شبة النار فاكهة جلسات السمر في شتاء السعودية

الأحد 24 ديسمبر 2017 4:12 م
'شبة النار' فاكهة جلسات السمر في شتاء السعودية

في انتظار الضيوف

جنوب العرب - جنوب العرب - الرياض

يحرص أهالي الجزيرة العربية طيلة فصل الشتاء على إشعال الحطب في “المشب” الذي يتصدر مجالس السعوديين، ومنهم من يعد بيوت الشعر للتخييم في هذا الفصل البارد، فيجتمع الحضور حول “شبة النار” التي تمنح المكان الدفء، وتحلو معها أحاديث الذكريات والجميع يحتسون القهوة والمشروبات الساخنة الأخرى كالشاي المعتّق والزنجبيل والكرك.

وعرفت شبة النار منذ القدم رمزا للكرم والسخاء عند العرب، ويطلق عليها بالعامية “شبة الضو” ولها شعور جميل يسكن الروح التي تتنفس النسمة الدافئة لتلهب معها قريحة الجالسين، فينثرون في المكان شعرا يتدفق من أحاسيس ارتوت بالدفء المتغلغل في شرايين الجسم البارد، ويزدان السهر مع “شبة الضو” في دجى الليل البارد.

يقول حمد الفهيدان “تعتبر شبة النار منذ القدم رمزا للكرم والسخاء عند العرب، كما أن النار وإيقادها في حد ذاتها إشارة إلى الترحاب بالضيوف والزوار، ويتجسد ذلك عندما كان المسافرون يسيرون ليلا، وعندما يرون نارا يتجهون إليها”.

ويقول تركي الدوسري إن شبة النار إرث قديم معروف في جميع مناطق المملكة، ويستقبل صاحب الدار ضيوفه حولها كرمز من رموز الضيافة العربية الأصيلة، حيث يعمد الكثير من الناس إلى إعداد القهوة عليها، وتقديم الطيب من على جمرها. وشبة النار هي متعة الشتاء.

ومن جانبه، أوضح محمد آل ملحان أنهم حتى الثلث الأخير من شهر مارس لا تنطفئ النار لديهم كل مساء، بل وحتى في الصباح خلال إجازة نهاية الأسبوع، ويجهزون حالهم مبكرا لهذه الفترة من خلال إحضار المشب وتوفير حطب السمر والفحم.

وللشباب علاقة أخرى مع شبة النار، إذ يقول مبارك اللويمي إنه يحرص وأصحابه على قضاء الجلسة حول شبة النار، ويأنسون بها والحديث حولها، ويحتسون القهوة والشاي والزنجبيل، كما يعمدون إلى إعداد الكستناء والذرة على جمرها الذي يتوفر بكثرة في فصل الشتاء.

أما غانم الدوسري فقد أكد أن النار في الشتاء لا غنى لهم عنها، كونها بداية من المسلمات في التدفئة، ولما تمثله من أهمية لأبناء المملكة من صورة نمطية للكرم والضيافة، خاصة حينما تصحبها قرقعة فناجين القهوة وأصوات دق النجر ورائحة العود الأزرق. ولحطب شبة النار مواصفاته حسبما أفاد الشاب محمد آل مهنا، الذي قال إن حطب شبة النار يجب أن يكون يابسا جديدا لا تنبعث منه الأدخنة والروائح غير الطيبة.

وأشار إلى أن أهالي وادي الدواسر وحائل والقصيم كانوا يستخدمون في الماضي حطب الغضا لأنه متوفر في هذه المناطق، وهناك من يستخدم حطب الأرطاء وآخرون يستخدمون القرض، لكن الغالبية كما يقول يستخدمون حطب السم الذي بيّن أن الجيد منه يجب أن تكون قشرته يابسة ونظيفة من النخور، وألا يكون رطبا ولا أخضر، وكلما كان العود مستديرا كلما كان لهب النار أسرع في الإيقاد وأقل دخانا.

تعلق الناس بهذه العادة والطقوس ساهم في الاستغلال البشع لتجار الحطب لرغبات الناس المتزايدة، وساهم من جانب آخر في اكتساح المتاجرين به والجامعين له لرقعة واسعة من الأشجار في جهات البر المختلفة.

ويقول سلمان الصوينع مدير عام الإدارة العامة لشؤون الزراعة بمنطقة القصيم، “لاحظنا في السنوات الأخيرة عبث العابثين دون مبالاة في الاحتطاب والتعدي على الأودية، ولاحظنا أن هناك أشجارا معمرة من عشرات السنين، يأتي من يعبث بها ويدمرها خلال دقائق معدودة، وهي بلا شك ملاذ الإنسان للظل ويستفيد منها الطير والحيوان ويستفاد منها بالبيئة الاجتماعية والتنموية”.

ويضيف “لدينا في منطقة القصيم توجه منذ فترة للحد من العابثين ومنع بيع الحطب بالأسواق وتشكيل فرق رقابية لتطبيق النظام الصارم على العابثين والبائعين بالأسواق؛ حيث وجود البديل للحطب كالفحم والحطب المستورد فهو متوفر بالأسواق بأسعار أرخص وخفيف النقل”.

وينصح عشاق شبة النار بالابتعاد عن شراء أنواع حطب السمر والأرطاء؛ لأنها فرصة للبائعين، فمتى ما وجدت سوق رائجة سيقوم المخالفون بالعبث والاستفادة من الأشجار لبيعها.

ويمثل الشتاء فرصة جيدة عند الغالبية العظمى من أبناء المملكة لاكتشاف تضاريس البلاد المترامية أطرافها رغم بردها القارس، فلا طقس يبقيهم في منازلهم، يشكون شدة الحر ويفرون إلى المنتجعات غربا وجبل جاكرتا الأخضر، أما شتاء فمنتجعاتهم ليست بعيدة مع شبة النار.

ويقول أحمد السليم “شبة النار تلعب دورا مهما في الرحلات والاجتماعات في الديوانيات والمجالس المنزلية”.ويستعد السعوديون إلى رحلات الشتاء بتحضير خيامهم وما يلزمها من أحسن التجهيزات والمعدات.

ويقول عبدالعزيز السدحان أحد هواة القنص والرحلات البرية، إن ثلاثين عاما من تجربة تلك الأجواء المفعمة بمعانقة الطبيعة والاستمتاع بأجوائها تجعل من العسير عليك كشخص اعتاد مثل هذه الأجواء الانفصال عنها إلى حياة المدن الصاخبة والمعاصرة، خصوصا حين يتعلق الأمر بعادة التدفئة بالنار بدلا من المدفأة الكهربائية، وحيث الطبيعة التي لا يمكن تقليدها عبر الوسائل الحديثة.

وراج بناء مجموعة من الخيام وبيوت الشعر في المنتجعات الصحراوية بكامل تجهيزاتها وتأجيرها للأفراد والعائلات التي ترغب في ذلك. وفي كل موسم شتاء تحذر وزارة الصحة من مخاطر إشعال النار لغرض التدفئة، “‏شبة النار هي فاكهة الشتاء، ولكن احذر أن تنقلب إلى نقمة”.

وتشرح الوزارة أعراض التضرر من التعرض لغاز أول أكسيد الكربون الذي يتصاعد من الخشب والفحم، والتي تتمثل في الصداع والدوار والغثيان والتقيؤ وآلام الصدر وفقدان الوعي، مؤكدة أنه قد يسبب الوفاة دون أعراض مسبقة.

كما تقدم طريقة إسعاف المصاب مؤكدة ضرورة إبعاده عن مصدر الغاز والاتصال بالإسعاف، ومشددة على ضرورة وجود منفذ لخروج الدخان لتفادي خطورة التسمم بالغاز.

التعليقات

تقارير

الأحد 24 ديسمبر 2017 4:12 م

تواصل معركة حقوق المعلمين في حضرموت تصعيدها، حيث تظاهر العشرات من المعلمين والمعلمات صباح اليوم الأحد 21 أبريل في مدينة المكلا بساحل حضرموت، منددين بس...

الأحد 24 ديسمبر 2017 4:12 م

في قرار صادم ومثير للجدل، أصدرت محكمة المنصورة الابتدائية حكماً بالإفراج عن حاوية أدوية مخزنة بطريقة غير صحية، معرضة حياة المواطنين للخطر.  الحا...

الأحد 24 ديسمبر 2017 4:12 م

في أجواء عيد الفطر المبارك، تألقت قوات الطوارئ والدعم الأمني في عدن وسطرت ملحمةً من الأمان بكل عزيمة وإخلاص تواجدت هذه القوات في كل زاوية من العاصمة،...

الأكثر قراءة

كاريكاتير

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر