وقفة في أوروبا ضد الإرهاب وتداعياته
ثلاثة أيام تفصل بين الهجوم الإرهابي في نيوزيلندا، جنوب شرق أستراليا، وإطلاق نار اليوم الإثنين في هولندا، أقصى أوروبا الغربية، إلا أن القاسم المشترك بينهما هو التطرف الذي تغذيه لغة واحدة وهي الكراهية.
مجزرة المسجدين
والجمعة الماضية، استهدف هجوم إرهابي مسجدين بمدينة "كرايست تشيرتش"، أثناء الصلاة، ما أسفر عن مقتل 50 شخصا وإصابة 50 آخرين.
وتمكنت السلطات من توقيف المنفّذ، وهو أسترالي يدعى "بيرنتون هاريسون تارانت" في الحادث الذي أدمى قلوب الملايين حول العالم.
و"كرايستشيرش Christchurch" وتعني ترجمتها بالعربية "كنيسة المسيح" تعد أكبر مدينة في الجزيرة الجنوبية من نيوزيلندا، وهي عاصمة إقليم كانتربيري، وتعد نموذجاً للتعايش والتسامح في البلاد.
ويندرج الهجوم تحت أيديولوجية اليمين المتطرف وسياسة معاداة المهاجرين حيث بثه منفذه الأسترالي بصورة وحشية أمام الملايين على موقع التواصل الاجتماعي.
حادث أوتريخت
واليوم الإثنين، قتل شخص وأصيب آخرون جراء حادث إطلاق نار في ساحة محطة الترام وسط مدينة أوتريخت الهولندية الهادئة التي تشتهر بالفعاليات الثقافية.
وعقب الحادث، شهدت المدينة حالة من الهلع والانتشار الأمني حيث اعتبرته الحكومة "إرهابيا".
وطوقت الشرطة الهولندية المكان، وقالت إنه "تم نشر العديد من طائرات الهليكوبتر الطبية لتقديم المساعدة كون مطلق النار ما زال طليقا".
ولفتت إلى أن "التحقيقات حول الحادث قد بدأت"، مشيرة إلى أنها تضع في الحسبان احتمالية "العمل الإرهابي".
وطالبت الشرطة الهولندية المدارس في أوتريخت بإغلاق أبوابها حتى إشعار آخر.
بدوره، أكد رئيس الوزراء الهولندي مارك روته أن حكومته تعقد اجتماعا لمناقشة الأزمات بعد حادث إطلاق النار في أوتريخت.
وأوضح روته، في بيان، أن قوات الأمن في هولندا تعزز الإجراءات الأمنية في المطارات والأماكن العامة الحيوية ومقر الحكومة في لاهاي.
وأكد أنه جرى رفع حالة التهديد الإرهابي في أوتوريخت لأقصى درجة.
ووفق مراقبين، فإن هذه الحوادث لم تأتِ من فراغ بل هي جزء من موجة صعود الشعبوية في الغرب في ظل الخوف من المهاجرين واللاجئين، والتي كانت شماعة رفعتها أحزاب اليمين المتطرف في دول كثيرة من أجل الحصول على مكاسب انتخابية دون الأخذ في الاعتبار بمآلات هذه الشعارات التي أدت في النهاية إلى إراقة كثير من الدماء البريئة.
وأكدوا أنه في ظل صعود أحزاب اليمين المتطرف في بعض الدول الغربية يعزز موقفها المتطرف والمناهض للإسلام الجماعات التي تنسب الدين الإسلامي لها زوراً كجماعة الإخوان المسلمين، والتي تعد النواة لتنظيمات إرهابية أشد دموية كداعش والقاعدة، وهي التي تدعو لتنفيذ الهجمات الانتحارية في الغرب.
"الإسلاموفوبيا" ومعاداة اللاجئين
واتسعت في الغرب خلال السنوات الأخيرة رقعة "الإسلاموفوبيا"، التي تعكس نشر الخوف والتخويف من الإسلام وما يترتب عليه من اعتداءات ضد المسلمين، دون اتخاذ الدول المعنية أو المجتمع الدولي خطوات حاسمة لمواجهته.
وكشفت المفوضية الأوروبية لمناهضة العنصرية والتعصب أن ظاهرتي "الإسلاموفوبيا" و"معاداة اللاجئين" في أوروبا سجلتا ارتفاعا ملحوظا خلال 2017.
وأوضحت المنظمة، في تقرير لها، أن "بعض الدول الأوروبية شهدت ارتفاعا ملحوظا في ظاهرة معاداة اللاجئين".
وأشارت إلى أن "ظاهرة العداء للاجئين لم تقتصر على مؤيدي الأحزاب العنصرية المتطرفة فقط، بل اتسعت لتشمل أفراد الشعب العادي في بعض الدول".
ولفتت إلى أن "عددا من الأحزاب اليمينية المتطرفة استغلت الهجمات التي جرت في بعض العواصم الأوروبية لإطلاق حملات عنصرية ضد الدين الإسلامي والمنتمين له".