تجيير القضاء في قضية الأمين لأهداف سياسية
تراجعت السلطة اللبنانية، بما في ذلك حزب الله، عن الاتهامات الموجهة إلى السيد علي الأمين، المفتي الجعفري السابق لصور، بعد مشاركته في مؤتمر لحوار الأديان أقيم في البحرين عام 2019.
وجاء التراجع المرفق باعتذار من الوكالة الوطنية للأنباء الرسمية بعد عاصفة سياسية أثارها حزب الله الذي دفع القضاء اللبناني إلى ملاحقة الأمين بحجة أنه التقى حاخاما إسرائيليا على هامش مؤتمر انعقد في المنامة.
وعزت مصادر سياسية تراجع السلطات اللبنانية إلى حالة من الإرباك يعيش حزب الله في ظلها بسبب الانهيار الاقتصادي في لبنان الذي أدى إلى انزعاج المواطنين الشيعة من سياسات الحزب وانخراطه في عمليات تهريب إلى سوريا شملت كميات كبيرة من الدولارات.
وأوردت الوكالة الوطنية للإعلام أن النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان ادّعت، بناء على الدعوى المقدمة من المحامي غسان المولى، على علي الأمين بجرائم “الاجتماع مع مسؤولين إسرائيليين في البحرين، ومهاجمة المقاومة وشهدائها بشكل دائم، والتحريض بين الطوائف وبث الدسائس والفتن، والمس بالقواعد الشرعية للمذهب الجعفري”.
إلا أن الوكالة تراجعت لاحقا عن اتهام الأمين بجرم التعامل مع العدو الإسرائيلي، واعتذرت عن “نشر الخبر بالصيغة التي ورد فيها”، مضيفة أن “الأمر لا يعدو كونه زلة وقع فيها مندوبها، إذ التبس عليه الأمر”.
وذكرت أنه “تبيّن لاحقا أن ادعاء النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضي رائد أبوشقرا كان بموجب مادتين حصرا، هما جرم إثارة النعرات المذهبية والحض على النزاع بين الطوائف، وتحقير الشعائر الدينية، ولم يشمل لقاء مسؤولين إسرائيليين”.
وتساءل معلق سياسي لبناني “الآن وقد ثبت خطأ الوكالة الوطنية واعتذرت عنه، هل صحيح أن هنالك ادعاء ضد الأمين بإثارة نعرات طائفية؟”.
وطالب المعلق في تصريح لـ”جنوب العرب” بموقف من النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات أو من النائب العام رائد أبوشقرا، يوضحان فيه بالتفصيل هذه المسخرة المذلة للقضاء”.
وكان الأمين قد شارك عام 2019، في العاصمة البحرينية المنامة، في أعمال الطاولة المستديرة الدولية للأعمال والحرية الدينية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي نظمها مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي بالتعاون مع مؤسسة الأعمال والحرية الدينية في واشنطن، وبمشاركة أكثر من ستين شخصية من صناع القرار في قطاعات الاستثمار والاقتصاد وريادة الأعمال، بينهم رجال دين وممثلو مؤسسات دينية.
ورد الأمين وقتها على الادعاءات التي نالته بعد مشاركته في مؤتمر المنامة، قائلا “لم يحصل أيُّ لقاء بيني وبين الشخصية اليهودية، وحملات التخوين هذه جاءت تتويجًا لمجموعة من الحملات القديمة التي قام بها حزب الله لرفضي للمشروع الإيراني الذي يحمله للمنطقة”.
وأوضح أنه شارك في مؤتمر حوار الأديان من دون أن يعرف أسماء المشاركين، و”مؤتمرات الأديان ليس لها علاقة لا بالسياسة ولا بالسياسيين”.
ووجه سياسيون لبنانيون انتقادات مباشرة إلى السلطة اللبنانية بسبب الحملة التي شنها حزب الله على رجل دين شيعي محترم معروف باعتداله.
واتصل رئيس الوزراء اللبناني السابق فؤاد السنيورة بالأمين، مستنكرا إقدام النيابية العامة الاستئنافية في جبل لبنان على الادعاء عليه.
واعتبر رئيس الحكومة السابق سعد الحريري الخبر، الذي تم نشره في الوكالة الوطنية، عن قيام النيابة العامة بالادعاء على الأمين بجرم مزعوم يشكل جريمة في حد ذاتها واعتداءً موصوفا على كرامة اللبنانيين واحتقارا لعقولهم ووطنيتهم.
وكتب الحريري “السيد علي الأمين علم من أعلام الوحدة الوطنية والإسلامية والاعتداء على كرامته اعتداء علينا جميعا مسلمين ومسيحيين. كفوا عن هذه الهرطقات باسم القضاء والإخباريات الملفقة”.
وطالب رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع القضاء اللبناني بأن يضع حدا لهذه التجاوزات والتلاعب بالقضاء، بعد الادعاءات على الأمين.
ورأى النائب السابق باسم السبع أنّ “النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان ضربت رقما قياسيا في تجيير القضاء لأهداف سياسية، فكان الادعاء الذي تقدمت به بحق العلامة السيد علي الأمين، وهو ادعاء يشكّل لطخة سوداء في سجل من وقع عليه وجناية أخلاقية وقانونية تستوجب عقوبة الطرد من السلك العدلي”.