هناك أخبار عربية قد تبدو غريبة، مثل أن هناك من يريد عودة الحاكم، أو نجله أو أي قريب له أو جزء فاعل من صفوة النظام الحاكم، إلى الحكم من جديد بعد رياح الربيع - القيظ - العربي العاتية.
هناك في تونس من يتذكر بشوق عهد بورقيبة. بل حتى عهد زين العابدين بن علي. وفي اليمن نرى هناك من يريد عودة علي عبد الله صالح. من خلال أحد أفراد أسرته الأقربين. بصرف النظر عن سياق وخصوصية الدور الصالحي في اليمن ضمن مسار الحرب الوجودية مع العصابات الإيرانية... للتفريق فقط.
في ليبيا التي لم يكن معمر القذافي فيها إلا مثالاً ساطعاً على الحاكم الذي يجلب السوء لنفسه... وشعبه... وجيرانه وكل من كتب عليه القدر أن تتقاطع أقداره مع أقدار الرجل الأخضر... معمر عبد السلام بومنيار القذافي.
في ليبيا هذه... بسبب عجز ساسة ليبيا عن بناء لحظة إجماع وطني لإنتاج عقد اجتماعي سياسي ليبي جديد. اليوم نطالع هذا الخبر: في الثلث الأخير من العام الحالي سيف الإسلام معمر القذافي يقرر دخول سباق الرئاسة، وذلك ببرنامج انتخابي قال إنه «يهدف إلى استعادة الدولة الليبية وجعلها للجميع».
جاء ذلك على لسان أيمن بوراس المكلف البرنامج السياسي لنجل القذافي، خلال مؤتمر صحافي عقده يوم الاثنين السابق، بالعاصمة التونسية، أكد فيه أن «حل الأزمة الليبية لن يحدث ولن يمرّ دون رؤية سيف الإسلام القذافي، الذي يلتف حوله أغلب الشعب الليبي».
حتى في العراق نجد من يتغنى بعهد صدام حسين وقوة الدولة والتعليم والأمن والوحدة الوطنية والخدمات العامة... تخيل هذا الكلام يأتي من عراقيين من أهل البصرة والناصرية، وليس من الرمادي أو ديالى!
المعلوم أن الإنسان كلما ابتعد عن الماضي قل إحساسه بألم الماضي، وتكاثر بخار الوهم الذي يغطي المسافة بين ما مضى وما هو معيش.
كما أن متاعب الوقت الراهن... الحارة... المؤلمة... الحية... تزيغ النظر وتشتت الرأي... فلا أولوية تسبق أولوية الخلاص من ألم اللحظة المضارعة... وليكن الجحيم بعدها... وهو يكون حقاً في بعض الأحيان!
ما ذهب... ذهب... وما فات... فات... وكل ما هو آت... آت. غير أن البكاء على أطلال الأمس ومحاولة إنطاق تماثيل الماضي، ما هو إلا إدانة صريحة لنا... ولمن أوصلنا لهذه الحال.