ما حصل مؤخراً في غزة من عدوان صارخ على الشعب الفلسطيني وتحديداً في غزة، كان هدفه كسر قواعد الاشتباك، بعد أن قامت إسرائيل بعملية اغتيال لقائد من الجهاد الإسلامي، وكان الرد الفلسطيني قوياً على العدو الإسرائيلي بقصف مواقع مهمة وحساسة داخل الكيان الإسرائيلي، لكنه تحفظ عليها ورفض الإفصاح عنها، فقط أعلن عن القبول بالمبادرة المصرية لوقف إطلاق النار فوراً بعد الهزيمة التي ألمت به من قبل المقاومة.
قواعد الاشتباك المتعارف عليها بين المقاومة زادت فاعليتها بالنسبة للمقاومة، كان الهدف من كسر هذه القواعد على اعتبار أن المستهدف هو الجهاد وسريا القدس وليس المقاومة متحدة، فما كان من المقاومة بأن لقنت العدو درساً قوياً، وإرسال رسائل للعدو الإسرائيلي بأن كل مقاومة لها خصوصيتها وإحداثيتها في الحروب مختلفة عن المقاومة الأخرى، والدليل ما حصل في الاعتداء الأخير على غزة.
فكانت الصواريخ تنطلق بكل أريحية من غزة باتجاه العدو الإسرائيلي بطريقة منسقة ودقيقة، فتارة تكون طويلة المدى وتارة متوسطة المدى وتارة على غلاف غزة، مما جعل العدو الإسرائيلي يدخل في حالة إرباك شديد، بعدما وصلت صواريخ الجهاد (وليس المقاومة مجتمعة) إلى تل أبيب والقدس، وهذا الأمر لم يتوقعه هذا الكيان في عدوانه الأخير.
ولو نظرنا إلى الإستراتيجية التي يتبعها نتنياهو في هذا الاعتداء على غزة هو البقاء في الحكم كي لا يدخل إلى السجن، -وفي النهاية سيدخل السجن بتهمة الفساد-، هذه المحاولات الفاشلة لا تزيد من شعبيته بل تجعل الصهاينة الداعمين له بالتخلي عنه، فقد أدرك ما يسمى بالشعب الإسرائيلي الذي يسير خلف نتنياهو أن العيش مع الفلسطينيين وتفعيل معاهدة السلام؛ وإرجاع القدس لأصحابها الأصليين (وهم الفلسطينيين وتبقى القدس عاصمة فلسطين الأبدية) كي يأمنوا العيش دون وصول أي صاروخ فلسطيني إليهم.
في العدوان الأخير كانت الرسائل الفلسطينية قوية للعدو الإسرائيلي الهالك، بأن المقاومة أصبحت مسلحة أكثر من أي وقت مضى، فهي تملك الكثير الكثير من المفاجئات في حال تم الضغط عليها، فلكل مرحلة صواريخها وقصفها، وفي الاعتداء الأخير كان القصف منفرداً من قبل الجهاد وسرايا القدس، لم تتدخل حماس أو القسام، وبهذه الحالة على ثقة بأن العدو سيفهم الدرس، وأي تجاوز من قبل العدو ستكون عواقبه وخيمة كما أعلنت المقاومة من داخل غرفة العمليات المشتركة.
في الجولة الأخيرة فشلت إسرائيل في كسر قواعد الاشتباك في غزة للمرة الثانية، كما فشلت في كسرها في جنوب لبنان ضد حزب الله، فالمقاومة ثابتة بمواقفها والحاضنة الشعبية الكبيرة التي تسير خلفها وتدعهما، والتنسيق الدائر والدائم بين الفصائل من خلال غرفة العمليات المشتركة، والرد السريع دون تردد على أي عدوان على غزة أو على مسيرات العودة أو تفاهمات فك الحصار، الذي على أثره رضخت إسرائيل لوقف العدوان الأخير على غزة.