الرئيس السيسي
"مخزن سري مدفون تحت الأرض"، كانت تلك هي المفاجأة التي أعلن عنها الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بمؤتمر الشباب، وأثارت حالة من الجدل والتساؤلات في وسائل الإعلام المصرية.
قال السيسي خلال جلسة مبادرة التحول الرقمي، ضمن فعاليات اليوم الثاني من مؤتمر الشباب السابع، المنعقد في العاصمة الإدارية الجديدة إن مصر أنشأت مشروع "عقل جامع لبيانات الدولة" يحتوي على منظومة ضخمة من الخوادم في مكان ما تحت سطح الأرض.
وأوضح السيسي أن هذا المجمع المعلوماتي يتمتع بأعلى درجات التأمين، مشيرا إلى وجود مكان آخر يقوم بدور "عقل" بديل، في حالة حدوث أي طارئ.
وأوضح أنه في السابق كان لكل وزارة منظومتها التخزينية للبيانات عبر خوادم منفصلة، لكن المنظومة الجديدة ستجمع كل بيانات الدولة في مكان واحد.
وأكد الرئيس أن الدولة بدأت عملية التحول الرقمي في أداء الحكومة منذ عامين، متوقعا أن يختلف الأداء الحكومي كثيرا خلال العام المقبل، مشيرا إلى انتقال الحكومة إلى العاصمة الإدارية في هذه الفترة.
وذكر أنه جرى اختيار 50 ألف موظف من أجل التعامل مع البنية التكنولوجية الجديدة.
أين يوجد
أما عن الموقع الذي يوجد فيه "عقل الدولة" الذين أعلن عنه السيسي، فأشارت صحيفة "الوطن" المصرية إلى أنه يوجد على عمق 14 متر تحت الأرض.
ولكن الموقع الفعلي لذلك "العقل الجامع" سيظل مكانا سريا، بحيث لا يمكن استهدافه عسكريا أو سيبرانيا.
وفي ذلك "العقل الجامع" تم تجميع كل خوادم وسيرفرات عقل الدولة المصرية، ليتمكن من معالجة كل البيانات الخاصة بالدولة دفعة واحدة.
وقال اللواء حاتم باشات، وكيل جهاز المخابرات العامة المصرية الأسبق وعضو البرلمان المصري، في تصريحات لـ"سبوتنيك" المكان الذي تجمع فيه معلومات مصر أو ما يطلق عليه "عقل الدولة"، يمكن وصفه بأنه "أمن قومي".
كيف يعمل
تعتمد فكرة "العقل الجامع" على تجميع كافة البيانات الخاصة بالدولة، ومعالجتها، لمعرفة أسباب المشاكل التي تطرأ والطرق الأمثل لعلاجها عن طريق تقنيات الذكاء الصناعي.
وأشار السيسي إلى أنه تم تحقيق "أعلى درجات التأمين لعقل الدولة" الجديد.
وسيربط هذا العقل نحو 50 ألف جهاز حاسب، موجودين في العاصمة الإدارية، يكونوا مسؤولين عن إدارة مختلف أنشطة الدولة، وفقا لما نقلته صحيفة "المال".
وأوضح السيسي أن ذلك المشروع يتم العمل عليه منذ عامين تقريبا، وسيتم تشغيله في منتصف العام المقبل 2020، على أن يكون مفعلا بصورة كاملة على نهاية العام المقبل، عند انتقال الحكومة بشكل نهائي إلى العاصمة الإدارية الجديدة.
فوائده
وأشار اللواء حاتم باشات وكيل جهاز المخابرات العامة المصرية الأسبق وعضو البرلمان المصري، في تصريحات خاصة إلى "سبوتنيك"، إلى أن فكرة إنشاء "عقل الدولة" تؤكد أن الخبرات المصرية على مر الأزمنة والتاريخ الحاضر، قادرة على التعامل مع مختلف التهديدات والمخاطر.
وأوضح أن تلك الفكرة تؤكد أن مصر لديها خبرة كبيرة في الأمن القومي.
وتابع باشات: "لقد تعلمنا كحكومة وشعب التعامل تجاه الأمن القومي والمحافظة عليه، والرئيس يعي ما يقول تماما، ولدينا معلومات وخبرات وخيرات يتم اكتشافها، وهذه المنظومة ستدخل في الآلية الرقمية".
وشدد البرلماني المصري على أنه ليس بالضرورة أن يكون المكان الذي تحدث عنه الرئيس يجمع كل المعلومات دون غيره، وأن هناك بعض الجهات والأماكن الأخرى تحتفظ بمعلوماتها بشكل أو أخر، خاصة أن هذه الخطوة جاءت على أساس نقل الوزارات والهيئات إلى العاصمة الإدارية.
وقال باشات: "الخطوة تعد نقلة للمنظومة الحكومية بالدولة، وأن لمنظومة تتيح وضع المواطن في مرتبة أعلى مما كان، حسب ما وصف الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهو ما سينعكس على المواطن في التعاملات الرقمية، ويؤكد انتقال الدولة من مرحلة إلى أخرى أكثر تقدما".
من جانب آخر، قال الكاتب الصحفي، جمال غيطاس، عبر صفحته على "فيسبوك" إن
تلك الفكرة تعد تتويجا لما تم المناداة به منذ ثمانينات القرن الماضي، خلال انعقاد أول مؤتمر لمجتمع البيانات في مصر.
وتابع رئيس تحرير "تكنولوجيا المعلومات" في الأهرام:
الجهة التي تبنت عرض المشروع كانت هي الرقابة الإدارية، ما يوحي بأن الهاجس الأمني والرقابي كان حاضرا وبشدة خلال تبني ذلك المشروع.
التأمين
أما عن عمليات تأمين "العقل الجامع"، قال المهندس مالك صابر خبير أمن المعلومات، إن الحديث عن هذا الصرح يلزم التأكيد على وجود أحدث الأجهزة الخاصة بعملية التأمين حتى لا تترك المعلومات عرضة للاختراق.
وأضاف في تصريحات خاصة إلى "سبوتنيك"، اليوم، أن "إعدادات الأمان ترتبط بآلية العمل، وما إن كانت المعلومات ستكون متاحة عبر الإنترنت، أو أنها ستقتصر على وجودها على الشبكة الداخلية عبر "الإنترانت"، وهي الخاصة بالشبكات الداخلية التي تعمل من خلالها الحكومة، وأنه في حال إتاحتها ستحتاج إلى عمليات تأمين أعلى من الشبكات الداخلية".
وتابع أن
"هذا الصرح العملاق يحتاج إلى عدد كبير من المهندسين المختصين في عمليات التأمين، لسد الثغرات والتعامل مع البيانات وكافة التطبيقات، خاصة أنه لا يوجد ما يسمى بنسبة تأمين بشكل كامل".
وأكد صابر أن الشبكات المسماة بـ "الإنترنت": "لا يسمح لأي فرد الدخول عليها، وهي تكون مختصة بدوائر بعينها وليست متاحة وهي الأكثر أمنا من المتاحة، خاصة أن الشبكات المفتوحة تكون أكثر عرضة لاعتراض البيانات".
وأوضح أنه "لا مشكلة في الاعتماد على مركز واحد بشرط أن يكون على دراية بكافة عمليات التأمين ويمتلك الإمكانيات لذلك".
وشدد الخبير في أمن المعلومات على أن نجاح الخطوة سيساهم بشكل كبير في تسهيل آلية العمل في الوزارات كافة، وكذلك فيما يتعلق بإنهاء إجراءات المواطنين.
آلية العمل
ورصد جمال غيطاس، رئيس تحرير "تكنولوجيا المعلومات" في الأهرام، عن سبب تكلفة هذا المشروع الضخم نحو 25 مليار جنيه.
وقال غيطاس في منشوره "أنت تتحدث عن منطقة مؤمنة على عمق 14 مترا تحت الأرض، وهذا ما يجعلها تصل تكلفتها إلى هذا المبلغ الضخم، وهو ما يجعلنا نضغ تصور افتراضي مبدئي لتوزيع التكلفة".
وأشار إلى أنه يمكن يمكن توزيع التكلفة على عدة أشياء، أولها: "للإنشاءات والتجهيزات المصاحبة لها، مثل خطوط الربط بالألياف الضوئية، من أقرب نقطة اتصال بالكوابل المحورية للمصرية للاتصالات إلي مقر مركز البيانات بالعاصمة الادارية".
وثاني تلك العناصر، "أنظمة التبريد والتكييف وإدارة الطاقة، بما تتضمنه من خطوط تغذية أساسية، وأنظمة تغذية احتياطية بديلة، أو أنظمة تغذية للطوارئ داخل المركز نفسه (يو بي إس)، لضمان سلامة بيئة العمل في مستوي حراري مناسب للحاسبات الخادمة وبنية شبكة المعلومات طوال 24 ساعة 7 أيام في الأسبوع 12 شهر في السنة".
أما ثالث تلك العناصر، فهي "الحاسبات الخادمة نفسها وأوعية وأنظمة تخزين البيانات العملاقة، والحاسبات من فئة محطات العمل والحاسبات الشخصية، ومعدات بناء شبكة المعلومات من محولات رقمية وغيرها، فضلا عن أنظمة أمن المعلومات، وكذلك تكلفة شراء أنظمة التشغيل والبرمجيات الأساسية والوسيطة اللازمة لإدارة مراكز البيانات، ونظم سحب وتجميع وتنميط وفهرسة وتحليل البيانات والمعلومات وإنتاج التقارير، والربط بين قواعد البيانات المختلفة، وتقديري أن هذا البند كاملا سيتم أو تم توفيره بالاستيراد والشراء من المنتجات الجاهزة بالسوق".