رئيس وزراء فلسطين
وصف، رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية، الخطة الاقتصادية الأمريكية للسلام في الشرق الأوسط، بأنها "منفصلة عن الواقع"، مستبعدا تطورها إلى خطة سياسية.
جاء ذلك بعد يوم من اختتام مؤتمر دولي رعته إدارة الرئيس دونالد ترامب في البحرين، بهدف إرساء الأسس الاقتصادية للسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل.
واعتبرت الولايات المتحدة ورشة البحرين التي استغرقت يومين المرحلة الأولى من خطتها الأوسع نطاقا لحل الصراع في الشرق الأوسط، وقالت دول خليجية عربية حليفة للولايات المتحدة إن المبادرة الاقتصادية قد تكون واعدة إذا تم التوصل لتسوية سياسية.
لكن رئيس الوزراء الفلسطيني قال لوكالة "رويترز"، اليوم الخميس، إنه يشعر أن تلك المبادرة "لن تنفذ على أرض الواقع ولن يكون لها مستقبل".
وأضاف في مقابلة معه في مكتبه بمدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة: "أعتقد أنها كانت ورشة اقتصادية منفصلة ومنبتة الصلة تماما عن الواقع… لم تكن سوى تجربة ذهنية".
والمقترحات التي طرحت في ورشة البحرين التي حملت عنوان "الازدهار من أجل السلام" تمثلت في إنشاء صندوق استثماري قيمته 50 مليار دولار لإنعاش الاقتصاد الفلسطيني واقتصاد الدول المجاورة على أن يخصص أكثر من نصفه للأراضي الفلسطينية على مدى عشر سنوات.
وقاطع القادة الفلسطينيون المؤتمر وما زالوا يرفضون التواصل مع البيت الأبيض لاتهامه بالانحياز لإسرائيل بعد اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل في 2017. ويريد الفلسطينيون القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المستقبلية.
لكن التفاصيل السياسية للخطة التي تأجل الكشف عنها مرارا بقيت طي الكتمان ولا يعرف عنها إلا عدد محدود من الشخصيات. ويقود جاريد كوشنر، صهر ترامب، جهود صياغة وطرح تلك الخطة.
ويقول كوشنر ومبعوث ترامب للشرق الأوسط جيسون غرينبلات إن الكشف عن العناصر السياسية للخطة سيتم لاحقا وربما يكون ذلك بعد إجراء انتخابات مبكرة في إسرائيل للمرة الثانية في سبتمبر/أيلول.
لكن الفلسطينيين يخشون من أن فريق ترامب ربما يتخلى عن حل الدولتين الذي يعتمد على تأسيس دولة فلسطينية مستقلة بجوار إسرائيل.
وقال أشتية:
"لم نر في الأوراق أي ذكر للاحتلال (الإسرائيلي) ولا للمستوطنات ولا لفلسطين ولا (لحل) الدولتين ولا لحدود 1967 ولا القدس وهكذا".
وقال غرينبلات إن من المؤسف أن تختار القيادة الفلسطينية عدم حضور مؤتمر البحرين.
وأضاف غرينبلات اليوم الخميس في مؤتمر بالقدس احتفالا بالتحالف الإسرائيلي الأمريكي "شوهوا رسالتنا وحاولوا تقويض التقدم الذي أحرزناه.. لكنهم لم يفلحوا. ليست تلك المرة الأولى التي يفوتون فيها فرصة حقيقية".
وفيما يتعلق بإسرائيل قال أشتية "النقاش في إسرائيل اليوم لا يدور للأسف الشديد بين من يريدون إنهاء الاحتلال ومن يريدون بقاءه. بل أن النقاش يدور في إسرائيل اليوم بين من يريدون الإبقاء على الوضع الراهن ومن يريدون ضم بعض أجزاء الضفة الغربية".
كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد تعهد قبل أيام من الانتخابات الإسرائيلية التي جرت في أبريل نيسان بضم المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية لإسرائيل حال فوزه.
تولى أشتية، وهو عضو في حركة فتح التي يتزعمها الرئيس محمود عباس، رئاسة الوزراء في مارس/آذار خلفا لرامي الحمد الله الذي قاد جهود المصالحة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تدير قطاع غزة.
ولا يشكك كثيرون في معرفة الخبير الاقتصادي أشتية بحجم المشكلات المالية التي تواجه السلطة الفلسطينية. ورأس أشتية من قبل المجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار.
لكنه تسلم المنصب رئيسا لحكومة تواجه ضغوطا حادة بسبب قطع المساعدات الأمريكية. كما أدى خلاف سياسي مع إسرائيل بشأن حجب نحو خمسة بالمئة من العائدات الضريبية الشهرية، التي تبلغ نحو 190 مليون دولار، والتي تحولها إلى السلطة الفلسطينية إلى تفاقم الأزمة.
وأدت الضغوط المالية المتزايدة على السلطة الفلسطينية إلى ارتفاع حاد في الدين إلى ثلاثة مليارات دولار وإلى انكماش حاد في اقتصادها الذي يقدر الناتج المحلي الإجمالي فيه بنحو 13 مليار دولار وفقا لبيانات سلطة النقد الفلسطينية.
وقال أشتية إن المشكلات الاقتصادية الأساسية تتمثل في استمرار الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وهو ما يعني أن الفلسطينيين "لا يتحكمون في حدودهم".
ومضى يقول "نحن لا نتحكم في نقاط الدخول والخروج ولا سيطرة لنا على أراضينا".
وأضاف أن الخلاف الضريبي مع إسرائيل، تسبب في احتدام الأزمة المالية الحالية.
وتقول إسرائيل إن المبلغ الذي تحجبه من العائدات الضريبية يماثل الرواتب، التي ترسلها السلطة الفلسطينية لأسر مسلحين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وهي مدفوعات تقول إسرائيل إنها تشجع على شن مزيد من الهجمات ضدها.
ورفضت السلطة الفلسطينية قبول أي تحويلات ضريبية لحين إعادة إسرائيل للأموال التي حجبتها.
وقال أشتية إن ذلك العجز كان من أسباب اضطرار السلطة الفلسطينية إلى دفع نصف رواتب الموظفين فقط.
وحذر من أن هذا الوضع قد يؤدي قريبا إلى إضعاف قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، والتي تنسق مع الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية.
وتساءل أشتية
"هل يمكننا الاستمرار على هذا الوضع؟ لست واثقا من ذلك. إذا لم يكن لدى الشرطي بنزين في سيارته لن يتمكن من الحفاظ على القانون والنظام في الشوارع. وهنا تكمن المشكلة".