تقع دندرة على الضفة الغربية لنهر النيل على بعد حوالي 5 كم إلى الشمال الغربي من مدينة قنا .
عرفت في النصوص المصرية القديمة باسم (تا نثرت) أي ارض الإلهة إشارة إلى الإلهة حتحور ربة المعبد ,ثم أصبحت في اليونانية (تنتريس) وفى العربية أصبحت (دندرة ).
كانت دندرة عاصمة الإقليم السادس من أقاليم مصر العليا .
تضم منطقة دندرة المعبد الرئيسي الذي كرس للربة حتحور ومعها زوجها حور بحدتي (حورس الكبير ) وابنهما حور ايحى (حورس الصغير ).
ثم هناك السور المشيد من الطوب اللبن و ومعبدين للولادة الإلهية ( ماميزى ) الأول بني في عهد الملك (نختنبو الأول) من ملوك الأسرة 30 الفرعونية , والثاني شيد في عهد الإمبراطور أغسطس .
هذا بالإضافة إلى منشأة تحولت إلى كنيسة . وتعد هذه الكنيسة الأقدم في مصر فترجع إلى القرن الرابع الميلادي . وضمت منطقة دندرة الأثرية البحيرة المقدسة التي كانت خاصة للملكة كليوباترا السابعة .
أما المعبد الرئيسي فهو آية في العمارة ومثالا رائعا وفريدا في الفنون وكتابا شاملا للفكر الديني المصري . هذا بالإضافة إلى انه من أحسن المعابد المصرية حفظا .
ويعرف هذا المعبد أيضا باسم معبد حتحور ويبلغ طوله 86 متر وعرضه 43 متر .
تشير بعض النصوص إلى إن الأصول الأولى لهذا المعبد ترجع إلى الدولة القديمة , وكان هناك معبد شيد في عهد الملك خوفو ( الأسرة 4). وآخر شيد في عهد الملك بيبى الأول ( الأسرة 6 ) .
وهناك إشارات وأدلة على أن بعض ملوك الدولة الحديثة قد ساهموا في بناء هذا المعبد ومن بينهم تحتمس الثالث والرابع ورمسيس الثاني والثالث .
المعبد الحالي
شيد المعبد الموجود حاليا في عهد أواخر ملوك البطالمة ابتداء من عهد بطليموس السابع ثم الثامن والعاشر والحادي عشر . وهناك منظر منقوش على الجدار الجنوبي للمعبد من الخارج يمثل الملكة كليوباترا السابعة وابنها فيصرون يتعبدان لثالوث المعبد ولغيرهم من الإلهة . وهذا المنظر هو الوحيد المسجل للملكة كليوباترا على اى من المعابد المصرية في العصرين اليوناني والروماني .
وكانت هناك إضافات في عهد الإمبراطور أغسطس وتيبيريوس وكاليجولا وكلوديوس ونيرون
أما البوابة الموجودة في السور المحيط بالمعبد والتي تمثل المدخل الحالي للمعبد فترجع إلى عهد كلا من الإمبراطور دوميتان ,تراجان ونيرفا. جاء تخطيط معبد دندرة على شاكلة تخطيط المعبد في عهد الفراعنة .
يحيط بالمعبد سور ضخم من الطوب اللبن يتجه من الشمال الى الجنوب طوله 290 متر وعرضه 280 متر . يضم السور بوابة دوميتان التي اشرنا إليه والتي تمثل المدخل إلى باقي أجزاء المعبد , يلي السور بهو الأعمدة الكبير الذي يحمل سقفه 24 عمود بتيجان على هيئة رأس الإلهة حتحور في الوجوه الأربع . وتربط بين أعمدة الواجهة جدران نصفية تسمى الستائر الجدارية.
أهم المناظر المسجلة على البهو
أهم المناظر المسجلة هي المناظر المصورة في السقف, وهى مناظر فلكية تمثل الإلهة (نوت) إلهة السماء على شكل أنثى وقد سجل على جسدها السماء وما فيها من أبراج . والدورة القمرية ,وسجل أيضا المصري القديم عدد أيام السنة عند المصري القديم على جانبي البهو.كما أن جدران البهو تزخر بالعديد من المناظر التعبدية التي تجمع بين الملوك الأباطرة والآلهة المصرية القديمة , ويحمل سقف البهو 24عمود التي كانت تمثل عدد ساعات اليوم عند المصري القديم .
وتزخر سطوح تلك الأعمدة بالعديد من المناظر الدينية.
يلي البهو الكبير صالة الاحتفالات التي تمثل البداية الفعلية للمعبد . نقشت على جوانب مدخل الصالة الأسماء المختلفة للآلهة حتحور وكذلك أسماء الالهة المشاركة معها والمقاصير الخاصة بها . ويحمل سقف هذه الصالة ستة أعمدة وتفتح عليها مقاصير ,ثلاثة في كل جانب تعرف باسم حجرات الشعائر وأهمها الحجرة الأولى إلى اليمين والتي تعرف باسم ( بيت الفضة) وكانت مخصصة لحفظ أدوات الطقوس الثمينة المصنوعة من الذهب والفضة والأحجار الكريمة
اما الحجرة المقابلة لها من الناحية اليسرى فتعرف باسم (حجرة المعمل)والتي نقشت على جدرانها العديد من العقاقير والوصفات الطبية . أما الحجرات الأخرى فكانت مخصصة لأنواع القرابين المختلفة .وتضم جدران هذه الصالة تسجيلا كاملا لخطوات تأسيس المعبد إلى أن يقدم للإلهة حتحور.
صالة القرابين
وهى صالة تلي صالة الاحتفالات , وكانت تتضمن هذه الصالة نقوش على جدرانها لموائد تقدم عليها القرابين للربة حتحور , والى اليمين واليسار من هذه الصالة درجان يؤديان إلى سطح المعبد حيث المقاصير الاوزيرية التي حوت جدرانها مناظر موت وبعث الإله أوزوريس .
الدهليز
وهى صالة تلي صالة القرابين وتسبق قدس الأقداس والتي يخرج منها باب إلى حجرة التطهير التي كانت تلعب دورا مهما في احتفالات عيد رأس العام الجديد, وهو العيد الذي يعرض فيه تمثال لحتحور والالهة الأخرى تحت أشعة الشمس حيث يتم طقس الاتحاد مع قرص الشمس في أول يوم من أيام العام الجديد.
قدس الأقداس
يقع على محور المعبد وهو أكثر الأماكن قدسية في المعبد ولم يكن يسمح إلا للملك أو الكاهن الأكبر بدخول هذا المكان ويوجد حول قدس الأقداس ممر مرتفع نسبيا عن مستوى أرضية المعبد يحوى على جانبيه 11 حجرة تسمى الحجرات الخفية مثل حجرة عرش الإله رع وحجرة اللهب .
ولعل ابرز المعالم التي يضمها المعبد مقصورة الربة (نوت) إلهة السماء والممرات المنحوتة تحت أرضية المعبد (السراديب) والتي كانت مخازن للأدوات الثمينة الخاصة بالطقوس الدينية .وفى سطح المعبد توجد غرفة الأبراج السماوية (الزودياك)
التي سرقت في عهد الخديوي سعيد وقام بسرقتها الفرنسيون ووضعوا بدلا منها نسخة من الجص واللوحة توجد الآن في المكتبة الأهلية بباريس.
ويوجد أيضا ما يشبه المزا ريب على شكل رأس الأسد وكانت تستخدم لتصفية مياه الأمطار من فوق سطح المعبد.
اغرب ما قص عن المعبد
من قديم الزمان حتى اليوم تروى قصص وحكايات غريبة وعجيبة عن قوى روحية تسكن داخل المعبد وكانت تتمثل هذه القوى في الإله (مين) المصور على جدران المعبد وهو اله الخصوبة في مصر القديمة ,وكانت توجد عادة منتشرة في القرية أن السيدة التي لا تحمل تذهب إلى المعبد وتدخل لصالة الإله (مين) فتحمل وتنجب بفضل هذه القوة الروحية .
أول مصباح كهربائي في التاريخ
صدق أو لا تصدق فقد اكتشف مؤخرا عن نموذج لمصباح كهربائي مصور على جدران احد سراديب معبد دندرة , وفكرة هذا المصباح تتشابه كثيرا مع مصباح إديسون بل ذلك المصباح أقدم بكثير .
فيشير عدد من الأبحاث الحديثة عن الحضارة المصرية القديمة أن المصري القديم توصل إلى طريقة توليد الكهرباء عن طريق الطاقة الناتجة عن تدافع المياه فحولها إلى طاقة كهربائية لا سلكية كان يستخدمها لأغراض الإنارة .إن التوصل لكل هذه العلوم المتطورة لهو إعجاز بكل المقاييس ولازالت الحضارة الفرعونية لم تبح بكل أسرارها.