جعلت من قناة الجزيرة منبرا للمعارضة الشيعية الموالية لإيران، وأنها لا تفوّت الفرصة لإظهار تحالفها مع إيران ضد البحرين، مذكّرين بما وصفوها بـ”مؤامرة” الشيخ حمد بن جاسم رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الأسبق على البحرين في 2011 من خلال التنسيق مع علي سلمان زعيم حركة الوفاق المحظورة لأجل مواصلة الاحتجاجات وإسقاط الحكومة البحرينية ضمن ما اصطلح على تسميته بموجة “الربيع العربي”.
وأكثر ما كان يستفز البحرينيين هو المبالغة القطرية في الحديث عن أن مسار مصالحة يجب أن يشمل إيران التي تمعن في استهداف أمن البحرين واستقراها، في الوقت الذي يعمل فيه الإعلام القطري على ضرب التقارب مع البحرين.
ومن البداية كانت هناك خطة قطرية لاستهداف المنامة واستثنائها من المصالحة في رسالة سلبية مفادها أن الدوحة تفاوضت مع الرياض وتوصلت معها إلى تهدئة، وأن البحرين لا تعنيها، في الوقت الذي أعلنت فيه السعودية أنها كانت تتحرك وتتفاوض قبل التوصل إلى المصالحة، وذلك بالاتفاق مع شركائها الثلاثة.
وعقب العودة من قمة العلا في يناير الماضي اتّجهت قطر إلى اتّباع سياسات تقوم على إثارة أقصى ما يمكن من المواضيع الخلافية مع البحرين.
وبعد إثارتها موضوع الصيادين البحرينيين وتجاوزهم حدود المياه الإقليمية لبلادهم ودخولهم المياه القطرية لجأت الدوحة إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لتقديم شكاوى ضد المنامة متهمة طائرات مقاتلة بحرينية باختراق مجال قطر الجوي بدل بحث الخلاف على مستوى ثنائي أو خليجي.
ويعتقد المراقبون أن التصعيد القطري من بوابة أوضاع السجون وتحريك ورقة المعارضة البحرينية المرتبطة بإيران سيعني أن مسار المصالحة مع البحرين قد انتهى إلى أفق مسدود، وهو ما عكسه بيان وزارة الداخلية البحرينية.
وأكد بيان الداخلية البحرينية أن “هناك منهجية منسّقة بين قناة الجزيرة القطرية الحكومية كطرف أساسي وأشخاص يديرون منظمات تدّعي العمل في مجال حقوق الإنسان، في حين أنهم محكومون وهاربون من العدالة وبعضهم متورط في قضايا إرهابية”، في إشارة إلى استضافة القناة لمن تقول إنهم “نشطاء بحرينيون” وهم عادة معارضون عليهم أحكام في البحرين ولاجئون إلى الخارج.
وتابع “تتضمن هذه المنهجية ترديد بعض البرلمانيين في الدول الأوروبية معلومات مغلوطة عن الوضع الحقوقي في البحرين تتولى الجزيرة بثها على الفور وفق عملية منظمة تستهدف النيل مما تحققه البحرين من مكتسبات حتى في تلك الظروف الاستثنائية التي يعيشها العالم في ظل جائحة كورونا”.
وشدّد على أن هؤلاء يجهلون “الإجراءات الاحترازية والصحية المطبقة بشكل مهني في مركز الإصلاح والتأهيل لحماية صحة كافة النزلاء وسلامتهم، أيا كانت مدد محكومياتهم”.
وردّت الوزارة في بيان سابق على تقرير أوردته قناة الجزيرة عن وضع الأطفال في مركز رعاية الأحداث بالبحرين. وقالت إنّ نزلاء المركز الإصلاحي يتمتّعون برعاية حقوقية لا تتوفّر في قطر نفسها، معتبرة أنّ ما أوردته القناة مجرّد ادّعاءات ضمن “الحملة التحريضية الممنهجة للقناة المذكورة ضد مملكة البحرين وشعبها”.