لوحة زيتية تبرز الدمار والرعب الذي ألحقته صواريخ مملكة ميسور
تعد صواريخ مملكة ميسور، المسلمة، الواقعة جنوب بلاد الهند، أول صواريخ مصنوعة من الحديد تستخدم بنجاح لأغراض عسكرية، فما بين ثمانينات وتسعينات القرن الثامن عشر لم يتردد حاكم المنطقة حيدر علي وابنه السلطان تيبو في مهاجمة المحتل البريطاني باستخدام هذه الصواريخ، وقد أوقع ذلك خسائر مرعبة في صفوف المستعمرين.
خلافاً لكل ما توقعه البريطانيون خلال تلك الفترة كانت صواريخ مملكة ميسور متطورة لدرجة غير مسبوقة في تاريخ البشرية (حسب تلك الفترة)، فبفضل استخدام الأنابيب الحديدة التي وضعت داخلها مواد الدفع كانت هذه الصواريخ قادرة على بلوغ مسافات بعيدة. فضلاً عن ذلك زادت هذه الأنابيب الحديدية من القوة التفجيرية لصواريخ ميسور.
خلال تلك الفترة كانت تكنولوجيا الصواريخ موجودة بأوروبا، لكن في الأثناء لم تكن الصواريخ الأوروبية ذات فاعلية مقارنة بصواريخ ميسور، حيث لم يتجاوز مدى أفضل صاروخ في أوروبا مئات الأمتار بينما تراوح مدى صواريخ ميسور بين كيلومتر واحد وكيلومترين.
لوحة زيتية للرسام البريطاني روبرت هووم.. تبرز هذه الصورة أحد جنود مملكة ميسور المختصين في مجال الصواريخ
وخلال عهد حيدر علي، قُدر عدد جنود فرقة الصواريخ في جيش ميسور بنحو 1200 رجل، في أثناء ذلك ومع بداية عهد ابنه السلطان تيبو أواخر سنة 1782 أقدم الأخير على سن تنظيمات عسكرية جديدة ضمن مرسوم عسكري حمل اسم "فتح المجاهدين"، وبموجبه تضمنت كل فرقة عسكرية من المشاة 200 عنصر مختص في مجال الصواريخ في صفوفها.
وحسب ما نقله المسؤولون البريطانيون بالهند، تكونت صواريخ ميسور من أنبوب حديدي بلغ طوله 20 سنتيمتراً، وقطره حوالي 5 سنتيمترات، وقد ثبت هذا الأنبوب الحديدي إلى قصبة بامبو طولها حوالي متر واحد، فضلاً عن ذلك لم يتردد المختصون في تثبيت سيف في أعلى قمة صاروخ ميسور.
ووفق مختصين المعاصرين، فقد لعب الأنبوب الحديدي في صاروخ ميسور دور غرفة الاحتراق، وكان هذا الأنبوب قادراً على نقل كمية قدرت بنحو كيلوغرام واحد من البارود الأسود، وبفضل كل هذه الخاصيات المذهلة كان هذا الصاروخ قادراً على إلحاق خسائر جسيمة بالقوات البريطانية.
من خلال تكنولوجيا أخرى شبيهة بتكنولوجيا صواريخ غراد المعاصرة، أمر السلطان تيبو بصنع عربات ثبتت عليها قاذفات صواريخ ميسور، وبفضل ذلك كان من الممكن إطلاق ما بين خمسة وعشرة من صواريخ ميسور في آن واحد نحو القوات البريطانية.
استخدمت هذه الصواريخ بكثافة خلال الحروب البريطانية – الميسورية، وخلال عهد السلطان تيبو امتلكت منطقة بنغالور مخبراً كاملاً مختصاً في صناعة صواريخ ميسور.
تزامناً مع سقوط منطقة سيرينغاباتام سنة 1799 تمكنت القوات البريطانية من وضع يديها على ما لا يقل عن 600 قاذفة صواريخ، و900 من صواريخ ميسور، وعلى إثر ذلك أقدم البريطانيون على نقل هذه التكنولوجيا إلى بلادهم بهدف صناعة صواريخ مشابهة.