جهود السلطة الفلسطينية لاجتياز تداعيات كورونا
تشير استطلاعات الرّأي في الضفّة الغربيّة إلى وجود تحسّن طفيف في الأوضاع الاجتماعيّة لسكّان المنطقة، ويعود ذلك بالأساس للإصلاحات الاقتصاديّة التي عملت السلطة الفلسطينيّة برام الله على تحقيقها طيلة الأشهر الماضية.
فقد مرّت الضفّة الغربيّة في السّنة الماضية بأزمة اقتصاديّة خانقة تزامنت مع التوتر بين السلطة الفلسطينية ودولة الإحتلال ردا على مشروع الضم الى جانب الانتشار الواسع لفيروس كورونا وقتها في مختلف محافظات المنطقة، والذي أدّى بدوره إلى إجراءات صحيّة للتقليص من انتشار الفيروس.
كما تمكّنت السّلطة الفلسطينيّة من التخفيض في حدّة انتشار الجائحة إلى مستويات معقولة عبر تطبيق بروتوكول صحي صارم وهو ما أدّى إلى خسائر اقتصاديّة باهظة.
وبتوجيهات من الرئيس الفلسطيني عباس أبو مازن وضعت القيادة الفلسطينيّة خطّة شاملة ذات أبعاد اقتصاديّة واجتماعيّة وسياسيّة، بغرض النهوض بالاقتصاد الفلسطينيّ بعد حالة الركود الحادّ. يُذكر أنّ بعض الخبراء الاقتصاديّين قد هدّدوا في مرحلة ما باحتمال الانهيار الاقتصاديّ، خاصّة مع قطع العلاقات مع دولة الاحتلال وتوقّف استقبال أموال المقاصة/الضرائب من سلطات الاحتلال، حيثُ تمثّل هذه الأموال ثلثي إيرادات الخزينة الفلسطينيّة تقريبا، ورغم صعوبة القرار، فقد ارتأت السّلطة الفلسطينية آنذاك استئناف العلاقات مع إسرائيل لإنقاذ الاقتصاد الفلسطيني من الانهيار.
ومع تدفّق أموال المقاصة، تمكّنت السّلطة من تنفيذ أجزاء كبرى من خطّة الانقاذ الاقتصادي التي عملت عليها في الأشهر الماضية، ومن بين أساسيّات هذه الخطّة، الجانب الدبلوماسي، حيث تمكّنت السلطة من إقناع مؤسّسات دوليّة ومنظمات مانحة بتقديم مساعدات ماديّة ولوجستيّة للضفة الغربيّة في أزمتها الرّاهنة.
من ناحية أخرى، عملت السلطة الفلسطينيّة على دعم القطاع الخاصّ لتجنّب إفلاس باعثي المشاريع الصغرى والمتوسّطة، وبالتالي الحفاظ على مواطن شغل عشرات آلاف الفلسطنيّين وحماية دخل مئات الآلاف من العائلات.
ولا تزال القيود الإسرائيلية على حركة البضائع والأشخاص أحد أبرز التحديات التي تعمل حكومة أشتية على تجاوزها بمساعدة الدول الصديقة والشقيقة لتلبية احتياجات الاقتصاد الفلسطيني وضمان استقراره لاسيما وان ذلك يعد ركيزة أساسية في اتفاق أوسلو الشهير.
حقيقة الأمر رغم التحديات الكبرى التي تواجهها الضفة الغربيّة، فإنّ المؤشرات الميدانيّة تؤكّد اتجاه فلسطين نحو تجاوز مرحلة الخطر، مما يبعث بالتفاؤل في نفوس العديد من الفلسطينيّين ويشجّع السلطة والمسؤولين السياسيّين على مزيد من العمل لإنهاء كابوس كورونا ومحو أثاره السلبية على الاقتصاد الفلسطيني.