ضربات نوعية
عاودت القوات المشتركة المدعومة من التحالف العربي زحفها نحو ميناء الحديدة الاستراتيجي بعد فترة قصيرة من توقف العمليات العسكرية استجابة لمطالب دولية بمنح المبعوث الأممي مارتن غريفيث فرصة لانتزاع أي تنازلات من الحوثيين أثناء زيارته لصنعاء وخصوصا في ما يتعلق بالحديدة ومينائها الاستراتيجي للحد من الخسائر البشرية والمادية.
ونفت مصادر سياسية مطلعة في تصريح لـ”العرب” صحة التسريبات الإعلامية التي تحدثت عن ضغوط أميركية حالت دون استمرار العملية، مؤكدة أن التحالف العربي أراد أن يثبت للمجتمع الدولي عدم جدية الميليشيات الحوثية في التوصل إلى تسويات سياسية.
ولجأ الحوثيون من خلال منظمات عاملة في المجال الإنساني مقربة من إيران وحزب الله ووسائل إعلام قطرية للتخويف من الآثار الإنسانية لتحرير الحديدة، مع اقتراب القوات المدعومة من التحالف العربي من مطار الحديدة الدولي وانهيار دفاعات الميليشيات الحوثية.
وأشار مراقبون سياسيون إلى وجود حالة تناغم غير مسبوقة بين منظمات دولية ووسائل إعلامية محسوبة على ما يسمى “محور الممانعة” الإيراني وأخرى تابعة للنظام القطري دأبت على التلويح بالملف الإنساني مع كل انتصار تحققه القوات المناوئة للحوثيين في اليمن بهدف تحقيق مكاسب سياسية وابتزاز المجتمع الدولي.
وقال وزير حقوق الإنسان في الحكومة اليمنية محمد عسكر في تصريح خاص لـ”العرب” إن هناك تكلفة إنسانية لتحرير الحديدة، لكنه أكد أن بقاء المدينة بأيدي ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران تكلفته أكبر وأشد.
ولفت الوزير اليمني إلى أن تحرير الحديدة سيساعد على إنهاء الحرب، بينما بقاؤها بيد الميليشيا كشريان مالي ولتهريب الأسلحة سيساعد على استمرار معاناة المواطنين التي تتمنى الحكومة اليمنية أن تنتهي في أقرب وقت.
وفي تعليق على استغلال بعض المنظمات المحسوبة على إيران للملف الإنساني في اليمن، قال رئيس رابطة المعونة لحقوق الإنسان والهجرة محمد علي علاو في اتصال هاتفي مع “العرب” من نيويورك، إن اليمنيين يعيشون بالفعل كارثة إنسانية منذ انقلاب الحوثي على السلطة في سبتمبر 2014.
وحول التداعيات الإنسانية المحتملة لتحرير الحديدة التي تبالغ في تصويرها بعض المنظمات، أضاف علاو “أعتقد أن الحكومة ودول التحالف ستعملان على إعداد وتنفيذ خطة استجابة إنسانية لإغاثة الحديدة فور دخولها وتحريرها من الحوثيين كما شهدنا في مدن أخرى في اليمن”.
وطالب علاو الحوثيين بعدم التمترس خلف المدنيين ووضعهم كرهائن باعتبار أن ذلك جريمة حرب، مشيرا إلى أنهم يتحملون مسؤولية أي آثار تترتب على الحرب الدائرة كونهم ميليشيات متمردة، إضافة إلى رفضهم الانصياع للقرارات الدولية وفي مقدمتها القرار 2216، وتنصلهم من اتفاق مسقط المعروف بتفاهمات كيري والذي كان يلزمهم بتسليم أجهزة الدولة التي انقلبوا عليها إلى الشرعية وإعادة كل المناطق التي سيطروا عليها بما فيها الحديدة وغيرها.
من جهته، اعتبر الباحث والمحلل السياسي اليمني فيصل المجيدي أن تكلفة تحرير الحديدة على الصعيدين السياسي والإنساني أقل من تكلفة بقاء المدينة في قبضة الميليشيات الحوثية.
وأشار المجيدي في تصريح لـ”العرب” إلى أن تحييد ميناء المدينة سيحد من وصول الأسلحة إلى الحوثيين وهو ما يعني تقصير أمد الحرب، كما أن ذلك سينعكس بشكل إيجابي على تفعيل المسار السياسي ودفع الميليشيات الحوثية وإجبارها على الدخول في مشاورات سلام جادة بعد خسارتها العسكرية لآخر المنافذ البحرية وتجفيف مصادر التمويل المادي والتسليح للجماعة الحوثية وحصر وجودها في الجبال.
وتشير التطورات الميدانية المتسارعة على الأرض في جبهة الساحل الغربي إلى اتخاذ التحالف العربي لقرار تحرير الحديدة، في ظل مشاركة القوات الإماراتية العاملة ضمن التحالف بشكل فعال عبر استخدام طائرات الأباتشي والقوات البحرية للتسريع في تحرير مطار الحديدة الذي بات على مسافة ستة كلم من مواقع تمركز قوات ألوية العمالقة الجنوبية وقوات المقاومة الوطنية والمقاومة التهامية.
ورجحت مصادر خاصة لـ”العرب” أن يتم تحقيق إنجاز عسكري مهم وخاطف خلال الأيام القادمة في الحديدة يسبق انعقاد اجتماع مجلس الأمن الدولي في منتصف يونيو والذي من المفترض أن يعرض فيه المبعوث الأممي مارتن غريفيث الإطار العام لخطته الرامية لإحلال السلام في اليمن.
واستهدفت مقاتلات التحالف العربي مواقع وتجمعات الحوثيين في مناطق شرق حيس وشمال زبيد وغرب بيت الفقيه والحسينية بالساحل الغربي لليمن ما أسفر عن تدمير مواقعها وتعزيزاتها العسكرية في ضربات نوعية ومركزة أفقدت الميليشيا الموالية لإيران القدرة على التمركز والصمود وأنهكت قدراتها العسكرية وسط فرار عناصرها من الجبهات تاركين مواقعهم على وقع الغارات ونيران قوات المقاومة اليمنية.
وتمكنت قوات المقاومة اليمنية المشتركة من التصدي لمحاولة تسلل يائسة نفذتها ميليشيات الحوثي الموالية لإيران غرب مديرية بيت الفقيه نحو منطقة الحاج في محاولة منها لتأخير التقدم الميداني للقوات تجاه مدينة الحديدة إلا أنها باءت بالفشل.
وأسرت قوات المقاومة اليمنية عددا من مسلحي الميليشيات خلال عمليات تطهير أوكار وجيوب الحوثيين بمنطقة الحاج الأعلى والأسفل.