مقاتل انفصالي في عدن (جنوب اليمن) في 30 كانون الثاني/يناير 2018
أحكمت القوات المؤيدة للانفصاليين اليمنيين الاربعاء سيطرتها على عدن وسط هدوء يعم المدينة الجنوبية بعد ثلاثة أيام من المعارك الدامية بين هذه القوات وقوات الحكومة المعترف بها دوليا.
وكثفت قوات "الحزام الامني" المؤيدة للانفصاليين، تواجدها في شوارع المدينة في الساعات الماضية بعدما أصبحت تسيطر على كل عدن باستثناء حي دار سعد في شمالها، وفقا لمصادر عسكرية.
في موازاة ذلك، أعادت بعض المحلات التجارية فتح أبوابها امام الزبائن، بينما خرج سكان من منازلهم وتجولوا في شوارع المدينة سيرا على الاقدام او في سياراتهم.
وتحاصر القوات المؤيدة للانفصاليين القصر الرئاسي في جنوب المدينة منذ امس الثلاثاء بعدما كانت تمكنت في بداية المعارك من السيطرة على مقر الحكومة.
وتتخذ الحكومة المعترف بها المدينة عاصمة مؤقتة لها منذ سيطرة المتمردين الحوثيين على صنعاء في ايلول/سبتمبر 2014. ويقيم رئيس الحكومة في عدن، بينما يقيم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في الرياض.
وتتلقى قوات الحكومة دعما عسكريا من التحالف العسكري في اليمن بقيادة السعودية. كما تتلقى القوات المؤيدة للانفصاليين دعما مماثلا من التحالف، وخصوصا من الامارات التي تدرب وتجهز عناصرها.
ويقاتل الطرفان الى جانب التحالف المتمردين الحوثيين منذ بداية عمليات التحالف في أذار/مارس 2015. لكن الانفصاليين أعلنوا رغم ذلك انهم ينوون اسقاط الحكومة المدعومة من التحالف، متهمين اياها بالفساد.
وكانت الاشتباكات اندلعت بشكل مفاجئ صباح الاحد بعدما حاولت القوات الحكومية منع متظاهرين انفصاليين من بلوغ وسط المدينة واقامة اعتصام للمطالبة باسقاط الحكومة.
ومع تقدم الانفصاليين، فر ليل الاثنين عدد من الوزراء من المدينة على متن قوارب الى مديرية البريقة غرب عدن، حسبما افاد مصدر عسكري وكالة فرانس برس. واكد مسؤول في ميناء المحافظة وصول الوزراء واعلن نقلهم الى قاعدة تابعة للتحالف العسكري في اليمن بقيادة السعودية.
الا ان مصدرا حكوميا اكد ان الوزراء عادوا الى عدن قبل بزوغ الفجر بعد تلقيهم ضمانات من قبل التحالف بانه لن يتم اقتحام القصر الرئاسي. وقال المصدر ان السعودية والدول المنضوية في التحالف تجري مفاوضات مع الانفصاليين الجنوبيين والحكومة اليمنية المدعومة من الرياض في الحرب ضد المتمردين الحوثيين.
وفي بيان نشرته وكالة الانباء "سبأ" مساء الثلاثاء، أكد المتحدث الرسمي باسم الحكومة راجح بادي تواجد الوزراء في قصر المعاشيق الرئاسي في العاصمة المؤقتة.
- مساعدات لا تصل -
يتهم رئيس الوزراء احمد بن دغر الانفصاليين بقيادة انقلاب في عدن، الا ان القوات المناهضة له تحمله مسؤولية الاحداث الدامية وتتهمه بتوجيه قواته لاطلاق النار على المتظاهرين ضده الاحد.
ويقود محافظ عدن السابق عيدروس الزبيدي الحركة الانفصالية في الجنوب.
وقال الزبيدي في مقابلة مع قناة "فرانس 24" في اول ظهور منذ بداية الاحداث، ان القوات المؤيدة للانفصاليين ستبقى على موقفها الى جانب التحالف العسكري في مواجهة الحوثيين، متجنبا تأكيد ما اذا كان الانفصاليون يسعون الى اقامة سلطة بديلة غي عدن.
والسعودية والإمارات شريكتان رئيسيتان في التحالف العربي. ورغم الاحداث في عدن، لم يتدخل اي من الطرفين في النزاع، ودعيا الى الحوار. وكانت السعودية قدمت مساعدة الى السلطة قبل ايام من اندلاع المعارك.
وتعمق التطورات في عدن النزاع اليمني المتواصل منذ سنوات وتهدد بفصل دام جديد وبتفاقم الازمة الانسانية حيث يواجه ملايين اليمنيين خطر المجاعة. وقتل في اليمن منذ تدخل التحالف اكثر من تسعة آلاف يمني بينما اصيب أكثر من خمسين ألف شخص آخر.
وقتل في معارك عدن بحسب اللجنة الدولية للصليب الاحمر 38 شخصا واصيب 222 بجروح.
والاربعاء أعلنت الامم المتحدة ان فرقها في عدن عاجزة عن ايصال مساعدات الى 40 ألف نازح يمني فروا من معارك في غرب اليمن ليجدوا أنفسهم هذا الاسبوع عالقين في حرب اخرى في المدينة الجنوبية.
وأعربت المفوضية السامية للامم المتحدة لشؤون اللاجئين في حسابها بتويتر عن "قلقها" حيال الأوضاع في عدن. وقبل هذه المعارك كان ينظر الى المدينة على أنها أكثر مدن اليمن أمنا واستقرارا.
وذكرت المفوضية انه كان من المقرر تسليم مساعدات الى النازحين هذا الاسبوع، الا ان المعارك في عدن دفعتها الى "تأجيل عملية التسليم"، مشيرة الى انها عاجزة عن اخراج المساعدات من ميناء المدينة.
من جهته، قال مكتب منسق الشؤون الانسانية التابع للامم المتحدة في بيان ان موظفي الاغاثة الدوليين يعملون مدة نصف نهار بسبب الاوضاع في المدينة، وانهم ياملون معاودة اعمالهم الاعتيادية "في وقت قريب اذا استمر الهدوء".
واضاف انه لا توجد حاليا اي طائرة وسفينة مساعدات قادرة على بلوغ عدن.
وفي الكويت، قال نائب وزير الخارجية خالد الجار الله ان تدهور الاوضاع في اليمن دفع بلاده الى تجميد برامج التنمية التي خصصتها لليمن. واوضح خلال ندوة نظمتها غرفة التجارة والصناعة "ستتم معاودة العمل بهذه البرامج حال استقرار الاوضاع".
وكانت الكويت وفق الجار الله قد التزمت بتقديم 100 مليون دولار كمساعدات انسانية واغاثية عبر منظمات الامم المتحدة، كما التزمت ببرامج تنموية عبر "الصندوق الكويتي للتنمية" بما لا يزيد عن 400 مليون دولار لتمويل عدد من المشاريع التنموية.