أثارت تصريحات القيادي في الحرس الثوري الإيراني، اللواء سعيد قاسمي، حول تعاون النظام الإيراني مع تنظيم القاعدة قبل سنوات وتدريب عناصرها، جدلاً واسعاً في أوساط النظام بين مستنكر ومؤيد، كشفت عن تفاصيل جديدة حول طبيعة هذا التعاون.
وفي جديد هذه المواقف، أيد حسين الله كرم، من قادة الحرس الثوري والذي يقود حالياً مجموعة "أنصار حزب الله"، وهي من مجاميع الضغط المقربة من المرشد الإيراني علي خامنئي، تصريحات زميله سعيد قاسمي.
وقال حسين الله كرم، في مقابلة مع موقع "نامه نيوز" المحافظ، الأربعاء، إن "للقاعدة مستويات مختلفة، فكان هناك فرع لقوات البوسنة والهرسك، وكان مرتبطاً بنا بطريقة أو بأخرى. وبالرغم من أنهم كانوا يتدربون في مقر القاعدة، لكن عندما يستلمون أسلحتهم كانوا ينضمون إلينا لأسباب مختلفة وعموما كانت العلاقة مع القاعدة بهذا المستوى".
وتعليقاً على الجدل الذي أثاره قاسمي حول إرسال عناصر من الحرس الثوري إلى البوسنة تحت غطاء كوادر الهلال الأحمر الإيراني لتدريب مقاتلي القاعدة، قال حسين الله كرم أن قاسمي لم يقصد أنهم اردتوا ملابس الهلال الأحمر في البوسنة، بل كانوا يعملون كعمال إغاثة".
وكانت منظمة الهلال الأحمر الإيراني احتجت بشدة على تصريحات قاسمي وقالت إنها سترفع دعوى قضائية ضده بتهمة "استغلال المنظمة لأغراض عسكرية".
كما رفض المتحدث باسم الحرس الثوري، رمضان شريف، تصريحات قائده السابق سعيد قاسمي، وقال لوكالة "ايسنا"، الأربعاء، إن "تصريحات السيد سعيد قاسمي، الذي كان متطوعاً لبعض الوقت في البوسنة، وهو متقاعد منذ سنوات طويلة، هي وجهة نظر شخصية وغير موثقة، وإن الحرس الثوري لا يؤيدها".
واعتبر أن مواقف ووظائف الحرس الثوري الإيراني في مختلف المجالات تخضع لـ"المنطق ووفقاً للقواعد واللوائح"، ووصف أنشطة الحرس الثوري الإيراني في البوسنة بأنها "إغاثية".
وقال شريف إن "جهود الأميركيين في قلب الحقائق وتشويه أنشطة الحرس الثوري الإيراني في مجالات مختلفة" بأنها تفتقر إلى "المصداقية"، وذلك تعليقاً على تصنيف الإدارة الأميركية للحرس الثوري كمنظمة إرهابية دولية.
وقال المتحدث باسم الثوري إن "تصريحات بعض الأشخاص الذين تقاعدوا من الحرس الثوري مثل تصريحات سعيد قاسمي هم من يتحملون مسؤوليتها ولكنها خاطئة وغير مسؤولة وتعطي ذرائع لأعداء الثورة والأمة الإيرانية"، بحسب تعبيره.
وليست هذه المرة الأولى التي يعترف قادة بالحرس الثوري أو النظام الإيراني حول تعاون طهران مع تنظيم القاعدة سواء في البوسنة أو في أفغانستان.
وكان معاون السلطة القضائية الإيرانية محمد جواد لاريجاني، اعترف في تصريحات غير مسبوقة خلال مقابلة حصرية مع التلفزيون الإيراني في 30 مايو 2018، أن إيران سهلت مرور عناصر القاعدة الذين نفذوا هجمات 11 سبتمبر 2001 في نيويورك.
وكشف لاريجاني عن تفاصيل علاقة النظام الإيراني بتنظيم القاعدة، وكيفية إشراف المخابرات الإيرانية على مرور واستقرار عناصر التنظيم في إيران.
وأكد أنه جاء في تقرير لجنة هجمات 11 سبتمبر المطول، والتي ترأسها شخصيات مثل لي هاميلتون، وغيره، ذكروا في صفحات 240 و241 أي في صفحتين أو ثلاث، استفسارات حول دور إيران في القضية، بأن مجموعة تقارير أفادت عناصر القاعدة الذين كانوا يريدون الذهاب من السعودية وبلدان أخرى إلى أفغانستان أو أي مكان آخر، ودخلوا الأراضي الإيرانية برحلات جوية أو برية، طلبوا قرب الحدود من السلطات الإيرانية أن لا يتم ختم جوازات سفرهم، "لأنه إذا علمت الحكومة السعودية بمجيئنا إلى إيران ستقوم بمحاسبتنا".
وأضاف: "حكومتنا وافقت على عدم ختم جوازات سفر بعضهم، لأنهم عبروا بشكل رحلات "ترانزيت" لمدة ساعتين وكانوا يواصلون رحلتهم دون ختم جوازاتهم، لكن كل تحركاتهم كانت تحت إشراف المخابرات الإيرانية بشكل كامل".
وهاجم محمد جواد لاريجاني الولايات المتحدة لأنها اعتبرت هذه القضية دليلاً لتورط إيران في هجمات سبتمبر في نيويورك، وتغريمها بمليارات الدولارات، وقال إن "الأميركيين اتخذوا هذا كدليل على تعاون إيران مع القاعدة كما اعتبروا مرور طائرة من الأجواء الإيرانية وبداخلها أحد الطيارين المنفذ للهجمات وبجانبه قائد عسكري في حزب الله، بأنه يدل على تعاون مباشر مع القاعدة من خلال حزب الله اللبناني".
ومع هذا أكد لاريجاني الذي يرأس ما تسمى لجنة حقوق الإنسان في السلطة القضائية الإيرانية والمتهمة من قبل منظمات حقوقية دولية بالتغطية على انتهاكات حقوق الإنسان في إيران، بأن أفراد القاعدة كانوا على اتصال دائم بوزارة المخابرات للنظام الإيراني وأنهم استخدموا إيران في رحلاتهم إلى أفغانستان أو سائر مناطق العالم.
يُذكر أن محكمة أميركية في نيويورك، قد أيدت حكماً يقضي بتغريم إيران لتورطها في التعاون مع القاعدة بهجمات 11 سبتمبر بـ10.7 مليار دولار.
وكانت "وثائق أبوت أباد"، التي حصلت عليها القوات الأميركية من مخبأ زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن لدى مقتله عام 2011 في باكستان، ونشرتها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية" (CIA) في نوفمبر الماضي، كشفت تفاصيل جزء من علاقة إيران بتنظيم القاعدة.
ومن بين 470 ألف من الوثائق التي تم الحصول عليها من مخبأ بن لادن، خصصت 19 صفحة من هذا الأرشيف الكبير لعلاقات القاعدة البارزة مع الحكومة الإيرانية.
وأظهرت إحدى الوثائق أن عضواً بارزاً في تنظيم القاعدة أكد في رسالة أن إيران مستعدة لتوفير كل ما يحتاجه تنظيم القاعدة، بما في ذلك الأموال والأسلحة، ومعسكرات تدريب لحزب الله في لبنان مقابل أن تقوم الجماعة الإرهابية، بالهجوم على مصالح أميركا في المملكة العربية السعودية والخليج"، وذلك بحسب تحقيق قام به من "توماس جوسلين" و "بيل راجيف" الباحثان في "معهد الدفاع عن الديمقراطيات" حول تفاصيل 19 صفحة المرتبطة بعلاقات تنظيم القاعدة إيران، من "وثائق أبوت أباد".
ووفقاً للوثيقة، فإن أجهزة المخابرات الإيرانية، في بعض الحالات، "سهلت إصدار تأشيرات لعناصر القاعدة المكلفين بتنفيذ عمليات، وفي الوقت نفسه قامت بإيواء مجاميع أخرى".
وجاء في وثيقة أخرى أن أجهزة "الاستخبارات الايرانية وافقت على تزويد عملاء القاعدة بتأشيرات سفر وتسهيلات، وإيواء أعضاء آخرين في تنظيم القاعدة". وقد تم التفاوض على الاتفاق مع إيران من قبل أبو حفص الموريتاني، أحد أعضاء القاعدة المؤثرين، قبل هجمات 11 سبتمبر الإرهابية.