ماكرون... هل هو أوباما الأوروبي؟

الثلاثاء 05 نوفمبر 2019 3:27 م

من المرات النادرة التي يتفق فيها المرء مع المرشد الإيراني الأعلى، علي خامنئي، تعليقه، أمس (الأحد)، على الدعوات الملحاحة من طرف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من أجل جلوس إيران مع إدارة ترمب للتفاوض.
خامنئي، حسب التلفزيون الإيراني، قال إن: «الحكومة الفرنسية تتوسط، وتنقل الرسائل، وتجري اتصالات، والرئيس الفرنسي يقول إنه في حال عقد لقاء مع أميركا، فستحل المشكلات كافة؛ إنه إما ساذجاً وإما متواطئاً مع أميركا».
الواقع أن الشاب المصرفي، القيادي سابقاً بالحزب الفرنسي الاشتراكي، إيمانويل، يتمتع بالصفتين ربما... يتمتع بالصفتين: المكر مع السذاجة. مزيج غريب، أليس كذلك؟
لديه ثقة مفرطة بحكمته السياسية، وبعد نظره، وأنه مبعوث جديد لتنقية السياسة العالمية، وهو ملتقط روح العصر، ونصير القضايا الكبرى، وهادم التقاليد السياسية القديمة.
يشبه في ذلك -كما لاحظ كتاب وصحافيون عدة- قدوته الرئيس الأميركي، الظاهرة الليبرالية المتياسرة الشعبية، باراك أوباما.
رصدت عدة تقارير وجوه الشبه بين تقنيات الحملة الانتخابية لماكرون وأوباما، وتجنيد جيل الشباب، واستخدام أسلوب جمع البيانات المباشرة عن الناس، كما في نمط الخطاب السياسي الثوري، وأنهما (باراك وإيمانويل) أتيا من خارج الطبقة السياسية القديمة.
كان ماكرون يفعل ذلك عن وعي، فبعد أن أسس حركة «إلى الأمام»، وغادر حزبه الاشتراكي، تعلم الكثير من الحملة الانتخابية التي قادها باراك أوباما في الانتخابات الأميركية 2008.
لذلك، لم يخفِ باراك أوباما دعمه الحماسي لماكرون مبكراً، وقبل 3 أيام من الدورة الثانية الفاصلة للانتخابات الرئاسية الفرنسية، منتصف عام 2017.
وفي أبريل (نيسان) 2017، كتبت مجلة «ذي أتلانتيك» أن أسلوب حملات ماكرون الانتخابية مأخوذ من أسلوب حملات أوباما. وأول نصيحة قدمتها لورانس حاييم (مراسلة أخبار سابقة بأميركا، أصبحت بعدها متحدثة باسم حركة «إلى الأمام») إلى ماكرون هي الاقتداء بأسرة أوباما. وقد أخذ بهذه النصيحة تماماً، وطبقها بالكامل، كما تقول.
حسناً هذه وجوه الشبه في «ستايل» الشغل التعبوي والإعلامي، غير أن الأخطر هو وجه الشبه السياسي في مقاربات منطقتنا، الشرق الأوسط.
حماسة ماكرون ظاهرة واضحة لإبقاء الاتفاق القديم بين إيران والدول الكبرى، اتفاق «5+1» كما عرف، الذي حصر نفسه في منع إيران من السلاح النووي، وأهمل -عن قصد- الدور الإيراني التدميري بديار العرب.
هو في ذلك يلاقي «عقيدة» أوباما، التي وصلت حد «الدروشة» السياسية، الممزوجة بغرور ثقافي غير مبرر لتدريس دول العالم، ومنها دولنا، كيفية قبول حكمة العظيم أوباما، وخلفه الداهية ماكرون.
صدمة ماكرون، أو «أوباما الأوروبي»، هي في وجود ترمب في البيت الأبيض، وكذلك وجود إرادة سعودية وعربية برفض تجرع هذا السم الغربي المقدم في القدح الإيراني.

التعليقات