علي لاريجاني رئيس برلمان إيران
يعتزم البرلمان الإيراني استجواب رئيسه علي لاريجاني على خلفية اتهامات نيابية له بـ "مخالفة" اللوائح الداخلية بشأن مناقشة مشروع قانون يخول لطهران الانضمام لمعاهدة دولية تكافح عمليات غسيل الأموال وكذلك تمويل الإرهاب، والتي شهدت الساحة السياسية الداخلية جدلا بصددها مؤخرا، خاصة من قبل البرلمانيين الأصوليين والأوساط المتشددة.
ادعاءات طهران بـ "الترويج" للديمقراطية في اتخاذ القرار لطالما حاول برلمانها الذي تهيمن عليه تيارات متشددة، تصديرها للخارج بهدف صرف الأنظار عن تشابك الخطوط العريضة لسياسات البلاد في أيدي المرشد علي خامنئي والمؤسسات الخاضعة لسيطرته؛ والتي يتموضع على رأسها الحرس الثوري.
والحرس الثوري هو المسؤول مباشرة عن تمويل لوجيستي ومالي لمليشيات طائفية متعددة في بلدان مجاورة، مثل اليمن وسوريا والعراق ولبنان، دون وجود أدنى درجات المحاسبة سواء حكوميا أو برلمانيا، ضاربا عرض الحائط بكافة المواثيق والمعاهدات الدولية التي تجرم تمويل الإرهاب.
قضية انضمام إيران لمقررات مجموعة العمل المالي الدولية المعروفة اختصارا بـ "إف آي تي إف" أثيرت على نطاق واسع مؤخرا في الداخل، خاصة أنها تهدف لإيقاف تمويل الإرهاب ومكافحة غسيل الأموال، الأمر الذي يعارضه بشدة التيار المتشدد الذي يمثله المرشد علي خامنئي، وكذلك مليشيا الحرس الثوري الإيراني ووسائل الإعلام التابعة لها؛ فيما من المتوقع أن تنتهي كافة هذه التشريعات الخاصة بمكافحة غسل الأموال أو حتى تمويل الإرهاب إما بـ "التجميد" أو الرفض نهائيا.
وكالة أنباء "فارس" الإيرانية نقلت، الأربعاء، عن حسين دليجاني النائب الأصولي في برلمان طهران قوله، إن قرابة 27 نائبا وقعوا مذكرة جرى تقديمها للهيئة الرئاسية البرلمانية تقضي بـ "مساءلة" لاريجاني، معزيا الأمر إلى تعجله في تمرير لائحتي باليرمو وتعديلات قانون مكافحة غسيل الأموال إلى مجمع تشخيص مصلحة النظام -الذي يسيطر عليه متشددون-، دون مناقشتها في المجلس. الأمر الذي انتهي برفض متوقع لمشروع القانون البرلماني الخاص بهذه المعاهدة من قبل مجلس صيانة الدستور.
مذكرة مساءلة لاريجاني ستجري مناقشتها بحضور أعضاء لجنة القانون الداخلي، ورؤساء اللجان في البرلمان، وفي حال ثبت وجود تعارض بين خطوة رئيس البرلمان الإيراني واللوائح الداخلية، سيناقش الأمر برمته خلف الأبواب المغلقة، في واقعة ربما سيجري استغلالها إعلاميا من قبل وسائل رسمية تابعة لنظام طهران، على غرار مساءلة رئيس البلاد حسن روحاني برلمانيا بسبب التردي الاقتصادي قبل 4 أشهر، ليخرج بعدها رئيس السلطة التشريعية الإيرانية ذاته مدعيا أن طهران تمر بـ "تجربة" ديمقراطية، على حد زعمه.
علي لاريجاني بات مهددا بـ "العزل" من منصبه، وفقا للنائب الإيراني الأصولي، حيث من المقرر أن يقدم نواب البرلمان الإيراني "إيضاحات" في جلسة مساءلته، ومن ثم التصويت علانية وفي حال تم التصويت بالأغلبية خلال الاجتماع المذكور أعلاه، سيقيل المجلس رئيسه فضلا عن حرمانه من الترشح للرئاسة البرلمانية، أو الحصول على عضويتها ثانية حتى نهاية الدورة الحالية.
على صعيد متصل، أوردت وكالة أنباء "تسنيم" الإيرانية أن لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني تعتزم بحث مذكرة استجواب وزير الخارجية محمد جواد ظريف، الأحد المقبل، على خلفية تصريحات صحفية له اعترف خلالها ضمنيا بـ "تفشي" عمليات غسيل الأموال على نطاق واسع في بلاده.
ومن المقرر أن يمثل ظريف لمساءلة من قبل نواب تلك اللجنة البرلمانية، بعد توقيع 24 نائبا إيرانيا على مذكرة استجوابه وتقديمها لرئاسة البرلمان، حيث تضمنت 11 بندا أبرزها ما يتعلق بـ "تصريحات تفشي غسيل الأموال في إيران، وتوظيف سفراء محدودي الخبرة، وعدم الرد بالمثل على اعتقال دبلوماسيين لطهران في أوروبا، فضلا عن عدم رعاية مصالح الشعب الإيراني في الاتفاقيات المبرمة".
حالة جدل "شكلية" تثيرها الأوساط البرلمانية الإيرانية بخصوص غسل الأموال وتمويل المليشيات، غير أن صحيفة "كيهان" المعارضة اعتبرت اعترافات وزير خارجية طهران محمد جواد ظريف بتفشي غسل الأموال في بلاده على نطاق واسع ليست أمرا مستغربا، بل هي حقيقة يؤكدها تصدر إيران اللوائح السوداء للنظام المالي عالميا.
وأشارت صحيفة "كيهان" اللندنية الصادرة منذ عام 1979 إلى أن نسب عمليات غسل الأموال في طهران وصلت إلى أرقام فلكية، وفقا لتقارير واردة مؤخرا عن المركزي الإيراني تلمح إلى فتح حسابات مصرفية زائفة تقدر بنحو 49 مليون حساب بنكي.