«بينما يركّز العالم على مكافحة وباء كورونا وإنقاذ الأرواح، ركَّز الحوثيون على القيام بعمل قوات فيلق القدس التابعة للحرس الثوري الإسلامي الإيراني، وذلك بمهاجمة المدنيين الأبرياء».
هكذا علّق السفير الأميركي لدى السعودية، الجنرال جون أبي زيد، والحال أنَّ الهجوم الحوثي بالصواريخ على العاصمة السعودية الرياض مساء السبت الماضي، وبالمسيّرات على مدن الجنوب السعودي، لا تكمن غرابته في غمرة انشغال العالم بمجابهة جائحة كورونا، بل إنَّه أتى بُعيد «التفاهم» الذي جرت رعايته أممياً بين الحكومة الشرعية والميليشيات الحوثية، لوقف إطلاق النار وبناء إجراءات الثقة، بسبب توحيد الجهود لمجابهة كورونا، ليأتي بعدها هذا النكث الكبير.
هذه الهجمات الصاروخية على الأحياء المدنية السعودية، أطلقتها ميليشيات الحوثي الإرهابية من (صنعاء) و(صعدة) باتجاه الأعيان المدنية والمدنيين بالمملكة. حسب تصريح المتحدث باسم قوات التحالف العربي العقيد تركي المالكي.
مصدر الاستغراب ليس فقط نكث الحوثي بهدنة كورونا، أو السباحة عكس تيار شواغل العالم اليوم، بل يأتي أيضاً بعد أيام من العرض الخبيث الذي قدّمته العصابة الإيرانية اليمنية الحوثية للدولة السعودية، بإطلاق سراح بعض العسكريين السعوديين لديهم، مقابل إطلاق سراح بعض الموقوفين بتهم أمنية من أنصار حركة حماس الفلسطينية الإخوانية في السعودية، وترحيب حركة حماس بهذا العرض الحوثي اللئيم. هذه القطع المتناثرة من الصورة إذا تمّ جمع بعضها لبعض، بانت الصورة الكبيرة واضحة المعالم، وهي أنَّ العصابة الحوثية، ومن يديرها أو ينسّق معها من إيران وضاحية حسن نصر الله في بيروت، وقتلة «الحشد الشعبي» في العراق، لا همَّ لها بصحة اليمنيين وحياتهم وأمنهم، حتى في ذروة الاستنفار العالمي لمجابهة جائحة كورونا.
الحوثي مشغول فقط باقتناص هذا الانشغال العالمي والعربي لتمرير أعماله الخبيثة، هذه هي ثقافتهم، ثقافة الموت والفناء، وقد عبَّر عنها مقطع فيديو تداوله اليمنيون لناشط حوثي اسمه «شفيع ناشر» ظهر في برنامج تلفزيوني بإحدى القنوات التابعة للميليشيات، وهو يؤكد أنَّ «جبهات القتال هي مكان آمن من فيروس كورونا، حيث لا يوجد اختلاط هناك»!
هذا كله يكشف مدى «سذاجة» المبادرات التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة البرتغالي غوتيريش، للحوثي، بوقف الحرب من أجل توحيد الجهود ضد كورونا، وهو، أي البرتغالي، كأنَّه لم يرَ فعائل عصابات إيران في العراق وسوريا بل وإيران نفسها، قبل دعوات السكرتير الأممي وأثناءها وبعدها.
مقتضى الحزم يقول بإنَّ هذه الأيام، يراها الحوثي ونظراء الحوثي «فرصة» لزيادة العمل، وليست هدنة إنسانية... لذلك يجب أن يرى حماة الدول وأمنها، في هذه الأيام فرصة لزيادة جرعة الردع الشديد للحوثي ومن يغويه ويسانده من إخوان قطر وتركيا، يمنيين كتوكل كرمان، وغير يمنيين، وكذا من يدربه ويموّله من الجماعة الخمينية من إيران إلى لبنان مروراً بالعراق.
فرصة أراها، بعدما تبيّن رداءة الدور الأممي، جهلاً أو تجاهلاً، لا فرق، لردع الحوثي وخونة الإخوان باليمن.