هل تتحمل الجزائر المزيد من الركود السياسي

الثلاثاء 27 نوفمبر 2018 5:23 م
هل تتحمل الجزائر المزيد من الركود السياسي

نظرة حائرة ومستقبل غامض

جنوب العرب - جنوب العرب - وكالات

يقف المجتمع الدولي حائرا أمام المشهد السياسي في الجزائر وما يعتريه من تضارب وفوضى وانهيار تتجاوز شظاياه حدود الخارطة الجغرافية الجزائرية لتشمل كامل المنطقة الأفريقية الواقفة على بركان مشتعل من الحروب والصراعات والتهديدات الإرهابية.

وتحذر صحيفة فايننشيال تايمز ممّا يجري في الجزائر من جدل حول الانتخابات الرئاسية في 2019 والولاية الخامسة للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة من أن الحكومات الغربية ستكون قصيرة النظر إذا ظنت أن الاستقرار الذي يمثله بوتفليقة دائم.

وشددت الصحيفة في افتتاحيتها على أن الجزائر لا تستطيع تحمل المزيد من الركود والانجراف في أتون الفوضى السياسية وتداعيات ذلك اجتماعيا واقتصاديا، مضيفة أن لا أحد في الجزائر يمكن خداعه ليعتقد أن بوتفليقة في حالته الصحية الحالية ليس أكثر من مجرد صورة يحكم من خلفها الشخصيات المحيطة به.

رئيس عاجز


لا ينفي الخبراء أن بوتفليقة قدم نموذجا ناجحا في الحرب على الإرهاب لكنه اليوم عاجز عن تسيير دول بحجم الجزائر، فيما تؤكد فايننشيال تايمز أن دراسة السياسة الجزائرية تنم عن أن هناك بركانا كامنا وراءها، ويظهر ذلك جليا من خلال الأعداد الكبيرة من الشباب العاطلين عن العمل.

ونجحت الجزائر في تجنب رياح الربيع العربي، رغم أنها شهدت خروج مظاهرات شعبية وعمت الاحتجاجات كامل البلاد، لكن تمت تهدئتها بالتلويح بورقة العشرية السوداء وما حصل مع الإسلاميين. هدأت الأوضاع، لكن ظلت النيران تشتعل تحت رماد البطالة والفساد وغلاء المعيشة في بلد عضو في منظمة الأوبك.

لا أحد في الجزائر يمكن خداعه ليعتقد أن بوتفليقة في حالته الصحية الحالية ليس أكثر من مجرد صورة تحكم من خلفها الشخصيات المحيطة به

وأشهر الحركات التي أطلقت في ضوء الربيع العربي حركة “بركات” (يكفي). برزت هذه الحركة الاحتجاجية ضد ترشح بوتفليقة لولاية رابعة في انتخابات 2014. وأغلب المنتمين إلى هذه الحركة في الثلاثينات من أعمارهم، أي من الجيل الشاب الذي ولد بعد حرب التحرير. وقد حققت الحركة نجاحا إعلاميا على مواقع التواصل الاجتماعي.

لذلك، يقول الخبراء في فايننشيال تايمز إنه حتى إذا كان غضبهم يغط في سبات عميق في الوقت الحالي، فلا يوجد هناك سبب للانتشاء والشعور بالرضا. حيث يمكن لهذا الغضب أن ينفجر في نهاية المطاف، لكن توقيت هذا الانفجار وكيفيته يصعب التنبؤ بهما في الوقت الحالي.

حقرة


على مدار ما يقرب من عشرين عاما، كان عبدالعزيز بوتفليقة يجلس على رأس نظام، تصفه فايننشيال تايمز بالمبهم والقمعي، والذي صادف أن يكون أيضا مورد طاقة أساسي لأوروبا.

ووصل عبدالعزيز بوتفليقة إلى سدة السلطة بالجزائر في منتصف عام 1999، وحكم البلاد 4 فترات انتخابية، أي قرابة 18 عاما، حقق خلالها أبرز إنجاز يحفظه له الجزائريون وهو الخروج من مأزق العشرية السوداء ووضع حد لعقد من سفك الدماء على أيدي المتشددين، عبر مشروع المصالحة الوطنية.

تعرض الرئيس الجزائري لسكتة دماغية سنة 2013 أضعفت قدرته على التحرك والحديث. وأصبح ظهوره العام نادرا، في أحد أكثر الأوقات حرجا في تاريخ البلاد. وأثرت أزمة أسعار النفط بشكل كبير على اقتصاد البلاد التي شهدت في خضم الأزمة الاقتصادية تصعيدا مذهبيا في المناطق الجنوبية وارتفاع أصوات معارضة الشارع للكثير من الممارسات السياسية وضعف الأحزاب، حتى المعارضة منها.


وفي آخر جولاته، كان بوتفليقة يجلس على كرسي متحرك، يحدق بهدوء، وبدا عليه الضعف والوهن. ومع ذلك يبدو أن الحاشية التي تحيط به عازمة على ترشيحه، رغم ما يمر به من ظروف صحية، لفترة رئاسية خامسة مدتها خمس سنوات في الانتخابات المقررة في يناير 2019. وتعرف هذه الإجراءات في الجزائر باسم “حقرة”، وهو تعبير جزائري يصف احتقار جماعة أو شخص لآخر، وفي هذه الحالة ينطبق التعبير على احتقار النخبة الحاكمة للشعب.

وبفضل مواردها الطبيعية الوفيرة، ومع وجود قوى عاملة ديناميكية وشبابية، كان على الجزائر، التي مرت بالعديد من الأزمات، أن تشهد ازدهارا وتقدما. حيث يمكن أن تساعد السياحة في تنويع الاقتصاد بعيدا عن الاعتماد على دولارات النفط، مما يوفر على الأقل بعض الوظائف التي يتوق إليها الشباب.

لكن، حولت عائدات النفط والغاز الجزائر إلى دولة ريعية. وتفاقم الركود الاقتصادي الناتج عن الشلل السياسي الذي نشأ منذ نهاية التسعينات، عندما أدى إلغاء أول انتخابات حرة ونزيهة إلى اندلاع حرب بين الإسلاميين والجيش.

وتنفق الحكومة حوالي 30 مليار دولار كل عام لدعم أسعار كل شيء من المواد الغذائية الأساسية إلى الوقود وخدمات الرعاية الصحية والإسكان والتعليم. وقد ساعد هذا النظام في الحفاظ على السلم الاجتماعي لكن الحكومة لم تعمل على تطوير الصناعات بخلاف قطاع الطاقة كما أنها تعاني من نقص الموارد المالية.

ولم تبذل الجزائر جهدا يذكر لتشجيع الاستثمار الأجنبي رغم الحاجة الماسة إلى توفير فرص العمل، ولم تفعل شيئا يذكر لتيسير قيود التأشيرات أو بناء الفنادق لجذب السياح إلى شواطئ البلاد وجبالها وصحاريها وكل هذه المناطق لا تحتاج السفر إليها سوى إلى رحلة جوية قصيرة من أوروبا.

تدخل غربي

حتى الآن يظل ما تحقق في المجال الأمني هو النجاح الأكبر بلا منازع. وعلى مستوى السياسة الخارجية تلعب الاستخبارات وقوات الأمن الجزائرية دورا هاما في الاستراتيجية الغربية لاستقرار شمال أفريقيا ومنطقة الساحل في مواجهة تهديد إرهابي إقليمي.

أصبحت الحكومة الجزائرية حليفا قريبا للولايات المتحدة في المعركة ضد التطرف الإسلامي، حتى أنها أثبتت مصداقيتها في تحليلها للشؤون الإقليمية. وكانت الجزائر تعارض بشدة التدخل الغربي في ليبيا على الرغم من علمها بأن انهيار نظام معمر القذافي قد يؤدي إلى حدوث الفوضى. وعارضت أيضا المقترحات الأوروبية لتطويق ومحاصرة الأفارقة المهاجرين على ساحل شمال أفريقيا.

ومن خلال إبقاء بوتفليقة رئيسا صوريا، فإن هذه الإجراءات يمكن أن تؤجل تدخل الغرب في معركة خلافة محتملة يمكن أن تكون لها تبعات خطيرة. وهنا، ترى فايننشيال تايمز أن الحكومات الغربية تفتقر إلى بعد النظر حينما تعتقد أن الاستقرار الذي يحققه بوتفليقة هو أيّ شيء آخر غير أنه ضعيف وهش، في ضوء الوضع الحالي لصحته، كما الوضع المتأزم في البلاد في ظل الانخفاض الحاد في أسعار الطاقة الذي من شأنه أن يدفع الاقتصاد إلى أزمة، ويختبر قدرة النظام على الحفاظ على السلام.

بات على الجزائر أن تمضي أبعد في معالجة عيوب ونواقص الحوكمة وإشراك الشباب وسكان المناطق النائية في عملية صنع القرار السياسي. وينبغي أن تتخذ هذه الخطوات في الوقت الراهن، حيث التحديات لا تزال من الممكن إدارتها بدلا من السماح لها بالتفاقم وحمل تبعاتها الخطرة إلى عملية الانتقال السياسي القادمة. لكن تحقيق ذلك يبدو صعبا في ظل استمرار ممارسات التضييق وإقصاء وتهميش النخبة المثقفة لتحييدها عن أداء دورها التنويري.

وهنا، تحذر فايننشيال تايمز الجزائريين من الانخداع في اعتقادهم بأن الرئيس في صحته الحالية هو أي شيء آخر غير رمز لشخصيات غامضة من حوله تدير شؤون الحكومة.

ومن خلال ترشيح رئيس صوري في الانتخابات القادمة في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من الافتقار إلى تجديد شبابها، فإن النخبة الحاكمة تقدم بذلك رسالة ساخرة للجزائريين: وهي أن آمالهم وشعورهم بخيبات الأمل لا تهمّ كثيرا.

التعليقات

تحقيقات

الثلاثاء 27 نوفمبر 2018 5:23 م

أكد خبير الجيولوجيا المصري عباس شراقي، أن حماس أنشأت أكبر شبكة أنفاق في العالم لمقاومة الاحتلال الذي لم يستطع تدميرها جوا أو برا حتى الآن، ويلوح حاليا...

الثلاثاء 27 نوفمبر 2018 5:23 م

تداولت مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر تدمير قنبلة SPICE-2000 الإسرائيلية لأحد المباني في غزة. وتبعا لشركة "رافائيل" المسؤولة عن إنتاج وتطو...

الثلاثاء 27 نوفمبر 2018 5:23 م

أفادت وسائل إعلام سعودية، بأن الانفجارات التي هزت العاصمة اليمنية صنعاء أمس الخميس، نتجت عن قصف إسرائيلي لمخازن صواريخ دقيقة ومسيرات. وبينما قال رئيس...