استعادة المكلا شكلت منعطفا في المواجهة ضد القاعدة باليمن
محاربة الإرهاب في اليمن، ومنع جماعاته من استغلال حالة عدم الاستقرار في البلد لإيجاد ملاذ لها على أراضيه، مهمّة أساسية للتحالف العربي لا تقلّ حيوية عن مواجهة ميليشيا الحوثي، وقد قطع أشواطا في إنجازها بمنعه تمركز تنظيم القاعدة في جنوب اليمن وشرقه.
تبرز المواجهات المتكرّرة التي تندلع بين حين وآخر في مناطق بجنوب اليمن وشرقه بين القوات اليمنية وعناصر تنظيم القاعدة، محاولات التنظيمات المتشدّدة لاستغلال حالة عدم الاستقرار لتركيز موطئ قدم لها في البلد ذي الموقع الاستراتيجي المهم للمنطقة والعالم، كونه يقع بجوار منطقة الخليج العربي الغنية والمستقرّة، ويشرف على ممرّ بحري تمرّ عبره يوميا كميات كبيرة من النفط نحو الأسواق العالمية.
لكنّ تلك الاشتباكات، تلفت النظر في ذات الوقت إلى دور التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية وجهوده في محاربة الإرهاب ومنع تمركز جماعاته في اليمن، بالتوازي مع جهود محاربة المتمرّدين الحوثيين الموالين لإيران واستعادة مناطق البلاد التي استولوا عليها بقوّة السلاح، ذلك أنّ القوات اليمنية التي تواجه تنظيم القاعدة في المناطق اليمنية بكفاءة، ليست سوى نخب عسكرية اضطلعت دولة الإمارات العربية المتحدة، في نطاق مشاركتها ضمن التحالف العربي، بتدريبها وتسليحها، فضلا عن تقديم الدعم الميداني لها أثناء مواجهاتها ضدّ مسلّحي القاعدة.
وأكدت مصادر محلية يمنية، الأربعاء، استعادة قوات يمنية لمناطق كانت خاضعة لسيطرة تنظيم القاعدة بمحافظة شبوة شرقي اليمن.
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن ذات المصادر قولها إن قوات النخبة الشبوانية سيطرت على وادي يشبم بشكل كامل وأجزاء واسعة من مديرية الصعيد، وهي مناطق كانت تنشط بها عناصر تنظيم القاعدة بشكل كبير.
وأضافت المصادر أن عناصر القاعدة انسحبوا من تلك المناطق باتجاه الجبال المحيطة، في حين لا تزال عملية تطهير المديرية مستمرة.
وكانت قوات النخبة الشبوانية قد سيطرت قبل نحو شهر على مديرية عزان في ذات المحافظة، بعد طرد عناصر تنظيم القاعدة منها.
وفي ذات سياق المواجهة مع الإرهاب، دارت الأربعاء، اشتباكات عنيفة بين قوات النخبة الحضرمية ومسلّحين من القاعدة هاجموا معسكر بضة بمديرية دوعن في محافظة حضرموت شرقي اليمن.
وأوضح مسؤول محلّي نقلت عنه وكالة الأناضول دون التصريح باسمه بناء على طلبه، أن الاشتباكات كانت عنيفة واستخدمت فيها قذائف الآر بي جي والدوشكا، مشيرا إلى إصابة جنديين. وقال إنّ آثار الدماء والأشلاء التي تركها مسلحو القاعدة، تؤكد سقوط قتلى وجرحى في صفوفهم.
والثلاثاء، تمكنت قوات النخبة الحضرمية من تفكيك عبوات ناسفة وقذائف مدفعية، في الخط الرابط بين مديريتي دوعن والضليعة.
وكان الجيش اليمني قد أعلن في مايو الماضي حالة الطوارئ ومنع التجوال في دوعن بالتزامن مع وصول تعزيزات عسكرية كبيرة من قوات النخبة الحضرمية، عقب تزايد تحركات مسلحي القاعدة، وشنهم هجمات على مقارّ القوات العسكرية والأمنية.
ومنذ تحرير النخبة الحضرمية، مدينة المكلا مركز محافظة حضرموت في أبريل 2016، من القاعدة، نشط التنظيم في مديريتي دوعن والضليعة الواقعتين غرب المحافظة.
والنخبة الحضرمية، قوات عسكرية مدعومة من دولة الإمارات تشكلت عام 2015، وتم تدريبها في معسكرات للتحالف العربي، وينتمي أفرادها إلى أبناء محافظة حضرموت.
وفي محافظة شبوة المجاورة لحضرموت، انتشرت، الأربعاء، قوات من النخبة الشبوانية في مديرية الصعيد، بحسب مسؤول محلي.
وقال شاهد عيان إن تلك القوات “انتشرت في المديرية بشكل مكثف، ونشرت نقاط تفتيش في عدة أماكن”. وأضاف أن “الهدف من الانتشار هو تأمين المديرية، التي كانت تعرف سابقا أنها أحد معاقل تنظيم القاعدة في المحافظة”.
وأوضح أن الأفراد الذين انتشروا في المديرية تم تدريبهم منذ أشهر بدعم كبير من الإمارات.
وتشكلت قوات النخبة الشبوانية، وهي قوات يمنية خاصة، من قبائل محافظة شبوة منذ أكثر من عام بدعم وتأهيل من قبل القوات الإماراتية كي تستلم الملف الأمني والعسكري في المحافظة.
ويؤكّد خبراء أمنيون نجاعة فكرة تأسيس النخب العسكرية المحلية في محاربة الإرهاب في اليمن، كون تلك القوات الخاصة تتشكّل من أبناء المناطق ذوي الدراية الواسعة بشؤون مناطقهم والمعنيين مباشرة بحفظ الأمن فيها والحفاظ على أرزاق وأرواح أهاليهم.
وتكتسي الحرب على التنظيمات المتشدّدة في اليمن أهمية قصوى، ليس لدول المنطقة فقط، بل أيضا لدول العالم وقواه الكبرى، ما يفسّر مشاركة الولايات المتحدة في تلك الحرب.
وأعلن الأربعاء عن مقتل ثلاثة من عناصر تنظيم القاعدة في قصف بطائرة أميركية دون طيار لسيارة كانت تقلّهم في مديرية الصومعة بمحافظة البيضاء وسط اليمن، بحسب شهادة شيخ قبلي من المنطقة.
وترى واشنطن في الفرع اليمني من تنظيم القاعدة الذي ينشط تحت مسمى “تنظيم القاعدة في جزيرة العرب” خطرا على أمنها، وتنخرط في الحرب عليه من خلال ضربات انتقائية بطائرات دون طيار تستهدف بشكل أساسي عناصر توصف بالقيادية في التنظيم.
وكانت جهود التحالف العربي قد أحبطت مخطّطا لتنظيم القاعدة للتمركز بشرق اليمن وتأسيس “إمارة” له هناك انطلاقا من مدينة المكلاّ مركز محافظة حضرموت والتي استعيدت من التنظيم في ربيع العام الماضي بعد سيطرته عليها طيلة قرابة السنة إثر عملية عسكرية نوعية شاركت فيها القوات الإماراتية جنبا إلى جنب القوات المحلية.