أطال النظر والاستماع.. فمتى ينتقل إلى الفعل
فرغت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا من تسمية أعضاء وفدها المشارك في مشاورات جنيف المزمع انعقادها في السادس من سبتمبر القادم.
وسيرأس وزير الخارجية خالد اليماني الوفد المكوّن من 14 مفاوضا وخبيرا وفنيا، وهو ذات العدد الذي حدده المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث لوفد الحوثيين الذي أكدت المصادر أنه سيكون برئاسة الناطق باسم الجماعة الحوثية محمد عبدالسلام، كما سيحضر المشاورات سفراء الدول الـ19 الراعية للسلام في اليمن.
وكشفت مصادر سياسية مطلعة لـ“العرب” أنّ خلافا نشب حول تمثيل خمسة أطراف سياسية أخرى بصفة مراقب من بينها حزب المؤتمر الشعبي العام والمجلس الانتقالي الجنوبي الذي رفض وجود عدة ممثلين للحراك. ولم تستبعد المصادر ذاتها أن تعيق تلك الخلافات مشاركة تلك الأطراف، وتدفع إلى التخلي بشكل كامل عن حضور أطراف يمنية مراقبة.
وأشارت المصادر إلى إمكانية تمثيل حزب المؤتمر في وفد الشرعية من خلال الأمين العام المساعد للحزب سلطان البركاني، إضافة إلى مشاركة ممثلين عن مؤتمر صنعاء في وفد الحوثيين، غير أن قيادات بارزة في الحزب قالت لـ”العرب” إن أي تمثيل من هذا النوع هو بمثابة تمثيل شخصي ولا يعبر عن هيئات الحزب الرسمية، مشيرة إلى أن قيادات في اللجنة العامة للمؤتمر ستعقد اجتماعا في القاهرة لمناقشة طبيعة المشاركة في مشاورات جنيف.
وفي ذات السياق أكد مصدر مسؤول في المجلس الانتقالي الجنوبي في تصريح لـ“العرب” أن المجلس تلقى دعوة من مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن لحضور مشاورات جنيف بصفة مراقب، مضيفا أن هذه المشاركة لن تتم على الأرجح نتيجة إصرار غريفيث على دعوة مكونات جنوبية أخرى وهو الأمر الذي ناقشته قيادة المجلس الانتقالي مع المبعوث الأممي في مكتبه بالعاصمة الأردنية عمّان.
وفي الوقت الذي شهدت فيه تصريحات غريفيث تحوّلا لافتا من جهة حديثه عن سعيه للبناء على ما راكمته المحادثات السابقة من أجل التوصل لحل للنزاع في اليمن، أكّد مراقبون سياسيون عدم وجود أي أرضية للسلام يمكن البناء عليها في ظل التحولات العاصفة على الأرض وفي خارطة التحالفات السياسية بعد مقتل الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح.
وتوقّع المراقبون أن تركز مشاورات جنيف، التي تؤكد المصادر أنها لن تتجاوز مدّتها أسبوعا واحدا، على جسّ نبض الفرقاء اليمنيين ومحاولة التوافق على تفاهمات أولية ذات طابع إنساني من قبيل تبادل الأسرى وتمكين المنظمات الإغاثية من إيصال المساعدات الإنسانية.
وكشفت مصادر دبلوماسية رفيعة لـ“العرب” أن استراتيجية مارتن غريفيث خلال الفترة القادمة ستتمحور حول إجراء جولات حوار قصيرة وعدم الركون إلى المواقف الشفهية التي تبديها الأطراف اليمنية والاتجاه لطلب إفادات مكتوبة حول كلّ جزئية يتم النقاش حولها، إضافة إلى تفعيل سياسة الضغوط السياسية من خلال الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، ودعم أنشطة التيار الثالث في المشهد السياسي اليمني.
وحول آفاق نجاح مشاورات جنيف القادمة، قال الدبلوماسي والسياسي اليمني مصطفى النعمان في تصريح لـ“العرب” إنّه لا يجب رفع مستوى التوقعات في هذه الجولة الأولى التي تأتي بعد عامين من الجمود الذي أصاب العملية السياسية، مشيرا إلى أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار في هذا المجال حالة الجمود العسكري في الجبهات التي يمكن أن تكون حاسمة في مسار المستقبل السياسي اليمن.
ويشير العديد من المهتمّين بالشأن اليمني إلى أنّ الرهانات الأممية حول إنهاء الحرب في اليمن باتت تنحصر في ممارسة الضغط السياسي الذي يفضي لقبول الأطراف اليمنية بسياسة الأمر الواقع والتوافق على شكل الدولة والخارطة السياسية التي رسمت حدودها ثلاث سنوات من الحرب، وهو ما كشفت عنه تصريحات وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس التي تحدث فيها عن رغبة بلاده في الانتقال “إلى مائدة المفاوضات برعاية الأمم المتحدة في أقرب وقت”.
ومن جهته توقع الناشط في مجال العلاقات الدولية أرحب الصرحي في تصريح لـ“العرب” أن تكون مشاورات جنيف محطة أولية لتفعيل المسار السياسي واستئناف الحوار الذي قال إنه يأتي في ظل تحولات مهمة عصفت بالمشهد اليمني منذ توقف اللقاءات المباشرة بين الأطراف اليمنية في الكويت.
ولفت الصرحي إلى أنّ مشاورات جنيف القادمة تأتي في أعقاب تغيرات عديدة من بينها وجود مبعوث أممي جديد جاء بعد فشل ثلاث جولات من المشاورات قادها المبعوث السابق إسماعيل ولد الشيخ أحمد، إضافة إلى تفاقم الخلافات في جبهة الانقلاب والتي انتهت باقتتال تمخض عنه مقتل الرئيس السابق.
وأكد الصرحي أن مشاورات جنيف ستعمل على وضع إطار عام وفي حال نجحت ستتحول إلى مفاوضات من المتوقع أن تعقد في البحر الميت بالأردن.