اعتداءات المستعمرين على المواطنين والمتضامنين الأجانب خلال الموسم الوطني لقطف الزيتون في الضفة الغربية المحتلة وتحركات العصابات المسلحة للمستعمرين، يأتي بحماية وتنسيق من جيش الاحتلال الإسرائيلي وجزء من سياسة ممنهجة وواسعة النطاق لاستهداف أبناء شعبنا ولمنع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم، والاعتداء عليهم بالضرب، وإحراق مركباتهم، وسرقة ثمار الزيتون، وهو ما يمثل جزءاً من استمرار مخطط الإبادة والتهجير وعرقلة التحرك الدولي الرامي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتجسيد الدولة الفلسطينية .
وفي خطوة تصعيدية اعتقلت سلطات الاحتلال 32 ناشطاً أجنبياً كانوا يشاركون في حملة لمساندة الأهالي في قطف الزيتون وتوثيق جرائم المستعمرين، بينما نفذ مستعمرين عمليات اقتحام للمسجد الأقصى على شكل مجموعات، وقاموا بجولات استفزازية في باحاته، وأدوا طقوسا تلمودية، بحماية قوات الاحتلال، وهذه الممارسات تمثل استمراراً لمحاولات إخفاء حجم الاعتداءات وانتهاكات القانون الدولي في سياق سياسة شاملة تسعى إلى محو كل جوانب الحياة الفلسطينية في الأرض الفلسطينية المحتلة .
المستوطنين أعلنوا خلال الفترة الماضية إطلاق وحدة تحمل اسم "الحرس المدني" في المناطق الفلسطينية، وهي مجموعة من المستوطنين المسلحين، ويبررون إطلاق وحدتهم بأن جيش الاحتلال لا يقوم بدوره على أكمل وجه في حمايتهم، وبالتالي أخذوا دورا أكثر خطورة وهو تسليح أنفسهم بدعم من الوزير المتطرف بن تيمار بن غفير، ويشكل انتشار المستوطنين المسلحين مصدر خطورة إضافي على المزارعين الفلسطينيين، الأمر الذي ينذر بمنحى أشد عداوة على المزارعين .
اعتداءات المستوطنين على المزارعين في موسم الزيتون واستهداف المستوطنين لشجر الزيتون ليس عبثياً، بل لحقدهم على هذه الشجرة التي يرتبط بها الفلسطيني دينيا وثقافيا واقتصاديا، ولأن هناك بعداً دينياً ينسب للحاخام اليهودي الأكبر عوفاديا يوسيف حيث برر حثه على سرقة محصول الزيتون الفلسطيني، كجزء من العقيدة اليهودية، وجاء في فتوى قديمة له "لولانا نحن (اليهود) لما نزل المطر، ولما نبت الزرع، ولا يعقل أن يأتينا المطر، ويأخذ الأشرار (يقصد الفلسطينيين) ثمار الزيتون ويصنعون منه الزيت، وشرعت هذه الفتوى للمستوطنين شن هجمات عنيفة على شجرة الزيتون الفلسطينية في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية لحرمان أصحابها من زيتها، كما سرق المستوطنون تطبيقاً لهذه الفتوى خلال موسم الزيتون الماضي محصول 120 شجرة بالكامل في منطقة "واد سباس" في قرية قريوت جنوب نابلس، الأمر الذي يتكرر كل عام مع حلول موسم قطف الزيتون الفلسطيني .
ويقوم المستوطنين خلال موسم الزيتون بأتباع أساليب أكثر تطرفاً تتمثل بإغراق الأشجار بالمياه العادمة ورش مواد سامة على جذور أشجار الزيتون ما يؤدي لتلفها بالكامل، كما حدث في قرية دير الحطب شرق نابلس سابقا حيث تم إغراق 50 شجرة زيتون بالمياه العادمة والمواد السامة، و100 شجرة زيتون في جالود جنوب نابلس بالرش بالمواد السامة، ومن الأساليب كذلك زرع أجسام مشبوهة لتظهر على أنها ألغام بالإضافة الى زراعة قضبان حديدية في أراضي المواطنين لإعطاب عجلات السيارات والجرارات الزراعية .
محاولات سلطات الاحتلال وأدواته المختلفة بما فيها إرهاب المستعمرين، والرامية إلى تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه بالإرهاب والقتل وقلع الأشجار وإحراق المحاصيل يجب ألا تمر دون محاسبة لأنها ليس فقط تشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، بل وتهديدا لقيم العدالة التي تقوم عليها أسس المنظومة الدولية وغيرها من الأعراف والحقوق الأساسية .
ولا بد من مواجهة تلك التحديات والعمل على حشد كبير لدعم قاطفي الزيتون في المناطق المهددة من المستوطنين، ويجب على دول العالم والمجتمع الدولي التحرك فوراً لوضع حد لهذه الممارسات، وحماية المدنيين الفلسطينيين وضمان حقهم الثابت والأصيل في العيش بأمن وكرامة على أرضهم .
سفير الإعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية