قصص الغرام وفضائح الرؤساء لم تعد حبيسة الأدراج

الاثنين 30 نوفمبر -1 12:00 ص
قصص الغرام وفضائح الرؤساء لم تعد حبيسة الأدراج

نار الغضب تشتعل في البيت الأبيض بسبب ما يتردد عن ترامب بأنه 'غير المؤهل' ليكون رئيسا

جنوب العرب - جنوب العرب - واشنطن

“ووتر غيب، مونيكا لوينكسي، ترامب”، هذه الأسماء هي أول ما يتبادر إلى الذهن عندما يُسأل أحدهم عن فضائح الرؤساء في البيت الأبيض. لكنّ المؤرخين يكشفون أن قائمة الفضائح أطول من ذلك بكثير ولم يخل تاريخ أي رئيس من فضيحة جنسية كانت أو سياسية مشيرين إلى أن الفضائح كانت دائما موجودة لدى الطبقة السياسية لكن تفاصيلها نادرا ما تتسرب من بين أبواب البيت الأبيض خصوصا حينما يكون الرئيس المعني مازال في الحكم، ولم يتم ذلك إلا في بعض الحالات مثل فضيحة التنصت، ووتر غيت في عهد نيكسون، وإيران غيت التي كشفت تفاصيلها الصحافة اللبنانية سنة 1986، وهزت هذه الفضيحة إدارة ريغان هزة عنيفة، وظلت قضية لوينكسي وبيل كلينتون الأشهر إلى أن جاء دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في شتاء 2017 ليهزه بفضائح وأزمات وتعقيدات تشكل محورا رئيسيا لأحاديث وتغريدات شبكات التواصل الاجتماعي والصحافة التي تتابع يوما بيوم ولحظة بلحظة تفاصيل ما يجري في البيت الأبيض وتصرفات ترامب الذي يتهمه الكثيرون بعدم الأهلية، وهي الفكرة التي ارتكز عليها مايكل وولف مؤلف كتاب نار وغضب: داخل بيت ترامب الأبيض، وهو كتاب مثير للجدل صدر بمناسبة الذكرى الأولى لوصول ترامب إلى الحكم ويرسم صورة قاتمة عن “إدارة يسخر أفراد فيها من رئيس يعتبرونه غير مستقر وعديم الخبرة وغير قادر على قيادة البلاد”.

 بدأ مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) تحقيقا حول أنشطة مؤسسة الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون وسط ضغوط من الرئيس دونالد ترامب ومزاعم فساد أطلقها نواب جمهوريون، في خطوة تأتي بضجيج فضائح أخرى لا تقل أهمية، بل إن البعض وصفها بـ”القنبلة” التي قد تتسبب في “طرد” ترامب خارج البيت الأبيض.

يتعلق الأمر بكتاب مايكل وولف الذي صدر الجمعة الماضي، رغم اعتراض ترامب وتهديد إدارته بوقف نشره. وحمل الكتاب عنوان “نار وغضب: داخل بيت ترامب الأبيض”. ويصور وضعا فوضويا في البيت الأبيض ورئيسا لم يكن مستعدا كما ينبغي للفوز بالمنصب عام 2016 ومساعدين يسخرون من قدراته.

الزمن تغير

انتقدت إدارة ترامب الكتاب وقالت إنه “مليء بالأكاذيب”، ووصف ترامب كاتبه بـ”الخيالي”. كان من الممكن أن يلقى ترامب آذانا صاغية ويقنع الناس بأن ما جاء في الكتاب غير واقعي، لو صدر في زمن ماض حيث لا تغريدات تويتر ولا متابعات فيسبوك وغيره من وسائل التواصل الاجتماعي التي تنقل بشكل مباشر كل ما يجري وتؤرخ في لحظة لتفاصيل فضيحة ما.

قال الموقع الإخباري الإلكتروني ذي هيل، المهتم بتغطية شؤون الكونغرس، ومحطة سي إن إن وصحيفة نيويورك تايمز إن محققي وزارة العدل يفحصون أمورا متعلقة بتبرعات تلقتها مؤسسة كلينتون مقابل خدمات سياسية فيما كانت زوجة الرئيس الأسبق تشغل منصب وزيرة الخارجية الأميركية بين عامي 2009 و2013.

وأشارت صحيفة نيويورك تايمز في مقال نشر عام 2015، إلى أن وزارة الخارجية الأميركية التي كانت تقودها هيلاري كلينتون في ذلك الوقت أعطت إلى جانب وزارات أخرى موافقتها على أن تقوم شركة “روزاتوم” الروسية بشراء شركة “يورانيوم وأن” الكندية التي كان بعض المساهمين فيها من المانحين الرئيسيين لمؤسسة كلينتون. غير أن أوساط كلينتون نددت وقتذاك باتهامات لا أساس لها.

وردت مؤسسة كلينتون قائلة إنها أثبتت بالفعل أن هذه المزاعم خاطئة. وصرح الناطق باسم المؤسسة كريغ ميناسيان في بيان أن “مرة تلو الأخرى، تتعرض مؤسسة كلينتون لمزاعم ذات دوافع سياسية. ومرة تلو الأخرى ثبت أن هذه المزاعم خاطئة. (لكن) أيّا من هذا لم يجعلنا نتردد في مهمتنا لمساعدة الناس“.

الفرق بين عهد ريتشارد نيكسون مثلا وهيلاري كلينتون، أنه لم يكن في عهد نيكسون من الممكن الوصول بسهولة إلى الرسائل والوثائق الخاصة للرئيس مثلما هو الحال في عصر كلينتون حيث يمكن اختراق الحسابات الشخصية والرسمية للرؤساء وتسريب أدق التفاصيل والمعلومات

وعلى غرار رد ترامب على كتاب وولف، كان يمكن لدفاع هيلاري كلينتون أن يكون مقنعا وأن تتدارك وزيرة الخارجية الأميركية السابقة ومنافسة ترامب خلال انتخابات الرئاسة فضيحة البريد الإلكتروني التي كانت أحد الأسباب المؤثرة عليها سلبا في الحملة الانتخابية.

لكن، الفرق بين عهد ريتشارد نيكسون مثلا، صاحب فضيحة ووتر غيت، وهيلاري كلينتون، أنه لم يكن من الممكن الوصول بسهولة إلى الرسائل والوثائق الخاصة، مثلما هو الحال مع عصر البريد الإلكتروني، حيث يمكن اختراق الحسابات الشخصية والرسمية للرؤساء وتسريب أدق التفاصيل والمعلومات.

وتعدد الفاعلون في هذا المجال، فالأمر لم يعد يحتاج إلى أن يختلف الرئيس مع جهة سيادية ما، المخابرات مثلا، أو دولة أخرى، حتى يتم فضحه، بل بكبسة زر من قرصان هاو أو بمجرد كتابة معلومة على فيبسوك يتم إعادة تدويرها على الملايين من الأشخاص في دقائق معدودة، أو تغريدة يغرّد بها رئيس مثل ترامب في منتصف الليل، حتى يصبح كل العالم على اطلاع بتلك القضية أو الفضيحة.

اليوم، أي معلومة تخرج لا يمكن إخفاؤها بعد ذلك، بينما في الماضي قصص الغرام والفضائح الجنسية والسياسية، كانت في الكثير من الأحيان تظل حبيسة الأدراج. ويقدم مايكل وينس أمثلة على ذلك، في تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز، حول فضائح زعماء الولايات المتحدة مشيرا إلى أن ما وصل العالم من قصص عن الرئيس جون كيندي الشيء اليسير، وأن وسائل الإعلام الأميركية التمست له الأعذار.

وتعد قصة كيندي مع الممثلة مارلين مونرو الأشهر، لكن لم تأخذ القصة صدى مدويا إلا بعد أن ذكرت مونرو في مذكراتها أنها كانت متيمة به، فضلا عن علاقاته مع منظفات البيت الأبيض ومضيفات الطيران وفتيات الليل. وقد عثر على الممثلة الأشهر في هوليوود ميتة، فيما اعترف ضابط سابق بأنه نفذ جريمة قتلها بناء على أوامر من وكالة الاستخبارات المركزية لأنها شكلت خطرا على الأمن القومي بسبب علاقتها بالرئيس كيندي والخوف من أن تعمل كجاسوسة ضد البلاد.

هل كانت علاقة كيندي ومونرو ستنجح في أن تبقى سرية لمدة يوم واحد في عصر اقتحمت فيه الطائرات دون طيار عالم التصوير والصحافة والباراتزي؟ وهل كان صوت سالي همينغز الخادمة التي جمعتها علاقة بتوماس جفيرسون، أحد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة، والكاتب الرئيسي إعلان الاستقلال (1776) وثالث رئيس للولايات المتحدة (1801–1809)، وأنجب منها ستة أطفال رفض الاعتراف بهم سيبقى مكتوما في البيت الأبيض في عصر الثورة ضد التحرش الجنسي.

وعند الحديث عن هذا الموضوع تظهر مباشرة فضيحة بيل كلينتون والمتدربة في البيت الأبيض مونيكا لونيكسي في عام 1998، وأقيل بسبب هذه الفضيحة من قبل مجلس النواب الأميركي في 19 ديسمبر عام 1998.

تغير مصدر المعلومة

تطول قائمة الفضائح الجنسية للرؤساء وكبار المسؤولين في البيت الأبيض، ولم يسلم منها حتى الرئيس السابق باراك أوباما الذي تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي إشاعة علاقته بالمغنية بيونسي وذلك بناء على صورة جمعته معها في إحدى المناسبات، فيما يبقى تاريخ دونالد ترامب الأكثر إثارة في هذا الملف، وهو ولئن لن يسبب ذلك له مصيرا مشابها لبيل كلينتون فإن عموم مواقفه السياسية وقراراته وتغريداته، قد يكون لها أكثر كبير في تحديد مصيره.

وانكشفت أغلب القصص العاطفية لعدم حرص العنصر النسائي فيها على سرية العلاقة، أما الفضائح السياسية فلا تقل إثارة من ذلك فضيحة “تي بوت دوم”، التي تعود إلى فترة حكم وارن جي. هاردينغ، الرئيس الـ29 للولايات المتحدة (1921 – 1923).

وتي بوت دوم هو حقل وكان مخصصا فقط للاستخدام في حالات الطوارئ من قبل البحرية الأميركية عند تقلص إمدادات النفط العادية قام هاردينغ باستغلاله عن طريق نقل سلطة احتياطات النفط إلى وزير الداخلية ألبرت باء فال الذي قام بتأجير النفط لمؤسسة ماموث أويل، كما قام بتأجير كل مصادر النفط الاحتياطية لإدوارد دوهيني مقابل قروض شخصية دون أي فوائد.

وانطوت هذه العمليات على استغلال ألبرت لمنصبه في تحقيق مصالح شخصية ورشاوى وصلت قيمتها إلى 100 ألف دولار أميركي. وظل هاردينغ طوال حياته واحدا من أكثر الرؤساء شعبية، ولم تكشف الفضائح التي وقعت تحت إدارته، إلا بعد وفاته ما جعل المؤرخين يصنفونه كأحد أسوأ الرؤساء في تاريخ البلاد، ولا ينافسه على اللقب إلا يوليسيس غرانت، الرئيس الـ18 للولايات المتحدة الأميركية (1877-1869)، وعرفت فترته بـ”فضيحة الويسكي” وأصبح واحدا من الرؤساء الأكثر فسادا في التاريخ بسبب تلك الفضيحة، حيث تورط أعضاء من الحكومة في عام 1875 والسكرتير الخاص للرئيس في تجارة الويسكي والتهرب من دفع الضرائب وقضايا رشاوى.

وليس ترامب أول رئيس أميركي يتهم بالمحسوبية وتعيين أفراد من عائلته ومقربين له في الحكومة، فقد سبقه إلى ذلك أندرو جاكسون، الرئيس الـ7 للولايات المتحدة الأميركية (1829 - 1837)، الذي اتهم بالتحيز لوزير الحرب في حكومته جون هنري إيون في قضية انتحار زوج عشيقته، وأيضا لاحقت جيمي كارتر، الرئيس الـ39 للولايات المتحدة الأميركية (1977 – 1981)، فضيحة تعيين صديقه بيرت لانس مديرا لمكتب الإدارة والميزانية، واتهم لانس بالاحتيال، واستقال من منصبه.

الفضائح كانت دائما موجودة في الطبقة السياسية في أميركا، منذ أول رئيس في البيت الأبيض، وكما يقول الصحافي الأميركي “فيسلي هجفيد” مؤلف كتاب “الجنس الرئاسي. عشيقات المؤسسين حتى بيل كلينتون”، فإن سجل نزوات رجال السياسة والأمن في الولايات المتحدة مكتظ بالفضائح. ويجد المتصفح للبيانات الرئاسية الأميركية والمعلومات المتعلقة بالرؤساء كمية كبيرة من الأنباء الطريفة والغريبة بل والمدهشة والتي لم يكن من السهل الاطلاع عليها لولا ثورة المعلومات والتطور التقني الذي ساهم في سرعة نشر المعلومة/الفضيحة مهما كانت طبيعتها ومصدرها ومكانها؛ فلولا تلك الثورة ربما لظلت أسرار سجن أبوغريب في العراق كأسرار حرب فيتنام لم تخرج إلا بعد سنوات كثيرة.

بفضل ثورة الإعلام والتواصل انتشرت صور تعذيب المساجين على يد جنود الجيش الأميركي في سجن أبوغريب، وهذه الصور ولئن لم تؤثر كثيرا على ولاية بوش الابن وأثرت أكثر في وزير الدفاع دونالد رامسفيلد إلا أنها صدمت العالم في ما تروجه أميركا من مزاعم بخصوص القيم وحقوق الإنسان وهي صورة تتأثر يوما بعد يوم نتيجة سياسات رؤسائها، فأوباما الذي سلم من الفضائح الجنسية إلا أن سجله لم يكن نظيفا، فمنذ أيام قليلة تناقل العالم فضيحة صفقة “حماية الاتجار بالمخدرات مقابل الاتفاق النووي” مع إيران وحزب الله.

لكل رئيس فضيحة

تكشف الوثائق التي حصلت عليها مجلة بوليتكو الأميركية أن الرئيس الأميركي السابق تعمّد التغاضي عن أنشطة إيران وحزب الله في تجارة المخدرات وتبييض الأموال في مختلف أنحاء العالم وحتى داخل الولايات المتحدة مقابل موافقة الإيرانيين على توقيع الاتفاق النووي.

ويرى مراقبون أن نشر هذه التفاصيل تأخر كثيرا وكان من الممكن أن تتوضح تفاصيل هذه القضية منذ أن كان أوباما في الحكم.

ويضيفون أن هذا السجل الطويل من الفضائح يعد أحد الأسباب الرئيسية التي تدفع الأميركيين اليوم إلى شراء كتاب مايكل وولف الذي نفدت نسخه بشكل قياسي من عدة مكتبات أميركية بعد أقل من يوم واحد من طرحه في السوق. فلم يعد الناس يرغبون في انتظار أن يموت الرئيس أو تنتهي ولايته حتى يعرفون فضائحه، هم يتطعلون اليوم إلى معرفة حقيقة الرئيس الذي يجمع الكثيرون داخل الولايات المتحدة وخارجها على أنه غير مؤهّل لرئاسة الولايات المتحدة.

يقول مايكل وولف إن الكتاب وضح للجميع أن ترامب “لا يستطيع أداء مهمته” وهذا هو إطار الاعتقاد والإدراك الذي “سيؤدي في نهاية المطاف إلى انتهاء… هذه الرئاسة”. ويبدو أن الأهلية العقلية لترامب لم تعد من المحرمات داخل الكونغرس كما كان الأمر في السابق في ظل تصرفات ترامب وتغريداته.

وقام نحو عشرة نواب ديمقراطيين مع جمهوري واحد باستشارة طبيبة نفسية من جامعة ييل في ديسمبر الماضي حول حالة ترامب العقلية. تقدم ممثل النائب الديمقراطي آل غرين بطلب سحب الثقة من الرئيس ترامب، قائلا “إنّ دونالد جون ترامب جلب بتصريحاته الازدراء والسخرية والعار لمنصب رئيس الولايات المتحدة الأميركية، وزرع الخلاف بين طوائف الشعب الأميركي؛ وبهذا يثبت أنه غير قادر على أن يكون الرئيس”.

وكان السناتور الجمهوري جون ماكين وصف قبل فترة ترامب بأنه “متهور وغير مطلع”، في حين يؤكد الخبراء أن خطر ترامب يكمن في سياسته الخارجية أكثر من الداخلية. فقراراته على الصعيد الخارجي تهدد أمن العالم، وهي التي تحدد أهليته لرئاسة القوى العظمى، لا فضائحه الجنسية وهي أمر يفتخر به ترامب ولا تقلقه الأحاديث عنها كثيرا.

التعليقات

ملفات ساخنة

الاثنين 30 نوفمبر -1 12:00 ص

 أوقفت فرقة أمنية مختصة عددا من القياديين في جبهة الإنقاذ الإسلامية المنحلة، وذلك في أعقاب بيان منسوب لما يعرف بمجلس إطارات الجبهة الإسلامية للإن...

الاثنين 30 نوفمبر -1 12:00 ص

برز ملف فاغنر في ليبيا مؤخرا بشكل بارز عقب اندلاع المواجهات المسلحة في السودان، والمخاوف من انتقالها إلى الجنوب الليبي. ومع مقتل زعيم فاغنر يفغيني بري...

الاثنين 30 نوفمبر -1 12:00 ص

تسعى الصين إلى توسيع نفوذها الأمني في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، متخفية تحت غطاء الشركات الأمنية الصينية الموجهة لحماية رعايا بكين في المنطقة، مستفيد...

الأكثر قراءة

كاريكاتير

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر