مارتن غريفيث في مهمة شاقة
تتزايد مؤشرات الفشل المبكر لمشاورات جنيف مع إصرار الوفد الحوثي للمشاورات على أن يتم نقله بواسطة طائرة عمانية وفقا لما نقلته مصادر سياسية مطلعة لـ”العرب”. وأكدت المصادر رفض الحوثيين السفر إلى جنيف على متن طائرة الأمم المتحدة بذريعة رغبتهم في نقل عدد من الجرحى إلى مسقط قبل مشاركتهم في المشاورات، إضافة إلى اشتراطهم توفر ضمانات كافية لعودتهم إلى صنعاء على نفس الطائرة العمانية.
وفي ذات الوقت، هدد الوفد الحكومي بمغادرة جنيف في حال لم يصل الوفد الحوثي خلال 24 ساعة للمشاركة في المشاورات التي تم تأجيلها إلى الجمعة بعد أن كان مقررا لها الخميس.
وفي محاولة للحيلولة دون فشل جهود التسوية التقى المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث برئيس وفد الحكومة اليمنية وزير الخارجية خالد اليماني. وأصدر مكتب غريفيث بيانا أشار فيه إلى طبيعة اللقاء الذي يبدو أنه هدف لاحتواء موقف الوفد الحكومي الغاضب من تأخر وصول الوفد الحوثي.
وأكد البيان أن اللقاء استعرض “التطلعات المرجوّة من خلال هذه المشاورات وقضايا متعلقة بعملية السلام وعلى وجه الخصوص إجراءات بناء الثقة”.
وبينما فضل غريفيث عدم التعليق بشكل مباشر على أسباب تعثر وصول الوفد الحوثي للمشاركة في مشاورات جنيف كما كان متوقعا، فإنه أشار إلى ما وصفه بـ”التحديات المرتبطة بإحضار الأطراف معا إلى جنيف لا سيما بعد مرور عامين على آخر لقاء بينها”، معربا عن “أمله بحضور وفد صنعاء من أجل الدفع بالعملية السياسية قدما وما زال يبذل كافة الجهود لتذليل العقبات فيتمّ إحراز تقدّم في المشاورات”.
وفي تصريح لـ”العرب” قال الوكيل المساعد لوزارة الإعلام اليمنية فياض النعمان إن الحكومة اليمنية تسعى إلى تحقيق تقدم حقيقي في الملف السياسي، وذلك من خلال التعاطي الإيجابي مع ما يتم طرحه من أفكار من قبل المبعوث الأممي لليمن وينسجم بشكل واضح مع المرجعيات الأساسية الثلاث المعترف بها دوليا.
وأوضح النعمان أن وصول الوفد الحكومي إلى جنيف قبل انطلاق المشاورات يؤكد أن الحكومة تتعاطى بشكل مسؤول مع تحقيق تطلعات الشعب اليمني في استعادة الدولة وإطلاق المختطفين والمخفيين قسرا في سجون المتمردين وإنهاء مظاهر الانقلاب وعودة مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية.
وأضاف النعمان أنه في مقابل المرونة التي يبديها الوفد الحكومي “ما زال فريق الانقلاب ينتهج أسلوب الميليشيات في التعاطي مع ما تم الاتفاق عليه سلفا مع المبعوث الأممي بشأن جنيف وتنصلهم من الحضور”.
وقال إن “المبعوث الأممي والدول الراعية للعملية السياسية في اليمن أمام مسؤولية إيقاف الأساليب الكاذبة والمستفزة لميليشيات الانقلاب في تعاملها مع المشاورات والتي لا تمتلك أي جديد تقدمه، وأن مراوغتها دليل على إفلاسها السياسي”.
وفي تصعيد حوثي جديد، طالب رئيس ما يسمى اللجنة الثورية العليا محمد علي الحوثي، بنقل المشاورات إلى صنعاء في تغريدة له على تويتر.
واعتبر مراقبون أن الميليشيات تحاول أن تظهر في موقف القوة من خلال إملاء شروطها على المبعوث الأممي، إضافة إلى رغبتها في تحقيق مكاسب جانبية من خلال ما أكدته تقارير إعلامية عن محاولة الحوثيين إخراج قيادات عسكرية حوثية كبيرة لتلقي العلاج في مسقط وطهران، تشير مصادر إلى أن من بينها اللواء يحيى الشامي القائد العسكري للميليشيات الحوثية.
وربط محللون سياسيون بين محاولة الحوثيين الهروب من الاستحقاقات السياسية في جنيف واستمرار خسائرهم الميدانية وخصوصا في جبهات صعدة والساحل الغربي الذي يشهد اشتباكات غير مسبوقة في أحياء مدينة الحديدة الجنوبية.
وأشار الباحث السياسي اليمني علي حميد الأهدل في تصريح لـ”العرب” إلى انعكاس الخسائر الحوثية في أكثر من جبهة في الساحل الغربي بمدينة الحديدة والجاح والدريهمي والتحيتا على الموقف السياسي للحوثيين الذين كانوا أحوج ما يكون إلى انتصار عسكري خاطف يعزز من موقفهم التفاوضي في مشاورات جنيف.
ولفت الأهدل إلى أن اختيار الحوثيين الحديدة بالذات لمحاولة تحقيق الانتصار جاء لكون المدينة محط أنظار المجتمعين العربي والدولي وقد تكون ورقة من الأوراق التي سيتم التشاور حول مصيرها في جنيف بحكم أن غريفيث بدأ أولى مهامه من خلالها.