أكرم إمام أوغلو: حجب التبرعات موقف ضعيف للغاية
تقدم عمدة إسطنبول أكرم إمام أوغلو بشكوى جنائية ضد وزير الداخلية التركي بسبب سلسلة التحقيقات التي تستهدفه، إذ يأتي قرار اللجوء إلى القضاء ضمن الأساليب العديدة والمختلفة التي تعتمدها المعارضة لتشدد الضغوط على نظام الرئيس رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية من أجل إحراجهما وكشف الانتهاكات التي يرتكبونها.
تتواصل المعركة التي تخوضها المعارضة ضد حكومة حزب العدالة والتنمية في تركيا حيث تجند لها كل أسلحتها آخرها كان تقدم عمدة إسطنبول المعارض أكرم إمام أوغلو بشكوى جنائية ضد وزير الداخلية التركي سليمان صويلو على خلفية سلسلة تحقيقات ضد إمام أوغلو.
وتأتي الشكوى الجنائية المقدمة من إمام أوغلو ضد وزير الداخلية في سياق الإحراج المتواصل الذي تعتمده المعارضة التركية لتكثيف الضغوط على نظام الرئيس رجب طيب أردوغان.
وقدم محامي إمام أوغلو الشكوى الجنائية إلى مكتب المدعي العام في إسطنبول ضد صويلو ومسؤول آخر في الوزارة بسبب 27 تحقيقا تم إجراؤها ضد إمام أوغلو في أنشطته خلال فترة ولايته في منصب عمدة منطقة بيليك دوزو في مدينة إسطنبول بين عامي 2014-2019.
وقال محامي إمام أوغلو، بحسب ما نقلت “صحيفة سوزغو”، إن صويلو والمفتش المدني عارف يلدريم مسؤولان عن إساءة استخدام سلطتهما من خلال التوقيع على التحقيقات، التي تحتوي على وثائق مزورة وقذف.
وأوضح إمام أوغلو أن 25 تحقيقا تتعلق بمناقصات من قبل بلدية بيليك دوزو فيما تقف دوافع سياسية وراء قضيتين تتعلقان بالتخطيط الحضري. وكان إمام أوغلو المنتمي إلى حزب الشعب الجمهوري المعارض قد فاز بمنصب عمدة إسطنبول خلال الانتخابات البلدية المثير للجدل والتي جرت في عام 2019.
وتضع الحكومة إمام أوغلو نصب عينيها واستهدفته في مناسبات عديدة، حيث أجرت وزارة الداخلية الشهر الماضي تحقيقا في حملة خيرية بلدية للعائلات المتضررة من جائحة فايروس كورونا.
وضيّقت وزارة الداخلية التركية على أكرم إمام أوغلو، وقامت بمحاصرته بالتحقيقات من أجل إفشاله في رئاسته للبلدية. ويمثّل أوغلو منافسا محتملا وقويا للرئيس رجب طيب أردوغان في الانتخابات الرئاسية المقبلة المقرر إجراؤها في العام 2023.
وفاز إمام أوغلو في الانتخابات البلدية في العام الماضي بهامش ضيق، لكن حزب العدالة والتنمية الحاكم برئاسة رجب طيب أردوغان طلب إعادة الانتخابات وتقدم إلى المجلس الأعلى للانتخابات بدعوى التزوير، ووافق المجلس في 6 مايو 2019، على الدعوى وأمر بإعادة الانتخابات.
وقالت صحيفة سوزغو “بعد الإلغاء المثير للجدل للانتخابات المحلية في إسطنبول، بدأ المفتش عارف يلدريم وحوالي 20 زميلا بتكليف من وزارة الداخلية” تحقيقا خاصا “يغطي أنشطة بلدية بيليك دوزو بين عامي 2012 و2019”.
وكان المفتش يلدريم مرشحا لحزب العدالة والتنمية في مقاطعة مرسين الجنوبية خلال انتخابات 2015.
وبدأت وزارة الداخلية في 18 أبريل الماضي تحقيقا ضد رئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو ورئيس بلدية أنقرة منصور يافاش، بخصوص حملة التبرعات التي أطلقتها بلديات تسيطر عليها المعارضة، بينها بلديتا إسطنبول وأنقرة، لدعم المواطنين المحتاجين جرّاء أزمة كورونا.
وذكرت وزارة الداخلية في تعليقها على المسألة، أنّه “لا توجد دولة داخل الدولة”، وأنّه تمت مصادرة بعض الأموال التي تم جمعها وإيداعها في أحد البنوك.
ومنعت وزارة الداخلية حملات المساعدة البلدية في 31 مارس بعد أن أطلق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حملة لجمع الأموال على الصعيد الوطني، لمساعدة الأتراك ذوي الدخل المنخفض أثناء تفشي المرض. واتهم أردوغان البلديات التي تديرها المعارضة بمحاولة تشكيل دولة موازية من خلال إطلاق حملات خيرية.
وقال إمام أوغلو إن وزارة الداخلية بدأت تحقيقا حول عملية التبرع، وإنّ حجب أموال المواطنين الراغبين بالمساعدة عن طريق بلدياتهم هو موقف ضعيف للغاية، وهو موقف يأتي من تدخّل من الأعلى إلى الأسفل.. وأشار إلى أنّ الذي أصدر تعليماته، هو جزء من هذا الضعف، وممّا وصفه بالفظاظة.
وحاولت الحكومة ووزارة الداخلية تبرير المحاكمة حيث اتهما البلديتين بمحاولة إنشاء دولة داخل الدولة، فيما صادرت السلطات بعض الأموال التي تم جمعها وهو ما أثار موجة انتقادات واسعة وتوجيه الاتهامات لأردوغان بمحاولة استغلال الملف سياسيا رغم أن البلاد تعيش أزمة كورونا.
ويحظى إمام أوغلو بشعبية كبيرة تزايدت منذ تقلده منصبه رئيسا لبلدية إسطنبول، ما جعله يصبح مصدر تهديد لأردوغان وحكومة حزب العدالة والتنمية.
ضيّقت وزارة الداخلية التركية على أكرم إمام أوغلو، وقامت بمحاصرته بالتحقيقات من أجل إفشاله في رئاسته للبلدية
وإلى جانب رئيس بلدية إسطنبول ينصب أردوغان وحكومته العداء للكل رؤساء البلديات المنتمين إلى المعارضة أو الأحزاب الموالية لهم. وتم إقصاء نحو 45 رئيس بلدية من حزب الشعوب الديمقراطي، الليبرالي والموالي للأكراد منذ أغسطس 2019 بحسب ما تؤكد الأرقام الرسمية.
كما اعتقلت الحكومة المئات من السياسيين المحليين والمسؤولين المنتخبين والآلاف من أعضاء حزب الشعوب الديمقراطي بتهم تتعلق بالإرهاب منذ الانتخابات المحلية التي جرت في 19 مارس من ذلك العام.
والاثنين، وجه الاتحاد الأوروبي انتقادات لاذعة لتركيا على خلفية إقصاء العشرات من رؤساء البلديات من أحزاب المعارضة منذ العام الماضي بدعوى محاربة الإرهاب.
وقال المتحدث باسم مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، إن “إقصاء تركيا لرؤساء البلديات المعارضين يقوّض بشكل خطير الأداء الصحيح للديمقراطية المحلية”.