الحطام الذي قد يطلق شرارة التصعيد
حذرت مصادر عربية رفيعة المستوى من تصعيد إسرائيلي – إيراني في سوريا بعد إسقاط صاروخ لطائرة إف-16 إسرائيلية كانت تهاجم مواقع في الجنوب السوري وقرب دمشق. ورأت هذه المصادر في إسقاط الطائرة الإسرائيلية ما يهدّد بحرب واسعة في المنطقة وعجزا عن التزام روسيا بالسماح لإسرائيل بموجب اتفاق سابق بينهما، بشن غارات في سوريا عندما تدعو حماية مصالحها إلى ذلك.
وقالت المصادر إن أخطر ما في الأمر، بغض النظر عمّا إذا كان الصاروخ الروسي الذي أسقط الطائرة الإسرائيلية، أطلقه الإيرانيون أم القوات السورية التابعة للنظام، هو ما سبق الغارة الإسرائيلية وإسقاط طائرة إف-16.
وأوضحت أن إيران تعمّدت قبل الغارة الإسرائيلية توجيه طائرة من دون طيّار نحو الأراضي الإسرائيلية في مهمّة استطلاعية. واعتبرت أن إيران تخوض في الوقت الحاضر معركة وجودها العسكري والمذهبي في سوريا، وهو وجود استثمرت من أجله المليارات من الدولارات، فضلا عن أنّها تراه ضروريا لدعم حزب الله والإمساك بالورقة اللبنانية.
وأبدت هذه المصادر تخوّفها من أن تكون إيران تبحث في الوقت الحاضر عن استفزاز إسرائيل من منطلق اقتناعها بأن لا قدرة لها على شنّ حرب برّية في الداخل السوري.
وأشارت في هذا المجال إلى أنّ إيران مستعدة لخوض مثل هذه الحرب التي ستكلّف إسرائيل خسائر بشرية كبيرة من أجل حماية وجودها العسكري في الأراضي السورية وعلى طول الحدود بين سوريا ولبنان.
ولاحظت أنّ إيران مصرّة أكثر من أيّ وقت على إثبات أنّها لا يمكن أن تسحب قواتها والميليشيات التابعة لها، وعلى رأسها حزب الله، من الأراضي السورية. وقالت إن الوجود الإيراني في سوريا، خصوصا في الجنوب السوري وفي المناطق المحيطة بدمشق، يمثّل مسألة حياة أو موت بالنسبة إلى النظام الإيراني الذي يعتبر أن انسحابه من سوريا ستكون له انعكاسات قاتلة على النظام القائم منذ تسعة وثلاثين عاما في طهران.
وأعلنت إسرائيل السبت شن ضربات “واسعة النطاق” استهدفت مواقع “إيرانية وسورية” داخل الأراضي السورية، بعيد سقوط إحدى مقاتلاتها من طراز إف-16، وإثر اعتراضها لطائرة من دون طيار في أجوائها أكدت أنها إيرانية انطلقت من سوريا.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أن المقاتلة سقطت في منطقة وادي جزريل شرق مدينة حيفا، في شمال إسرائيل وأصيب أحد طياريها الاثنين إصابة بالغة.
وهي المرة الأولى التي يعلن فيها الجيش الإسرائيلي بشكل صريح عن ضرب أهداف إيرانية في سوريا.
وسارع متحدث باسم الجيش الإسرائيلي وهو الكولونيل جوناثان كونريكوس إلى تحذير سوريا وإيران قائلا إنهما “تلعبان بالنار بارتكابهما مثل هذه الأعمال العدوانية” مؤكدا “أننا لا نسعى إلى التصعيد لكننا جاهزون لمختلف السيناريوهات” وعلى استعداد لجعلهم يدفعون “ثمنا باهظا” على مثل هذه الأعمال.
وفي كلامه عن الطائرة الإيرانية من دون طيار قال المتحدث “إنه الانتهاك الإيراني الأكثر وضوحا للسيادة الإسرائيلية خلال السنوات الماضية”، مضيفا “لذا، جاء ردنا بمثل هذه الشدة”.
ونقلت وكالة الأنباء السورية عن مصدر عسكري قوله “قام كيان العدو الإسرائيلي فجر اليوم (السبت) بعدوان جديد على إحدى القواعد العسكرية في المنطقة الوسطى وتصدت له وسائط دفاعنا الجوي وأصابت أكثر من طائرة”.
أما مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن فأعلن أن الغارات الإسرائيلية استهدفت مواقع شرق حمص في وسط سوريا في منطقة تتواجد فيها قوات إيرانية وعناصر من حزب الله الشيعي اللبناني.
وشنت المقاتلات الإسرائيلية موجة ثانية من الغارات “واسعة النطاق” استهدفت، حسب بيان للجيش الإسرائيلي “12 هدفا إيرانيا وسوريا من بينها ثلاث بطاريات صواريخ مضادة للطائرات وأربعة أهداف إيرانية غير محددة يملكها الجهاز العسكري الإيراني في سوريا”.
وسارعت روسيا إلى دعوة جميع الأطراف في سوريا إلى “ضبط النفس″.
وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان “ندعو بقوة جميع الأطراف إلى ضبط النفس وتجنب جميع الأعمال التي من شأنها أن تؤدي إلى تعقيد أكبر للوضع″. وأضافت “غير مقبول بتاتا تهديد حياة الجنود الروس المتواجدين في الجمهورية العربية السورية للمساعدة في الحرب ضد الإرهاب”.
وحذر خبراء استراتيجيون من أن فقدان التوازن العسكري والأمني الحالي قد يقود إلى تطورات غير محسوبة، في ضوء خطط إيران لتمركز طويل المدى في سوريا ولبنان، ورفض إسرائيل تغيير المعادلات القائمة التي تسمح لها بالتسيد الجوي في محيطها.
وقال أنطون شلحت، الخبير في الشؤون الإسرائيلية، إن “من الواضح أن الطرف الإيراني لا يرتدع وإن إسرائيل لا تتنازل عما تسميه خطوطها الحمراء بشأن التواجد الإيراني في سوريا”.
وأكد “هذا قد يؤدي إلى نقطة خطرة جدا ولكنه لا يعني بالضرورة بأن الطرفين معنيان بانفجار شامل والدليل على ذلك هو طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من روسيا التدخل لدى سوريا”.
ومن جانبه، يرى إفي لسخاروف، المحلل السياسي الإسرائيلي، أن إسقاط المقاتلة الإسرائيلية تطور غير مسبوق “ولكن في نهاية الأمر فإن الطائرة سقطت في منطقة إسرائيلية ولم يتم احتجاز الطيارين الإسرائيليين اللذين يعالجان في مستشفيات إسرائيلية”.
وأضاف “أعتقد أنه بالنسبة لإسرائيل فإن قصف المواقع السورية والإيرانية كان ردا كافيا ولكن السؤال الكبير هو إلى أين تريد سوريا وإيران دفع الأمور؟”.