احتجاجات العراق
أثار مقتل شاب قرب تجمعات المتظاهرين في ساحة الوثبة وسط العاصمة العراقية بغداد موجة احتجاجات وجدلا وتبادل اتهامات بشأن الطريقة بالغة العنف التي قتل فيها.
وقالت الشرطة العراقية إن خلافا بين شاب في الـ 17 من عمره ومحتجين انتهى بقتله وتعليق جثته على عمود إشارة مرور في ساحة الوثبة بالقرب من ساحة التحرير، مركز حركة الاحتجاج المناهضة للحكومة، والمستمرة منذ أكثر من شهرين.
ويتهم المتظاهرون هذا الشخص بإطلاق النار عليهم وقتل عدد منهم، قبل مهاجمتهم لمنزله وقتله.
وأفاد مصدر في وزارة الصحة العراقية بأن خمسة أشخاص قد قتلوا في منطقة ساحة الوثبة، في حادث إطلاق النار المذكور.
وكانت الشرطة قالت في وقت سابق، إن محتجين، ممن يتهم بعضهم الشرطة بعدم حمايتهم من "المخربين"، أضرموا النار منزل الشاب القريب من المنطقة.
وأظهر مقطع فيديو، نشر على الإنترنت، بعض العناصر ترتدي ملابس قوات الأمن وهي تنسحب من المكان، قبل أن يسحل مجموعة أفراد شابا على الأرض، بينما كان الناس يركلونه بأقدامهم.
وعُلق جسد الشاب، الذي كان عاريا إلا من ملابسه الداخلية، على عمود إشارة مرور من قدميه.
ثم سحبت الجثة في وقت لاحق، ونقلت إلى مشرحة الطب الشرعي، بحسب ما قاله شهود عيان. وأكدت المشرحة تسلم الجثة.
وقد تؤدي هذه الحادثة - بحسب بعض المراقبين - إلى تغيير جذري في الوضع بالنسبة إلى حركة الاحتجاج، التي اتسمت بالسلم في مواجهة العنف، الذي قتل فيه 460 شخصا، وأصيب نحو 25 ألف شخص آخر بجروح، معظمهم من المتظاهرين.
وندد بيان وقعه "المحتجون في التحرير" ونشر على الإنترنت، بما سموه "خطة انتهازية هدفت إلى تشويه سمعة المحتجين السلميين".
وأعلنوا براءتهم من أعمال العنف أو تلك التي تخرج عن "نطاق سلمية" المظاهرات.
وقال بيانهم إن إطلاق هذا الشخص النار "دفع البعض من مجهولي الأهداف والانتماءات إلى مهاجمة منزل الشخص وحدث ما حدث، أمام رفض تام من قبل المتظاهرين السلميين لجميع هذه الأفعال".
وشدد البيان على أن آلاف المحتجين في ساحة التحرير "لا علاقة لهم بالأحداث التي وقعت هذا الصباح".
وفي أعقاب نشر صور الحادثة، كتب حساب على تويتر، وثيق الصلة بالزعيم الشيعي، مقتدى الصدر، تغريدة يهدد فيها بسحب أنصاره المعروفين بـ"القبعات الزرق"،من ساحات التظاهر، والذين يصفهم بأنهم يقومون بحماية المتظاهرين فيها.
وقال: "إن لم يسلم الإرهابيون المسؤولون (عن الحادثة) خلال 48 ساعة، فسوف ينسحب (أصحاب) القبعات الزرق من جميع الأماكن التي يتجمع فيها المحتجون".
وندد قيس الخزعلي، زعيم "عصائب أهل الحق"، وهي فصيل من قوات الحشد الشعبي، بـ"الفوضى"، التي يقول إنه كان قد حذر منها منذ بدء الاحتجاجات.
وتساءل على تويتر: "إلى متى ستستمر هذه الفوضى، وغياب القانون، وقوات الأمن الضعيفة، وانتشار الأسلحة، والمليشيات القذرة".
ويتهم المحتجون بعض الفصائل المسلحة الموالية لإيران، ومن بينها الفصيل الذي يقوده الخزعلي، بأن لها يدا في قتل وخطف المتظاهرين.
وما زالت الهجمات وعمليات الخطف، التي تستهدف النشطاء والمحتجين العراقيين مستمرة، وسط أنباء تفيد بخطف ناشطين بالقرب من ساحة التحرير وسط بغداد.
وكان عمر العامري وسلمان المنصوري هما آخر من استهدفا في عمليات مماثلة، بحسب ما ذكره موقع "رووداو" الكردي الإخباري الخميس.
ونقل الموقع عن مصدر عراقي قوله: "خطف الناشطان بعد أن تركا ساحة التحرير، وبينما كانا في طريقهما إلى حي الكاظمية في وسط بغداد لشراء خيام للمحتجين".
وذكر مصدر آخر أن آخر اتصال بالناشطين الشابين تم بعد ظهر الأربعاء.
ونشر نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر إطلاق سراح عدد من المحتجين، كانوا قد خطفوا في وقت سابق.
وأضاف النشطاء أن حوالي 11 محتجا وناشطا كانوا قد خطفوا عندما كانوا متوجهين في حافلة إلى ساحة التحرير، واستوقفتهم سيارات مصفحة.
ومازال مهاجمون مجهولون يستهدفون المحتجين منذ بدء المظاهرات في أكتوبر/تشرين الأول، غير أن هجماتهم زادت خلال الأيام الأخيرة.
وكانت تقارير قد أفادت في وقت سابق بأن الناشط علي اللامي قتل، بعد خطفه وهو يغادر ساحة التحرير.
ووقع ذلك بعد أيام من إطلاق النار على الناشط العراقي البارز، فاهم الطائي، في مدينة كربلاء وقتله.
ولا يزال المحتجون يواصلون مظاهراتهم منذ أكثر من شهرين، مطالبين بتغيير النظام، الذي ترك معظم سكان البلاد يعانون من تدهور الخدمات الأساسية، والبطالة، بسبب الفساد والمحسوبية والمحاصصة الطائفية.